بعد سنوات من التأجيل أعلنت شركة أرامكو السعودية -التي تعد أكبر منتج للنفط في العالم وأكثر الشركات ربحية في هذا القطاع- عزمها المضي قدما في عملية الطرح العام الأولي لأسهمها بالبورصة السعودية.

لكن الشركة لا تزال أمامها عقبة مهمة لم تتجاوزها بعد، وتحتاج إلى توضيحها لإنجاح هذه العملية، وهي البت في مسألة قيمتها المالية، وفق ما تقول الكاتبة سفيتانا باراسكوفا في مقال نشره موقع “أويل برايس” الأميركي المتخصص في شؤون الطاقة.

 

طرح الاكتتاب العام

تذكر الكاتبة أن أرامكو السعودية سوف تنشر هذا الأسبوع إعلانها بشأن عملية الطرح العام الأولي لأسهمها، وبالتحديد يوم التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وسيتم هذا الطرح في السوق المالية السعودية (تداول) في وقت غير محدد من شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل.

وتعتبر باراسكوفا أن هذه النية المتجهة نحو طرح أرامكو للاكتتاب العام تعد خطوة مهمة بالنسبة لهذه الشركة وللقيادة السعودية، بعد سنوات من التأخير الذي صاحب أكبر عملية اكتتاب في التاريخ، والتي لا تزال تواجه إلى الآن عقبات أخرى.

وأوضحت الكاتبة أن ما لم يتم توضيحه في الإعلان الذي صدر عن الشركة هو حجم الجزء الذي ستقوم المملكة السعودية بطرحه من هذه الشركة في سوق المال المحلية، وحجم المداخيل التي تتوقع جنيها.

وتشير إلى أنه جاء في إعلان الشركة أن السعر الذي سيشتري به المستثمرون الأسهم وهو سعر العرض النهائي إلى جانب عدد الأسهم التي سيتم بيعها ونسبتها من كامل الشركة كلها أمور سيتم تحديدها خلال الفترة المقبلة.

كما نبهت إلى أن هذه العملية رغم أنها ستكون الأكبر من نوعها فإن القيمة الفعلية لعملاق النفط العالمي -الذي ينتج يوميا واحدا من كل ثمانية براميل في العالم- لا يزال يلفها الغموض.

 

تحديد القيمة المالية

والنقطة العالقة التي تسببت في كل هذا التأخير في السنوات الماضية تتعلق بموضوع أكثر تعقيدا من الظروف الدولية المحيطة بالعملية وانخفاض أسعار النفط، وهي بالتحديد المبالغ المالية التي من المنتظر جنيها من عملية الإدراج.

وأشارت الكاتبة إلى أن السعوديين يعتبرون أن قيمة أرامكو تصل إلى تريليوني دولار، إلا أن البنوك المتابعة لهذا الملف تقدم تقديرات بعيدة عن هذه الأرقام، حيث إنها تعتبر أن قيمة الشركة تناهز 1.5 تريليون دولار أو حتى أقل من ذلك إذا كانت المملكة تنوي تحقيق النجاح في جذب المستثمرين الأجانب، ولكن إلى الآن فإن محمد بن سلمان وهذه البنوك لا يزالون متمسكين بمواقفهم.

وأوضحت أن بعض تقارير الخبراء الاقتصاديين أشارت إلى أن المملكة السعودية تنوي من خلال هذه العملية جني مبلغ يصل إلى 60 مليار دولار، في مقابل طرح 3% فقط من أسهم الشركة في السوق المالية المحلية.

هذا الرقم قد يعني أن القيمة الإجمالية للشركة ستصل فعلا إلى تريليوني دولار، وهو الهدف الذي ظل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يروج له منذ أن أعرب لأول مرة عن نيته إدراج بعض الأسهم من أرامكو التي تمثل جوهرة التاج السعودي، وذلك بهدف الحصول على التمويل اللازم للإصلاحات الاقتصادية التي ينوي القيام بها، والتي تهدف في جزء منها إلى تنويع موارد الاقتصاد السعودي بعيدا عن النفط.

وذكرت الكاتبة أن مدراء أرامكو عملوا خلال الأسبوع الماضي على زيارة العديد من البلدان، لإقناع المستثمرين بأن قيمة الشركة تناهز فعلا تريليوني دولار، إلا أن البنوك الدولية المنخرطة في عملية طرح الأسهم تضع هذه القيمة عند 1.5 تريليون دولار أو أقل، وذلك بحسب ما ذكرته وكالة بلومبيرغ الأحد الماضي نقلا عن تقارير أرسلتها هذه البنوك إلى المستثمرين المحتملين.

وأشارت باراسكوفا إلى أن تقديرات البنوك متفاوتة بشكل واضح، إذ إن بنك أميركا على سبيل المثال اعتبر أن قيمة هذه الشركة تتراوح بين 1.22 و2.27 تريليون دولار، أي أن هامش الاختلاف قد يصل إلى تريليون دولار.

لكن محللين اقتصاديين يرون أن نظرة واقعية على قيمة أرامكو تجعلها تتراوح بين 1.2 و1.5 تريليون، ويبدو أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان سيضطر في النهاية إلى القبول بخفض توقعاته.

وأوردت الكاتبة أن أشخاصا مقربين من عملية طرح الأسهم تمكنوا خلال الأيام الماضية من إقناع محمد بن سلمان بخفض توقعاته إلى حدود مبلغ 1.75 تريليون دولار، بعد أن اعتبر أن نجاح عملية الطرح الأولي للأسهم ستكون في حد ذاتها أهم من الحصول على مبلغ تريليوني دولار الذي كان يريده.

والآن بعد أن أصبح السعوديون مستعدين للتسوية فإن البنوك سوف تسعى لجعل قيمة الشركة تتراوح بين 1.6 و1.8 تريليون دولار، بحسب ما أوردته وكالة بلومبيرغ.

وختاما، اعتبرت باراسكوفا أنه في ظل مخاوف المستثمرين الأجانب الحالية من طريقة إدارة أرامكو وتدخل الدولة لإملاء سياسة الشركة ومستوى إنتاجها فإن إنجاح عملية طرح الأسهم يبدو فعلا أكثر أهمية من جمع مليارات الدولارات الإضافية لصندوق الاستثمارات العامة السعودي من أجل تنفيذ الإصلاحات الطموحة لولي العهد.