قال مركز ويلسون الأمريكي للدراسات الدولية إن السعودية قررت الوقوف إلى جانب روسيا ورفض طلب الولايات المتحدة المساعدة في خفض أسعار النفط بعد أن رفعت أزمة أوكرانيا أسعاره، على الرغم من أنها الدولة الوحيدة التي لديها إنتاج نفطي احتياطي كافٍ لوقف الارتفاع إلى أعلى مستوى له في ثماني سنوات.

وتعد السعودية وروسيا والولايات المتحدة أكبر ثلاث دول مصدرة في العالم، حيث توفر مجتمعة 30 في المائة من الطلب العالمي.

وذكر الخبير في المركز ديفيد أوتاواي، وفق ترجمة موقع “الرأي الآخر”، أن السعودية هي الوحيدة التي لديها القدرة على زيادة الإنتاج بسرعة، بما يصل إلى مليوني برميل يوميًا وأكثر أو أقل على الفور.

وتعرضت الحكومة السعودية لضغوط متزايدة من الرئيس بايدن لاستخدام نفوذها لخفض الأسعار، لكن ولي العهد محمد بن سلمان، أكد استمرار العمل مع روسيا لإبقائها مرتفعة.

وأشار أوتاواي إلى أنه من الواضح أن ولي العهد يشعر أنه لا يدين بأي شيء شخصيًا للرئيس بايدن، الذي رفض التحدث معه بسبب خلافهما حول تورط بن سلمان في اغتيال الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي.

وبالإضافة إلى ذلك، أبدت السعودية اهتمامًا أقل بالتعاون مع الولايات المتحدة في المسائل النفطية.

وتصدر الشركات الأمريكية حاليًا حوالي ثلاثة ملايين برميل يوميًا مقارنة بـ 6.8 مليون برميل للسعودية، لكنهم ينتجون حاليًا ما يقرب من مليون برميل إضافي لأن السعوديين يحدون عمداً من إنتاجهم لمواصلة الضغط التصاعدي على الأسعار.

وأشار أوتاواي إلى أن النفط جعل محمد بن سلمان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين أقرب على الأقل فيما يتعلق بالمسائل النفطية.

وتقود السعودية وروسيا مجموعة من منتجي النفط الذين توصلوا إلى كيفية العمل معًا للحفاظ على ارتفاع الأسعار.

وترأس السعودية منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) المكونة من 13 عضوًا، وروسيا مجموعة من عشرة منتجين من خارج أوبك، ويشار إليهم معًا باسم أوبك +.

ولفت أوتاواي إلى أن انحياز الأمير السعودي لبوتين على حساب بايدن انعكس في صمت السعودية بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا، ويمكن تفسير ذلك جزئيًا من خلال غزو السعودية لليمن المجاور.

وفي اجتماع طارئ يوم الأربعاء الماضي، صوت 23 منتجًا على التمسك بخطتهم لزيادة إنتاجهم الجماعي بمقدار 400 ألف برميل فقط يوميًا كل شهر.

وبهذا لم يشيروا إلى أي اهتمام برؤية الأسعار تنخفض أو في إنقاذ دول أوروبا الغربية التي تواجه انخفاضًا في وارداتها النفطية الروسية، والتي تمثل حوالي 30 في المائة من إجمالي استهلاكها.

وعندما يتعلق الأمر بالنفط، فقد تحولت العلاقات الأمريكية السعودية من كونها تعاونية إلى حد ما إلى عدائية صريحة حيث طورت الشركات الأمريكية طرقًا جديدة لاستخراج النفط والغاز من رواسب الصخر الزيتي المعروفة باسم التكسير الهيدروليكي، وفق أوتاواي.

وأدى ذلك إلى ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام من 5.2 مليون برميل يوميًا في 2005 إلى أكثر من 12 مليون برميل قبل أن يتسبب الوباء في انهيار الاقتصاد العالمي في أوائل عام 2020.

وحدث هذا تمامًا في الوقت الذي كانت فيه المملكة وروسيا في مواجهة بشأن زيادة الإنتاج.

وقال أوتاواي إنه: “في لعبة القوة، قرر السعوديون في مارس من ذلك العام إغراق السوق بمزيد من النفط لفرض إرادتهم على روسيا، وزيادة إنتاجهم من 9.7 مليون برميل يوميًا إلى 12.3 مليون”.

وأضاف “وفي الوقت نفسه، قرروا محاولة إخراج تلك الشركات الأمريكية المتورطة في الانهيار من العمل؛ لذلك في مارس 2020، استأجروا عشرين ناقلة عملاقة تحمل 40 مليون برميل من النفط إلى الولايات المتحدة حيث تم إغراقها في سوق مشبعة بالفعل، وكان تأثيره دراماتيكيًا”.

في 20 أبريل، انخفض سعر برميل النفط في بورصة نيويورك التجارية فعليًا إلى 37.63 دولارًا سلبيًا، وهو مستوى لم يسمع به من قبل.

وحقق إغراق النفط بالإضافة إلى الركود الناجم عن الوباء الهدف السعودي، إذ خرجت عشرات من شركات التكسير الهيدروليكي الصغيرة من العمل وانخفض الإنتاج الأمريكي بأكثر من مليوني برميل يوميًا.

ومنذ ذلك الحين، اختار ولي العهد السعودي ووزير نفطه، الأمير عبد العزيز بن سلمان، وهو أخوه غير الشقيق، العمل مع روسيا وأوبك + للاستجابة لأي نداءات للمساعدة، وفق أوتاواي.

وحتى قبل الأزمة الأوكرانية، كان بايدن يضغط على السعودية لفتح حنفية نفطها للمساعدة في تخفيف ارتفاع أسعار البنزين في الولايات المتحدة- وهو أحد الأسباب الرئيسية لارتفاع التضخم الذي ساعد على تقويض مكانته في استطلاعات الرأي، حتى أن بايدن أجرى مكالمة هاتفية نادرة مع الملك سلمان في أوائل فبراير للدفاع عن قضيته للحصول على مزيد من النفط السعودي.

ووفقًا لرواية البيت الأبيض لمحادثتهما، “التزم الزعيمان بضمان استقرار إمدادات الطاقة العالمية”.

لكن بعد أسبوع، أوضح وزير النفط السعودي أن بلاده ملتزمة بالاتفاق الذي تم التوصل إليه لأول مرة في يوليو 2021 بين 23 دولة عضو في أوبك + لاستعادة نشاطها الشهري ببطء فقط، وهو إنتاج جماعي بمعدل 400 ألف برميل إضافية في اليوم، وتم تجديد هذه الاتفاقية مرارا وتكرارا منذ ذلك الحين.

وأصدرت منظمة أوبك + في اجتماعها الأربعاء الذي استمر 15 دقيقة فقط بيانا يبرئ فيها أيديها من أي مسؤولية عن تصاعد أسعار النفط.

وأعلنت أن سوق النفط “متوازن بشكل جيد” وألقت باللائمة في تقلب الأسعار على “التطورات الجيوسياسية الحالية”، ولم يكن هناك ذكر لأوكرانيا.