كشفت مجلة “إنتلجنس أونلاين” الفرنسية عن نجاح الإمارات في الحصول على تنازلات سعودية جوهرية في اتفاق أولي جرى صياغته في جدة بين حكومة اليمن الموجودة في المنفى والانفصاليين في جنوب البلاد.

وقالت المجلة المختصة في الشؤون الاستخباراتية: إن “المفاوضات المكثفة لصياغة الاتفاق أسفرت عن قبول السعودية بتكثيف وجودها العسكري في محافظات اليمن الجنوبية لتحل محل القوات الإماراتية، التي بدأت بالفعل في الانسحاب متخلية عن عدد من المواقع الإستراتيجية مثل الميناء وميناء الزيت في عدن وقاعدة العند العسكرية”.

 

“إقصاء إصلاحيين”

وبحسب التقرير: فإن السعودية والإمارات وجدتا أساليب للعمل والتعايش بين القوى العسكرية التي قاموا بدعمها محليا، وهي القوى الموالية لحكومة عبدربه منصور المدعومة من السعودية وقوى “المجلس الانتقالي” الجنوبي الانفصالي الذي يترأسه عيدروس الزبيدي.

وتابعت المجلة: “فضلا عن الاتفاق على إنشاء حكومة وطنية تتضمن وزراء من الجانبين، فازت أبوظبي بموافقة سعودية على إقصاء أعضاء بارزين من حركة الإصلاح، الذين تعتبرهم الإمارات قريبين من جماعة الإخوان المسلمين”.

وبيّن تقرير “إنتلجنس أونلاين”: أنه “رغم تحفظ هادي، جرى استبعاد نائب رئيس الحكومة اليمنية علي محسن الأحمر، الذي يعتبر قريب من الإصلاح ولا يحظى بثقة الإمارات،  بشكل أساسي من المناقشات”.

وأضافت المجلة الاستخباراتية: أنه “في انتصار آخر لأبوظبي، وافقت السعودية على الاضطلاع بالإعانات المالية التي تقدم للمجلس الانتقالي الجنوبي، والذي كان يتم تمويله بشكل كامل من الإمارات حتى اليوم، وهي إعانات تشتمل على أجور المقاتلين”.

ولفت التقرير إلى: أن الاتفاق الذي من المتوقع أن يجري توقيعه خلال الأيام المقبلة، تمت مناقشته باستفاضة خلال الشهرين الماضيين، وتم استبعاد ثلاث مسودات على الأقل للإعلان النهائي.

ونوهت المجلة إلى: أن نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، شقيق ولي العهد محمد بن سلمان، وفهد بن تركي آل سعود، قائد القوات السعودية في اليمن، هما من قادا المحادثات من الجانب السعودي.

وأشار التقرير إلى: أن مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد آل نهيان، الذي كان على اتصال وثيق بشقيقه ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، هو من تابع المفاوضات المتعلقة بتمويل المجلس الانتقالي الجنوبي.

 

ماذا عن سوريا؟

وبحسب المجلة: فإن اتفاق الرياض بين الفصائل المتعارضة في اليمن والمعادية للحوثيين، يأتي في وقت تتوسط فيه القوى الإقليمية لإيجاد حل للأزمات هناك وفي سوريا.

وأضاف التقرير: “بناء على طلب من الرياض، تحدث رئيس وزراء العراق عادل عبد المهدي ونظيره الباكستاني عمران خان ووزير خارجية سلطنة عُمان يوسف بن علوي بن عبدالله، إلى إيران، التي تدعم الحوثيين، في الأسابيع الأخيرة”.

وأردف: “كما أرسلت الإمارات، التي كانت تحاول تليين الموقف السعودي تجاه طهران منذ أغسطس/آب الماضي، أيضا وفدا  إلى إيران في الأسابيع الأخيرة. كما رفعت التجميد عن أصول نقدية مالية تخص طهران تقدر بـ 700 مليون دولار كانت محتجزة في بنوكها كبادرة حسن نية”.

ومضى التقرير يقول: “كما تواصل الولايات المتحدة التحدث مباشرة مع السعوديين والحوثيين في مسقط، في محادثات تجري بوساطة قابوس بن سعيد سلطان عمان”.

وعلى صعيد آخر، لفتت المجلة الفرنسية إلى:  أن “الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنهى جولة في منطقة الخليج، حيث تسعى موسكو إلى إجراء محادثات بين الرياض ودمشق، أملا في أن يخفف ذلك التوترات بين الرياض وطهران”.

