اعتقلت السلطات السعودية على مدى الشهور الماضية، عددا من شيوخ القبائل، والشعراء الذين يحظون بشعبية واسعة، على خلفية انتقادات وجهوها إلى سياسات الحكومة.

آخر تلك الاعتقالات، طالت فيصل بن حميد، شيخ قبيلة “عتيبة”، إحدى أكبر القبائل في الجزيرة العربية، على خلفية تغريدات انتقد فيها فعاليات هيئة الترفيه، قبل أن يقوم بحذفها.

وعلى خلفية قصيدة اعتبرت تلميحا إلى نقد رئيس هيئة الترفيه تركي آل الشيخ، قال مغردون إن السلطات استدعت الشاعر سفر الدغيلبي، وهو من قبيلة عتيبة أيضا، قبل أن يقوم الأخير بنشر قصيدة تتغزل بشكل غير مسبوق بالملك سلمان وولي عهده،

كما برز خلال الأيام الماضية، خبر اعتقال الشاعر المسن عايد رغيان الوردة، الذي ينحدر من قبيلة الشرارات، المنتشرة في جزيرة العرب.

اعتقال الوردة جاء بعد نشره أبياتا هاجمت هيئة الترفيه، جاء فيها: “عصرا به الترفيه هو والملاهي.. نجهل تعاليمه ولو حط له شيخ، أنا بدوي ياليتني احفظ شياهي.. وأبقى على الفطرة عوايد وتاريخ، والدين واضح بالحكم والنواهي.. ومن لا سقى زرعه تموت الشماريخ، وأهل السعودية رجالا دواعي.. جود ومعزة بالمراجل مطانيخ”.

ومع انطلاقة “موسم الرياض”، اعتقلت السلطات أحد أبناء قبيلة “سبيع”، وهو الشاعر حمود بن قاسي السبيعي، بعد نشره قصيدة، قال فيها: “”يا تركي آل الشيخ دخلت الرذيلة والمجون.. والصابر الله ينصره.. والراضي الله يلعنه، أفسدت مالا يفسده الشيطان في خمسة قرون.. وحـققـت مالا حققووه أعـداء العقيدة في سنة”.

 

مصلحة للمعارضة

المعارض السعودي، المقيم في لندن، عبد الله الغامدي، قال في حديث لـ”عربي21″، إن “‏اعتقال شيخ عتيبة يَصبّ في مصلحة الأصوات التي تنادي بإسقاط ابن سلمان”، قائلا إن ولي العهد “لم يكتفي باعتقال وإهانة أفراد الأسرة (آل سعود) من أجل المال والنفوذ، واعتقال العلماء والمشايخ والمفكرين بسبب اختلافهم معه في بعض جوانب رؤيته، مع أن اغلبهم كان في صف الدولة ضد المعارضة”.

وأضاف: “الآن تحول إلى الشرائح التي كانت تعطي أسرة آل سعود شرعية اجتماعية لتحكم السعودية كشيوخ القبائل والشعراء”.

ووفقا للغامدي الذي تعتقل السلطات السعودية والدته، واثنين من أخوته منذ شهور، فإن “ابن سلمان يخسر من حوله من الأصوات التي تظن أنها معتدلة وحكيمة، وفِي الحقيقية هي ليست معتدلة ولا حكيمة، لأنها كانت سببا رئيسيا في تقوية هذا الحكم الفاسد”.

ورأى الغامدي الذي ينحدر من قبيلة “غامد” الشهيرة، إن هذه الاعتقالات “تصب في مصلحة المعارضة، التي تكسب مزيدا من الأصوات والتأييد والمصداقية، رغم قدراتها المحدودة جدا مقابل قدرات ابن سلمان الهائلة، سواء كانت المالية التي يشتري بها ذمم الناس والعسكر، أو الإعلامية التي تطبّل له وتصف الواقع الأليم الذي يعيشه الإنسان الحر في بلاد الحرمين بالواقع الجميل”.

إلا أن عبد الله الغامدي، وبرغم استهداف السعودية لوجهاء قبائل شهيرة، قال إنه لا يتوقع أي تحركات على المدى القريب.

وعلق: “لكن هذه الاعتقالات وغيرها، ستسبب في تجييش الشعب ضد ابن سلمان، وستكون فرصة ثمينة للتحرك ضده مستقبلا في ثورة شعبية، أو في إنشاء جيش وطني من أبناء القبائل والعوائل”.

 

ضغوطات

بدوره، قال المعارض المقيم في كندا، محمد العتيبي، إن القصيدة التي نشرها سفر الدغيلبي، مادحا الملك وولي عهده، جاءت بعد ضغوطات شديدة.

وقال في تغريدة عبر “تويتر”: “أجبر الشاعر سفر الدغيلبي على كتابة قصيدة مدحاً في سلمان بن عبدالعزيز كمهر للخروج من المعتقل”.

وهاجم العتيبي عددا من شيوخ عتيبة، الذين شاركوا في حفل زفاف، ونشروا صورا منه، قائلا إنهم يفعلون ذلك فيما شيخ قبيلتهم يقبع في زنزانة انفرادية.

وقال العتيبي نقلا عن مصادر لم يسمها، إنه عقب اعتقال شيخ القبيلة، تم عزله في زنزانة انفرادية ومنعت عنه الزيارات، والاتصالات.

وتابع: “تتخذ ضده إجراءات أمنية مشددة غير مبررة. و للأسف أكدت المصادر بأن جميع الوجاهات والوساطات قد فشلت”.

 

واقع القبيلة

في جلسة حوارية للمعارضين السعوديين في لندن، محمد العمري، وسلطان العبدلي، قال المعارضان إن السلطات السعودية نجحت في تفكيك ترابط القبائل.

وقال العبدلي إن القبائل، وخاصة عتيبة ومطير، لهما الفضل في نجاح الملك عبد العزيز ببسط سيطرته على نجد، وبالتالي هما مطالبتان بإعادة الاعتبار لدور القبيلة في الجزيرة العربية.

وأضاف العبدلي أنه يجب أن يتم توجيه أبناء القبائل بالشكل السليم، مضيفا أن استغلال القبائل، و”اللعب بها” بدأ منذ عهد الملك عبد العزيز.

وأوضح العبدلي، أن جميع القبائل السعودية اليوم، لديها عشرات الآلاف من العلماء، والأطباء، والأكاديميون، مضيفا أنهم هم صمام الأمان للمستقبل.

يشار إلى أن الحديث عن أزمة الحكومة السعودية مع القبائل، عاد بقوة منذ مقتل الحارس الشخصي للملك سلمان، اللواء عبد العزيز الفغم الذي ينحدر من قبيلة “سبيع”، بعد تلميح معارضون إلى أن مقتل الفغم جاء على يد السلطات وليس كما ذكرت الرواية الرسمية، أنه قتل برصاص أطلقه صديقه على إثر خلاف شخصي بينهما.