سلطت مجلة “إنتليجنس أون لاين” الاستخباراتية الفرنسية، الضوء على الانسحاب الجزئي الذي أعلنته دولة الإمارات من اليمن، الأمر الذي يضع السعودية أمام مواجهة خيارات صعبة في حربها ضد الحوثيين، التي بدأتها في مارس/آذار 2015.
وقالت المجلة، في تقرير لها، إنّ سحب الإمارات لقواتها، التي تعد أكبر قوة برية خارجية داعمة للتدخل الذي تقوده السعودية في اليمن، يشغل عقل كبار القادة العسكريين في السعودية، فيما يراقب كبار الحلفاء الغربيين للبلاد الموقف بفارغ الصبر.
وأضافت: “يعتقد عدد من المراقبين أن الرياض قد تقرر أيضا انتشال نفسها من الوضع خلال الأسابيع المقبلة”، مشيرة إلى وجود نقاش حول المسألة، بينما تعيد أبوظبي التفكير بشكل كامل في انتشارها.
السعودية إلى خط الجبهة
وتابعت المجلة: “رغم أن الإمارات لم تنسحب بصورة أحادية من جميع أجزاء البلاد، إلا أنها أرسلت حلفاءها المحليين إلى خط الجبهة، بينما قواتها إما أنها تغادر البلاد أو انتشرت في أماكن أخرى في الجنوب”.
ونوّه تقرير “انتليجنس أون لاين” إلى أن ميناء الحديدة، الذي تم التقاتل عليه بشكل مرير بين الرياض والحوثيين، لا زال تحت القيادة الإماراتية، لكن أغلب القوات التي تدافع عنه تنتمي إلى الحرس الجمهوري، وهي ميليشيا تشكلت من ضباط سابقين من الحرس الجمهوري لليمن، الذي كان يرأسه طارق محمد صالح، ابن شقيق الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
وأردف التقرير: “للتنسيق بين المقاتلين بالوكالة، أنشأت الإمارات عملية مشتركة مع الحرس الجمهوري ومليشيات شمالية مثل المقاومة التهامية، فضلا عن المجموعات الجنوبية مثل ألوية العمالقة. وسيركز الجيش الإماراتي على مناطق في الجنوب تعزز مواقعه بمباركة الولايات المتحدة”.
قلق آخر للسعودية
وفيما يتعلق بالعتاد، أشار التقرير إلى أن الإمارات تركت المملكة العربية السعودية كي تلتقط زمام المبادرة”. وفقا لعدد من المراقبين، ففي محافظة مأرب التي تبعد حوالي 20 كيلومترا شرق صنعاء، استبدلت الرياض العتاد الإماراتي الثقيل، مثل بطاريات باتريوت.
ومضى التقرير يقول: “لكن تخصيص إعاشة للقوات يمثل مصدر قلق آخر للسعودية. حتى اليوم، وفّرت الإمارات أغلب الإعاشة للقوات السعودية المنتشرة في شمال البلاد. بدون خطوط تشغيلية خاصة بها، سيكون من الصعب على السعودية إطعام جنودها بمجرد انسحاب الإمارات من تلك الأجزاء من البلاد”.
وأردف: “يبدو أن كبار القادة العسكريين في السعودية لم يضعوا في اعتبارهم ما يستهدفه الجيش الإماراتي في اليمن، حيث ركز بشكل جوهري على توسيع نفوذه الإقليمي حول مضيق باب المندب، عبر السيطرة على ميناء عدن وجزيرة سقطرى. بينما، من ناحية أخرى، كانت الأولوية للرياض تتمثل في التخلص من التهديد الحوثي على حدودها”.
ولفت التقرير إلى أنه من المتوقع أن تقوم أبوظبي بتخفيف وتيرة قواتها الاستكشافية، لأسباب داخلية، منها أن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي يعارض بشكل متزايد التدخل في اليمن بسبب الخسائر المالية والبشرية وبسبب التوترات المتزايدة بين الخليج والولايات المتحدة وإيران في الأسابيع الأخيرة.
قرار الانسحاب الإماراتي
وكانت وكالة “رويترز” قد نشرت في 28 يونيو/ حزيران الماضي، تقريرا قالت فيه إن دولة الإمارات العربية العضو الرئيسي في التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن تقلص وجودها العسكري هناك بسبب التهديدات الأمنية الناتجة عن تزايد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران.
وذكر اثنان من الدبلوماسيين الأربعة الذين تحدثوا للوكالة، أن الإمارات سحبت بعض القوات من ميناء عدن الجنوبي ومن الساحل الغربي لليمن حيث شكّلت الإمارات وسلّحت قوات محلية تقود المعركة ضد جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران على ساحل البحر الأحمر.
وأفاد ثلاثة من الدبلوماسيين بأن أبوظبي تفضل أن تكون قواتها ومعداتها قيد تصرفها في حالة تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران بعد الهجمات على ناقلات نفط في الخليج وإسقاط طهران لطائرة أمريكية مسيرة.
وقال مسؤول إماراتي كبير للوكالة، صحيح أن هناك بعض التحركات للقوات… لكنها ليست إعادة انتشار من اليمن، مضيفا أن الإمارات ما زالت ملتزمة تماما بالتحالف العسكري و “لن تترك فراغا” في اليمن.
ولم يقدم المسؤول تفاصيل عن التحركات أو الأرقام المعنية أو يحدد ما إذا كان ذلك يحدث داخل اليمن أو خارجه. وتدخل التحالف في الصراع اليمني عام 2015 في مسعى لإعادة الحكومة التي أطاح بها الحوثيون.
ومن غير المعروف عدد القوات الإماراتية الموجودة في اليمن. وأشار دبلوماسي غربي إلى أن الإمارات سحبت “الكثير” من القوات من اليمن خلال الأسابيع الثلاثة الماضية.
وردا على سؤال عما إذا كانت التوترات مع إيران وراء هذه الخطوة، قال المسؤول الإماراتي، إن القرار يتعلق أكثر بوقف إطلاق النار في مدينة الحديدة الميناء الرئيسي لليمن، والتي يسيطر عليها الحوثيون الآن، بموجب اتفاق سلام تم التوصل إليه في ديسمبر/كانون الأول الماضي برعاية الأمم المتحدة.
وقال المسؤول “هذا تطور طبيعي”، مؤكدا دعم الإمارات للجهود التي تبذلها الأمم المتحدة لتنفيذ الاتفاق في الحديدة لتمهيد الطريق لإجراء محادثات لوضع نهاية للحرب