تساءلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية عما إذا كانت هناك علاقة بين إشعال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان حرب أسعار النفط مع روسيا، وبين التوقيفات التي طالت مؤخراً عدداً من كبار أمراء العائلة الحاكمة في المملكة، معتبرة أن ضغط بن سلمان على بوتين “انتحار” و”يهدد بنتيجة كارثية”.
جاء ذلك في مقال نشرته الصحيفة بعنوان “محمد بن سلمان ضرب أسواق النفط” على خلفية حرب أسعار النفط التي بدأتها السعودية وروسيا مؤخراً، بعد فشل تحالف “أوبك+” في التوصل إلى اتفاق لتعميق اتفاق خفض إنتاج النفط.
وقالت الصحيفة إنه في غضون 24 ساعة أشعل ولي العهد السعودي حرب أسعار النفط مع روسيا، وأبعد خصماً داخلياً بهدف توطيد سلطته داخل المملكة، في إشارة إلى توقيفات الأمراء.
ورجحت أن “تحركات بن سلمان الصادمة على المسرح العالمي وداخل مملكته كان يُعد لها بالفعل منذ عدة شهور ولم تكون وليدة يوم وليلة”.
وأوضحت أن “ذروة هاتين الخطوتين (حرب الأسعار وتعزيز سطوة بن سلمان) تكشفت بشكل واضح يوم الجمعة الماضي؛ عندما قام عناصر أمن ملثمون باحتجاز عدد من الأمراء البارزين في المملكة، ويوم السبت عندما تخلى ولي العهد عن التحالف مع روسيا، وقرر إغراق أسواق النفط بالنفط الخام الرخيص”.
وحسب الصحيفة، “ليس من الواضح إن كان تحركا الأمير مترابطين، خاصة أن الحكومة السعودية لم تعلق على موضوع التوقيفات حتى الآن”.
واستدركت بالقول: “لكن ما هو واضح هو اختيار ولي العهد، الذي يعد واحداً من أقوى الرجال في الشرق الأوسط، نهاية الأسبوع والعالم منشغل بكورونا؛ ليعزز من موقعه في الداخل والخارج، موطداً مكانته داخل المملكة، ومظهراً قدرته على استخدام نفوذها على أسواق النفط لتحقيق أهدافه السياسية”.
لكن كريستين سميث ديوان، من معهد دول الخليج العربي في واشنطن، رجحت أن تكون هناك علاقة وثيقة بين توقيفات الأمراء وقرار بن سلمان زيادة إنتاج النفط لمستوى غير مسبوق.
وقالت إنه “من المنطقي جداً رؤية الاعتقالات الملكية في سياق انهيار مفاوضات النفط مع روسيا”.
وأضافت أن ولي العهد “يدرك أن الأمور ستتعقد جداً من الناحية الاقتصادية ويريد ضمان أن الجميع سينصاع له قبل تلك التحديات الجديدة”.
وحول خلفية قرار بن سلمان المفاجئ فيما يخص النفط، نقلت الصحيفة عن مصادر وصفتها بالمطلعة، قولها إن بن سلمان طلب من والده الملك سلمان الاتصال هاتفياً بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين؛ لطلب تعاون بلاده بشأن تعميق اتفاق خفض إنتاج النفط،
وتابعت: لكن بوتين رد بأنه مشغول للغاية ولا يستطيع التحدث؛ وهو ما اعُتبر “إهانة محرجة” للملك، وعندما تمكن الرجلان من الحديث فيما بعد في 3 فبراير الماضي تبين أن بوتين كان يعتزم عدم المضي قدماً بالاتفاق.
ووفق المصادر المطلعة، فإن السعوديين والروس حاولوا تشكيل تحالف طويل الأمد، لكن بشرط تعزيز السعودية استثماراتها في روسيا ودعم جهود الكرملين في سوريا، لكن في نهاية المطاف لم يتوصل كلا الطرفين إلى اتفاق بهذا الصدد؛ بسبب عدم رغبة بن سلمان في استعداء الولايات المتحدة؛ الحليف القديم.
وأشارت الصحيفة إلى أن إخفاق مساعي التوصل إلى اتفاق بشأن خفض الإنتاج بين الطرفين دفع بن سلمان إلى محاولة تضييق الخناق على روسيا، قبل أن يطلب من وزرائه الاستعداد لسيناريو إلغاء الاتفاق الذي بموجبه لا تلتزم السعودية بأي تخفيض في الإنتاج ولو أدى ذلك إلى تراجع الطلب العالمي على النفط بسبب “كورونا”.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول سعودي مطلع أن الرسالة التي أراد بن سلمان إرسالها للروس من خلال الزيادة غير المسبوقة في إنتاج المملكة من النفط، هي إما أن توافقوا على تقليص إنتاج النفط أو لن نقلص إنتاجنا على الإطلاق؛ وكانت النتيجة عدم التزحزح في الموقف الروسي.
ونقلت أيضاً عن أحد مندوبي “أوبك” مطلع على القضية قوله: “لا أعرف كيف ظن السعوديون أن هذا النوع من الضغط سيؤثر على بوتين. هذا تماماً بمثابة انتحار، وكلنا يعرف بأن النتيجة النهائية يمكن أن تكون كارثية”.