واختتمت تقريرها بالقول: إن “الكرملين مستعد لإعطاء الشركات السعودية دورا كبيرا في إعادة إعمار سوريا، إذا خففت الرياض من موقفها تجاه رئيس النظام السوري بشار الأسد”.

 

رفض لاتفاق جدة

في الـ24 من الشهر الجاري، توصلت الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم من الإمارات، إلى اتفاق يتقاسم من خلاله الجانبان السلطة وتعود الحكومة الشرعية إلى العاصمة المؤقتة عدن جنوب البلاد.

ونقلت تقارير عن مصدر حكومي يمني قوله: إنه “سيتم خلال الأيام المقبلة التوقيع على الاتفاق بين الحكومة والانتقالي، الذي وافق عليه الطرفان، برعاية سعودية”، بعد مشاورات بدأت في مدينة جدة، وانتقلت بعدها إلى العاصمة السعودية الرياض.

إلا أن الاتفاق لاقى اعتراضات واسعة من مسؤولين يمنيين مناوئين للإمارات، واصفين الاتفاق بأنه بمثابة “مكافأة” للانقلابيين (المجلس الانتقالي) الذي انقلب على الشرعية اليمنية في العاصمة المؤقتة عدن.

ومن أبرز المعترضين وزير الداخلية اليمني أحمد الميسري، الذي قال: إن مشروع الإمارات في اليمن قد سقط، ولن يتم القبول بأي اتفاق مع “المجلس الانتقالي الجنوبي”. وجاء ذلك خلال لقاء تشاوري عقده الميسري مع شخصيات ومراجع قبلية في مدينة عتق، عاصمة محافظة شبوه، شرقي البلاد، بحسب ما نقل وزير النقل صالح الجبواني.

وقال الجبواني، الذي حضر اللقاء: إن “وزير الداخلية دعا الرئيس عبدربه منصور هادي، إلى التمسك بالثوابت الوطنية وعدم مكافأة الانقلابيين (في إشارة إلى المجلس الانتقالي الجنوبي)”. وأضاف الميسري: أن عودة الحكومة الشرعية إلى عدن لن تكون إلا بتوليها السيطرة الكاملة على المحافظة.

وتابع: “لا نريد حكومة شقها يتحكم فيه آل جابر (في إشارة إلى السفير السعودي في اليمن محمد آل جابر)، وآخر يتحكم فيه ضابط إماراتي”.

وعلى الوتيرة ذاتها، قال وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، في تغريدة عبر “تويتر”: إنه سيتم التوقيع على اتفاق الرياض مع المجلس الانتقالي الجنوبي، بشكل رسمي خلال يومين.

وأضاف: أن “الاتفاق بصيغته النهائية يوحد جهود اليمنيين لمواجهة الانقلاب الحوثي، في إطار الشرعية الدستورية، ويحفظ الثوابت الوطنية ويلتزم بالمرجعيات الثلاث (مخرجات مؤتمر الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقرارات مجلس الأمن الدولي)”.

وأردف الإرياني: أن الاتفاق “يحفظ وحدة وسيادة وأمن واستقرار اليمن، وسلامة أراضيه، ويعزز قدرة الدولة على مواجهة المليشيا الحوثية”.

 

بنود مسودة الاتفاق

وجاء الاتفاق حسب المسودة في أربع صفحات، وهي مقدمة وثلاثة ملاحق، تتضمن ترتيبات سياسية واقتصادية وأخرى أمنية بالإضافة إلى العسكرية.

ومما ينص عليه الاتفاق، تشكيل حكومة كفاءات سياسية لا تتعدى 24 وزيرا بالتشاور مع رئيس الوزراء والمكونات، مع منح الجنوبيين 50 بالمائة من الحقائب الوزارية، على أن يكون ذلك خلال مدة لا تتجاوز 45 يوما من توقيع الاتفاق.

ويتضمن كذلك، أن يباشر رئيس وزراء الحكومة الحالية معين عبد الملك عمله في العاصمة المؤقتة عدن، خلال مدة لا تتجاوز سبعة أيام من توقيع اتفاق لتشغيل كافة مؤسسات الدولة لخدمة “المواطن اليمني”، والعمل على صرف المرتبات والمستحقات لجميع منسوبي قطاعات الدولة.

وبخصوص الجانب العسكري، ينص الاتفاق على عودة جميع القوات التي تحركت، اعتبارا من أغسطس/آب 2019، من مواقعها ومعسكراتها الأساسية باتجاه محافظات عدن وأبين وشبوة، إلى مواقعها السابقة، بكامل أفرادها وأسلحتها، وتحل محلها قوات الأمن التابعة للسلطة المحلية في كل محافظة، وذلك خلال 15 يوما.