توقع الاقتصادي البريطاني الشهير “سايمون واتكينز” أن السعودية لن تربح أي حرب أسعار قادمة بعد خسارتهما لحربين خلال العقد الماضي، مشيرا إلى أن المملكة قد تلجأ لإثارة حرب ثالثة؛ نتيجة عدم تعلمها للدرس جيدا، وهذه سيكون نتيجتها عملية إفلاس حقيقية.

جاء ذلك في مقال كتبه “واتكينز” في موقع “أويل برايس” الأمريكي المتخصص في شؤون النفط، وترجمته صحيفة “القدس العربي”.

وأوضح الاقتصادي البريطاني أن ما يدعو لهذه النتيجة هو أن هدف السعودية من حربي النفط الأخيرتين كانت صناعة النفط الصخري الأمريكية.

وقال إنه في الحرب الأولى -التي امتدت بين عامي 2014 و2016- كان الهدف هو منع تطور صناعة النفط الصخري من خلال زيادة الإنتاج وخفض أسعار النفط بطريقة تدفع هذه الشركات للإفلاس حتى لا تمثل تهديدا للهيمنة السعودية على سوق النفط العالمي في تلك الفترة.

وفي الحرب الأخيرة، التي انتهت قبل فترة، كان الهدف هو نفسه، مضافا إليه منع شركات النفط الصخري الأمريكية من الحصول على عقود إمداد للنفط التي لم تكن السعودية قادرة على الحصول عليها لالتزامها باتفاق “أوبك+”، الذي حدد مستويات الإنتاج.

وذكر “واتكينز” أنه قبل أن تثير السعودية حرب الأسعار الأخيرة لم يكن لدى الولايات المتحدة إلا اهتمام قليل حول ما إن كان سعر 70 دولارا للبرميل مناسبا للميزانية السعودية من عدمه.

وأضاف أنه بعد الهجوم الأخير على قطاع النفط الصخري الإستراتيجي، لم تعد الولايات المتحدة مهتمة بالمطلق حول علاقة سعر البرميل بمتطلبات الميزانية السعودية.

كما لم يعد لديها اهتمام فيما إن ظلت السعودية تنزف مفلسة في السنوات القادمة. وهذا كلام نقله الاقتصادي البريطاني عن مصادر عدة في واشنطن مقربة من إدارة الرئيس “دونالد ترامب”، الذين تحدث إليهم موقع أويل برايس.

ورأى “واتكينز” أن عدم الاكتراث هذا نابع من حس “الخيانة” لحجر الأساس الذي قامت عليه العلاقة بين البلدين منذ عام 1945. وهو اتفاق نص على حصول الولايات المتحدة على الإمدادات النفطية التي تريدها من السعودية طالما توفرت فيها مقابل ضمان الولايات المتحدة سلامة وأمن العائلة الحاكمة في السعودية.

وأشار إلي أنه تم تعديل الاتفاق مع بدء إنتاج النفط الصخري؛ بحيث بات يشمل سماح السعودية للقطاع بالعمل والنمو.

وأوضح الكاتب أن حس عدم الاكتراث نابع أيضا من سلسلة الأخطاء التي يعتقد المسؤولون الأمريكيون أن ولي العهد “محمد بن سلمان” ارتكبها، وجعلته هذه الأخطاء عقبة.

وتشمل هذه الأخطاء حرب اليمن، والعلاقة الدافئة مع روسيا فيما عرف باتفاق “أوبك+”، واختطاف رئيس الوزراء اللبناني السابق “سعد الحريري”، وقتل الصحفي “جمال خاشقجي”.

ووصلت هذه العوامل ذروتها إلى تغريدة “ترامب”، التي تحدث فيها عن اعتماد العائلة المالكة السعودية على الحماية الأمريكية.

والمكالمة التي أجراها “ترامب” مع “بن سلمان”، في 2 أبريل/نيسان، وكرر فيها التهديد بأنه لن يكون قادرا على منع الكونجرس من إصدار تشريع يدعو لسحب القوات الأمريكية من السعودية إن لم تقم “أوبك” بخفض إنتاج النفط ورفع أسعاره لمستويات جيدة تعطي صناعة النفط الصخري الفرصة العودة للإنتاج وتحقيق أرباح محترمة. وبعد فترة قصيرة فعل “بن سلمان” ما طُلب منه أن يفعله.

وأشار “واتكينز” إلى أنه من الناحية الاقتصادية لا تستطيع السعودية مواصلة خفض أسعار النفط بطريقة كافية للإضرار بقطاع النفط الصخري الأمريكي.

وتابع أنه -من الناحية السياسية- لا يُسمح لها بزيادة أسعار النفط بدرجة كافية تحميها من الإفلاس، كما أن أي وضع بين الحالين سيكون في صالح صناعة النفط الصخري الأمريكي للنمو وتحقيق الأرباح.

وختم الكاتب أنه -بهذا المعنى- فتخفيض مستويات إنتاج الخام، الذي وافقت عليه “أوبك+”، يعتبر الأقسى من بين القرارات التي اتخذتها السعودية.

ويجب على السعودية تطبيقها والالتزام بها كي تسمح لقطاع النفط الصخري الأمريكي بالنمو والتربح، إلا أن التخفيض من جهة أخرى لا يمكن استمراره طويلا بدرجة تسمح للسعودية العودة إلى عصر فائض الميزانية.