بقلم/ ترف عبدالكريم

عندما نتحدث عن تعنيف المرأة في السعودية خاصة، فنحن في حاجة إلى عدة مؤلفات وليس مقالًا أو مقالات من عدة كلمات، ولكنها ومضات تأبى إلا أن تلج الكثير من المواضيع التي لا يجب أن نكفّ عن تسليط الضوء عليها.

هذا الموضوع الهام والمؤلم في آن لم يئن له أن ينتهي ولن ينتهي طالما أننا إزاء سلطات متواطئة مع الأهالي الذين يمارسون العنف ضد بناتهن، وبالتالي هي مستفيدة من بقاء هذا الوضع المتفاقم كما هو عليه وإن ادّعَتْ الإصلاح وتشدقت به أمام المجتمع الدولي.

أصوات الضحايا واستغاثاتهنّ تتعالى في مواقع التواصل طلباً للنجدة والخلاص ولكن الخذلان مصيرها الوحيد وما من منجد أو حامٍ ومخلصاً لها من ما يدعى ولي الأمر الذي لم تسقط ولايته بعد!

وتعاونت معه السلطات على الإمعان أكثر في تعنيف الضحية حد القتل أحيانا، لقد شاهدنا كيفية تعامل السلطات مع المغدورة قمر حين أقدم أشقائها على قتلها أو حينا طالبت شقيقتها منال بالقصاص منهم وتحقيق العدالة تم تكميم فمها واحتجازها ومنعها من تصعيد القضية على وسائل التواصل الاجتماعي، وهديل الحارثي صاحبة الابتسامة الجميلة بأي ذنب تُقتل؟! ولماذا لم تنصفها العدالة من قاتلها؟! هذا السؤال بحد ذاته يدحض أكذوبة تمكين المرأة التي يتشدق بها ولي العهد في كل لقاء ومحفل،  هديل وقمر- رحمهما الله- جاء الاستشهاد بهما على سبيل الذكر لا الحصر، وهذا غيض من فيض لما تعانيه المرأة السعودية من التعنيف بكل أنواعه حد القتل.

نحن نواجه مصيبة في داخل منازلنا التي لم يكن يعرف عنها إلا في حالات قليلة قبل وجود الإنترنت وتويتر بشكل خاص، هذه المصيبة التي لا تأخذ الطابع الاجتماعي فقط ولكنه شأن سياسي بامتياز، لا سيما في دولة تتحكم بجميع مفاصل الحياة و المناطة بعهدتها حل هذه الظاهرة المتفاقمة والمركبة، ومثلما أن الحاكم سمح للمرأة بقيادة السيارة وسن القوانين الرادعة لكل من يحاول أن يثير المشاكل بالإساءة لمن تريد القيادة، هو أيضاً قادر على إنهاء كل مشاكل المرأة ابتداءً بإسقاط الولاية وحمايتها وردع السلوكيات الذكورية عنها بوضع وصياغة قوانين صارمة، ولكن الحكومة المتمثلة برأس السلطة لا تريد هذا، بل هي متواطئة مع السلطة الذكورية، وخير دليل على ذلك أن كل القضايا التي تمس المرأة آخذة في الازدياد.

ومن ناحية أخرى مازال فينا جاهلية من كافة الجهات ومتشعبة ولكننا في سياق حديثنا الآن نخصّ ظاهرة وأد البنات من أيام الجاهلية حتى عصرنا الحالي والتي تأخذ أشكال عدة منها منعها من ممارسة حياتها بشكل طبيعي جداً كأي فتاة على الأرض تحت مبرر الدين والمحرمات والعيب والقهر، فتصبح حبيسة المنزل وتحيا كما يريد لها الذكر بموجب ولايته عليها! أو القتل المباشر تحت نفس مبررات ودوافع المنع من الحياة.

فالحكومة قادرة لو أرادت على إنهاء هذه المعاناة والتلاعب بالأرواح، وبعدها يأتِ دور توعية المجتمع بالتدريج، فالنساء في المملكة السعودية يعانين الأمرين إن كان يعاني الجنس الآخر من سلبه حقه وحرياته، فالمرأة تعاني مرتين مرة من نفس ما يلقاه الآخر، ومرة من استبداد الذكر الذي سمح له النظام بالتسلط عليها، فما لم تحل هذه القضايا الشائكة فكل إصلاح سيبق مجرد شعارات وشكليات لن تصمد طويلاً وسيكشف زيفها، فلا يمكن أن تغطى شمس الحقيقة الساطعة بغطاء مثقوب.