تبدأ يوم الخميس فعاليات مهرجان “ساوندستورم” الموسيقي الذي تستضفه السعودية للعام الرابع على التوالي منذ انطلاقه في الدولة الخليجية عام 2019.

ووفق موقع “سي إن إن” فإن الحفل الموسيقي يعد الأكثر صخبا في العالم، حيث استقبل 730 ألف شخص في العام الماضي.

يأتي ذلك في الوقت شهد فيه مهرجان Electric Daisy Carnival الذي يعقد بمدنية لاس فيجاس الأمريكية، ويُعد أكبر مهرجان للموسيقى الراقصة في أمريكا الشمالية، حضور أكثر من 400 ألف شخص بقليل، هذا العام.

على مدار 3 أيام كل شتاء، ينزل مئات الآلاف من الأشخاص من جميع أنحاء السعودية ومنطقة الشرق الأوسط إلى موقع صحراوي خارج العاصمة الرياض للاستماع إلى بعض أهم الأعمال الغربية والعربية التي تعزف بالمهرجان.

وتساءلت الشبكة الأمريكية عن السبب الذي يدفع المملكة التي كانت تشتهر بكونها مهد الإسلام إلى استضافة هذا الحدث الموسيقي الصاخب الذي لم يتصور أحد وجوده بالمملكة قبل 6 سنوات عندما كانت المملكة تفرض حظرا على الحفلات الموسيقية.

ورأت “سي إن إن” أن مهرجان ساوندستورم، وغيره من الفعاليات الموسيقة والفنية، يعد جزءا من مبادرة تخفيف القيود التي يقودها ولي العهد “محمد بن سلمان”، الحاكم الفعلي للمملكة.

وذكرت أن ذلك يترافق مع سلسلة من الخطوات والإجراءات الرامية لتخفيف القواعد الاجتماعية، بما في ذلك رفع الحظر على قيادة المرأة للسيارة وكبح جماح الشرطة الدينية.

وأشارت الشبكة الأمريكية إلى أن المملكة دشنت في عام 2016، الهيئة العامة للترفيه جنبًا إلى جنب مع رؤية 2030 وهي عبارة خطة يقودها ولي العهد لتنويع اقتصاد المملكة بعيدًا عن النفط، والذي يمثل أكثر من نصف عائدات الحكومة.

كان من بين أهداف الهيئة مضاعفة إنفاق الأسرة على الأنشطة الثقافية والترفيهية داخل المملكة.

وتشهد الرياض الآن أكثر من 64 مليار دولار في الاستثمار الترفيهي، وفقًا لما أوردته موقع أراب نيوز السعودي، مع تخصيص نسبة كبيرة منها لصناعة الحفلات الحية للموسيقي والغناء.

وفي غضون ذلك نظمت الهيئة ما يصل إلى 3800 حدث ترفيهي في البلاد، حضرها أكثر من 80 مليون شخص.

وعن الدافع وراء إقامة هذه الحفلات الموسيقية الصاخبة في المملكة قال الكاتب والمحلل السعودي “على الشهابي” إن “المبدأ الأساسي في السماح بإقامة المهرجانات هو تزويد الشباب بالترفيه المحلي وإتاحة فرص السياحة المحلية حتى لا يضطروا للسفر إلى الخارج بحثًا عن المتعة”.

وقال “الشهابي” إن بعض المحافظين قد يجدون المهرجان غير مقبول، لكن بالنظر إلى أن الشباب يشكلون غالبية سكان البلاد، فإنهم يظلون المستفيدين الأساسيين.

ووفقا للهيئة العامة للإحصاء السعودية فإن حوالي ثلثي سكان السعودية أعمارهم 34 عامًا أو أقل، يقول المحللون إن الشباب هم الذين يحتاج “بن سلمان” إلى تهدئتهم، وليس المحافظين.

وبالرغم من هذا الانفتاح، لا تنجو المملكة وقادتها من الانتقادات والاتهامات باستغلال الحفلات الموسيقية في تبيض سجلها السيء في حقوق الإنسان.

وفي العام الماضي، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الدولية إنه يتوجب على الفنانين المشاركين في حفل ساوندستروم إما “التحدث” عن انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية أو عدم حضور المهرجان على الإطلاق.

وقال “جوي شيا” الباحث في هيومن رايتس ووتش في تصريحات لـ”سي إن إن”: أنفقت السعودية مليارات الدولارات على استضافة فعاليات ترفيهية وثقافية ضخمة في (محاولة) متعمدة لتبييض سجل حقوق الإنسان السيئ للبلاد، ومهرجساوند ستورم الموسيقي ليس بمعزل عن ذلك”.

وتابع “ترافق تدشين صناعة الترفيه المحلية في البلاد مع موجات من الاعتقالات التعسفية للمعارضين والنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان والمواطنين السعوديين العاديين”.

لكن في المقابل، يرفض” الشهابي” الحجة القائلة بأن المهرجان يزيل السجل الحقوقي للبلاد، ويري أنه المهرجان يركز فقط على خدمة وتلبية الاحتياجات المحلية.

ومع ذلك يجادل البعض بأن انفتاح البلدان على المعايير والقيم الدولية يمكن أن يسمح بمناقشة أفضل حول أوجه القصور في حقوق الإنسان.

وفي هذا الصدد قالت “آنا جاكوبس”، كبيرة المحللين في مركز أبحاث Crisis Group “أعتقد أن هذه الأحداث الدولية الكبرى – سواء كانت كأس العالم في قطر أو المهرجانات الموسيقية في المملكة العربية السعودية – يمكنها المساعدة في فتح الخطاب العام للنقاش النقدي”.