ملأت أخبار معتقلي الرأي في السعودية صفحات مواقع التواصل وكشفت التسريبات حجم التعذيب في قصص أخرى للظلم والاضطهاد الذي تعرّضوا له، فيما كان للمعتقلات نصيبا إضافيا بالتحرش الجنسي والألفاظ النابية الخادشة للحياء.

ومن المعروف شرعًا وعُرفًا وقانونًا “ألا تزر وازرة وزر أخرى” وأن البريء لا يُؤخَذ بجريرة غيره وإن كان أقرب الناس إليه.

ولكن هذه القوانين لا وجود لها في غابة ابن سلمان التي مُورست فيها أشد أنواع الظلم ضد ذوي معتقلي الرأي (الذين اعتُقلوا هم بالأساس ظلمًا) بسبب آرائهم ومواقفهم فحسب.

وعلى الرغم من التكتم الإعلامي الشديد الذي يُحاط بمعتقلي الرأي في المملكة، إلا أن ما تم تسريبه وتناقله كشف ظلمًا كبيرًا أحاط بعوائل المعتقلين من قبل المباحث ورجال الأمن والقضاء للضغط على ذويهم أو من باب ترهيبهم.

وقد اتخذ نظام محمد بن سلمان من اعتقال ذوي المعتقلين الأسلوب الأبرز للضغط عليهم ومنعهم من كشف ملابسات الاعتقال وما يتعرضون له من تعذيب وإهمال طبي.

ووصل الأمر لحد اعتقال من يحاول أن يسأل عن ذويه المعتقل، كما حدث مع عائلة الشيخ سليمان الدويش الذي اعتُقل أبناؤه الثلاثة بسبب سؤالهم عنه.

مالك الدويش، كان قد صور فيديو طالبًا نشره إن اعتُقل، طالب فيه بمعرفة مكان والده وزيارته أو الاتصال به بعد مرور 5 سنوات على اعتقاله، كما تحدّث لصحيفة وول ستريت جورنال عن ملابسات اختفاء والده.

وبالفعل تم اعتقال مالك لينضم لأبيه وأخوَيه في زنازين بن سلمان (قبل أن يُفرج عنه لاحقا بفعل الضغوط الحقوقية والدولية).

عائلة الشيخ المعتقل سفر الحوالي، نالها النصيب الأكبر من الأذى، بعد اعتقال أبنيه عبد الله وعبد الرحمن وأخاه سعد الله، بل طال الاعتقال أحد أقرباءه الشاب أحمد الحوالي وزميله الدكتور أحمد العماري (والذي تُوفّي في السجن) عميد كلية القرآن الكريم بجامعة المدينة المنورة.

كذلك الدكتور خالد العودة اعتُقل لتضامنه مع أخيه الشيخ سلمان العودة، وحُكم عليه بالسجن 5 سنوات ومثلها منعًا من السفر، كما اعتُقل والد الإعلامي المعتقل منصور الرقيبة.

الشاب العباس حسن فرحان المالكي، اعتُقل بعد نشر تغريدات عن اعتقال والده وحوكم بـ 8 سنوات بين سجن ومنع من السفر.

ومن أقذر الوسائل التي مارسها بن سلمان هو اعتقال النساء للضغط على ذويهم المعتقلين، كما حصل مع الأستاذ المعتقل محمد كدوان، باعتقال زوجته فاطمة عسيري.

ومعلوم ما لهذا الأسلوب من أثر نفسي كبير على المعتقل، وما قد يصاحبه من تحرشات واعتداءات والذي لا يتّبعه سوى أراذل الناس.

ولم يكتفِ نظام بن سلمان باعتقال ذوي المعتقلين، بل أضاف إليها جريمة اعتقال ضحاياه الذين قتلهم، كما حدث مع عائلة عبد الرحيم الحويطي، (الذي تم قتله بعد رفضه تهجيره من منزله)، فتمّ اعتقال أشقائه شادلي ومحمود وعبدالناصر، والذي اعتُقلت معه زوجته وابنه أحمد.

وما يؤكد إرهــاب الحكومة ضد أسر المعتقلين ما كشفه أبناء الداعية المعتقلة عائشة المهاجري، بأنهم تعرضوا للتهديد بالاعتقال حين ذهبوا للسؤال عنها، وقيل لهم حرفيًا: “كل من يسأل عنها سوف يُعتقل معها”.

بينما التزمت مئات العوائل الصمت، حتى عن التبليغ عن اعتقال ذويهم خوف الاعتقال.

وحتى تخفي السلطات جرائم تعذيب المعتقلين، منعت ذويهم من السفر خوفًا من التحدث لوسائل الإعلام، فطالت أوامر منع السفر عددًا كبيرًا من أسر المعتقلين، كالشيخ سلمان العودة.

كما شمل القرار عددًا من عوائل المعتقلين (والذين تم الإفراج عنهم)، ونتحفّظ عن ذكر أسمائهم حفاظًا على سلامتهم.

ولجأت الحكومة لحذف حسابات عدد من ذوي المعتقلين الذين تحدثوا عن مظلومية أبنائهم

حيث تم حذف حساب والدة الشاب خالد عبد الرحمن التويجري بعد نشرها ما يلاقيه من أصناف قاسية من التعذيب، وفقدانه القدرة على المشي، وعدم التفات السلطات له ولمطالبه رغم إضرابه عن الطعام أكثر من مرة.

ومارس نظام بن سلمان حربًا بلا هوادة على عوائل معتقلي الرأي، والتي عانت من سياسات الترهيب والإخفاء القسري وانقطاع أخبار المعتقل عنهم.

فضلًا عن عدم وجود قانون لتنظيم الزيارات، وعرقلة المحامين في الوصول لموكليهم، وقطع المساعدات المالية لذوي المعتقلين التي كانت تُقدّم سابقًا.

الحاكم الجبان هو من بستقوي على شعبه ويروّعهم لمجرد طرح أفكارهم ومطالبهم.

والأقذر والأخس منه من يلجأ لذويهم (خصوصًا النساء) للضغط عليهم وترهيبهم، فيما بن سلمان مارس الأسلوبين معًا ضد المعتقلين وعوائلهم ليثبت ضعفه وخسته.