أرجأ ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان”، زيارة كان من المقرر أن يقوم بها إلى الجزائر، الشهر الماضي، لأسباب لم تعلن بعد.
وكان مخططا أن تكون الجزائر المحطة الأخيرة في جولة “بن سلمان” الأوروبية، والتي شملت اليونان وفرنسا، حيث كان يُتوقَّع أن يقابله الرئيس “عبد المجيد تبون”، الجمعة 29 يوليو/تموز الماضي، في زيارة ستكون الأولى له إلى الجزائر منذ 2018.
وفي الوقت الذي اتفقت التقارير الإعلامية، حول قرار الإرجاء، اختلفت حول الأسباب.
وقالت صحيفة “تاسا” الجزائرية، إن أسباب تأجيل أو إلغاء زيارة “بن سلمان” إلى الجزائر “غير معروفة”، خاصة أن القرار لم يُعلن من مصدر رسمي، لا في الجزائر ولا الرياض.
لكن موقع “أفريكان إنتليجنس”، قال قبل أيام، إن الخلاف السعودي الجزائري حول القضية الفلسطينة وعودة سوريا إلى الجامعة العربية، قد يكون السبب في إرجاء الزيارة.
وقال الموقع إن القضية الفلسطينية كانت ستكون على جدول الأعمال، في ظل مواصلة المملكة السعودية تقديم تنازلات لإسرائيل، لا سيما مع فتح مجالها الجوي أمام الرحلات الجوية الإسرائيلية، لكنها لم تبدأ بعد في تطبيع العلاقات بشكل رسمي.
وتثير هذه التحركات، وفق تقرير الموقع، استياء الجزائر التي اعتبرت تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمغرب “إهانة”.
وعلى رأس القضايا التي كان من المتوقع أن يناقشها البلدان، مسألة إعادة دمج النظام السوري في جامعة الدول العربية؛ حيث السعودية والجزائر على خلاف حول هذه القضية.
ولا يزال السعوديون يعارضون ذلك بشدة في الوقت الحالي، في حين تدعم الجزائر عودة سوريا، وتلفت إلى أن غياب سوريا “يضر بالمساعي العربية المشتركة”.
أما صحيفة “لوفيجارو” الفرنسية، فألمحت إلى أن التوترات التي شهدتها الساعات الأخيرة في زيارة “بن سلمان” في فرنسا، كانت السبب في إرجاء زيارته للجزائر.
ونقلت الصحيفة عن مراسلها “جورج مالبرونوت” قوله إن “زيارة بن سلمان لفرنسا التي تمت لم تكن على ما يرام”، موضحا أنه تأخر أكثر من 30 دقيقة على موعد العشاء مع الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون”.
ولفت إلى أن ولي العهد أجل بعد هذا التوتر زيارته المبرمجة إلى الجزائر.
أما صحيفة “العربي الجديد”، فأشارت في تقرير سابق، إلى أنّ التأجيل يهدف لـ”تحضير أوسع للزيارة وللأهمية التي تكتسيها العلاقات بين البلدين”.
ونقلت الصحيفة عن مصدر (فضّل عدم الكشف عن هويته)، القول إنّ “الزيارة التي كانت مقررة، بحسب الاتصالات التي جرت سابقاً، نهاية يوليو/تموز، وبالضبط في 28 من الشهر الجاري، تم إرجاؤها منذ فترة”.
وأضاف أنّ “التأجيل تقرر قبيل مؤتمر جدة للأمن والتنمية، وبسبب انشغال القصر الملكي في الرياض بالتحضير للقمة واستحقاقات زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى الرياض”، مشيراً إلى أنه “لم يتم تحديد موعد جديد لهذه الزيارة”.
وأضاف نفس المصدر أنّ “التأجيل الذي تزامن مع زيارة بن سلمان إلى باريس، يستهدف أيضاً التحضير الجيد لهذه الزيارة الهامة بالنسبة لكل من الجزائر والسعودية، تجسيداً للأهمية الكبيرة التي توليها قيادة البلدين للعلاقات بين دولتين تلعبان دوراً كبيراً في المنطقة العربية وفي العمل العربي المشترك، خاصة أنّ الجزائر ستحتضن مؤتمر القمة العربية، مطلع نوفمبر/تشرين الثاني المقبل”.
وكان وزير الخارجية السعودي “فيصل بن فرحان”، زار الجزائر في 18 مايو/أيار الماضي، لترتيب زيارة “بن سلمان” إلى الجزائر، رداً على زيارة كان قام بها الرئيس “عبدالمجيد تبون” إلى الرياض في فبراير/شباط 2020، مباشرة بعد تسلمه سدة الحكم بعد الانتخابات، التي كانت جرت في ديسمبر/كانون الأول 2019.
وكان “تبون” اختار أن تكون الرياض أول عاصمة يزورها بعد تسلمه الحكم، تعزيزاً لطبيعة العلاقات بين البلدين، وتأكيداً لمسار تصحيح العلاقات التي تأثرت نسبياً عام 2017، بسبب رفض الجزائر الموافقة على قرار عربي يقضي بتصنيف “حزب الله” اللبناني كـ”تنظيم إرهابي”.
وأعقب الزيارة تطورٌ لافتٌ للعلاقات وتبادل الزيارات لكبار المسؤولين في البلدين.
وخلال زيارته الأخيرة إلى الكويت، قال “تبون” إنّ “أمن السعودية، وقطر والكويت هو جزء من أمن الجزائر”.
وأدانت الجزائر بشدة هجمات الحوثيين ضد المدن السعودية، كما أعلنت قبل أيام دعمها لاحتضان الرياض تظاهرة إكسبو، بينما أعلنت الرياض دعمها لترشح الجزائر لشغل مقعد غير دائم في مجلس الأمن للفترة بين 2024 و2025.
وسبق لـ”بن سلمان” أن زار الجزائر في ديسمبر/كانون الأول 2018، لم يتمكن خلالها من مقابلة الرئيس الجزائري حينها “عبدالعزيز بوتفليقة”.
وحينها قالت الرئاسة الجزائرية إنّ “بوتفليقة” لن يتمكن من استقبال بن سلمان بسب إصابته بأنفلونزا حادة، ما أثار جدلا سياسيا كبيرا حول حقيقة هذا السبب.