اعتبرت الأكاديمية السعودية المعارضة “مضاوي الرشيد” أن الأمر الملكي بتعيين ولي العهد السعودية “محمد بن سلمان” في منصب رئيس الوزراء -الذي كان عادة ما يتولاه ملك البلاد- يؤكد أن الأمير الشاب هو الحاكم الفعلي للمملكة الخليجية.
ورأت في تحليل مطول نشره موقع “ميدل ايست آي” البريطاني أن تلك الخطوة ستؤدي إلى إسدال الستار عن الملك “سلمان بن عبد العزيز” الذي يبلغ من العمر 86 عاما، متوقعة أن يتوارى الأخير عن الأنظار بشكل أكبر خلال الأشهر المقبلة، بينما يصبح نجله محمد “هو الدولة الآن”
وأضافت “الرشيد” أنه باعتباره رئيس للوزراء، سيصبح “بن سلمان” أقوى من أي وقت مضى، حيث سيترأس العديد من الوزارات والأجهزة البيروقراطيات في الدولة الخليجية الغنية.
وذكرت أنه في ظل وجود “بن سلمان” كرئيس للوزراء ومعه شقيقيه “خالد” وزيرا للدفاع، و”عبد العزيز”، وزير الطاقة الحالي، يتضح أن النظام الملكي الذي نعرفه قد تم إلغاءه، بعد أن سلم الملك زمام الأمور إلى سلالته.
وأشارت الأكاديمية السعودية التي تعيش في الخارج، أن الملك “سعود” حاول خلال حكمه، وضع العديد من أبنائه في مناصب حكومية رئيسية، لكنه فشل تحت ضغط الأمير “فيصل”، الذي أطاح بالأول في أوائل الستينيات.
غير أن “الرشيد” رأت أنه من غير المرجح تكرار ما جرى مع الملك “سعود”، مع “بن سلمان” إذا أصبح الحاكم الأوحد للمملكة، وذلك بسبب عدم متنافسون أقوياء يمكنهم تقويض حكمه كما فعل “فيصل”.
ورغم التسمية الاستثنائية لـ “بن سلمان” كرئيس وزراء، أشارت “الرشيد” أن تلك الخطوة لا تغير شيء على أرض الواقع فيما يتعلق بالشؤون الداخلية للمملكة منذ تعيين “بن سلمان” وليا للعهد في 2017.
وأوضح أن هذا الأمر الملكي بجعل ولي العهد رئيسا للوزراء “استثناء من حكم المادة (السادسة والخمسين) من النظام الأساسي للحكم، ومن الأحكام ذوات الصلة الواردة في نظام مجلس الوزراء”.
وتنص المادة (56) من النظام الأساسي للحكم في السعودية على أن “الملك هو رئيس مجلس الوزراء، ويعاونه في أداء مهامه أعضاء مجلس الوزراء”.
ولفتت “الرشيد” إلى أنه منذ صعود بن سلمان لولاية العهد، قام الأمير الشاب بشكل تدريجي بتقويض سلطة الأمراء الآخرين، وفرض سيطرته على جميع وظائف الدولة. وأجهزتها البيروقراطية، من الاقتصاد إلى الأمن.
لكن من وجهة نظر “الرشيد” سيكون المتغير على الصعيد الدولي، حيث ستحدث ترقية بن سلمان رئيسا للوزراء فرقا جوهريا. حيث لن يكون بمقدور أي زعيم دولي الآن تجاوز “بن سلمان” كما سبق باعتبار أن منصب ولي العهد ليس أعلى سلطة رسمية في المملكة.
وأضافت أنه من الآن فصاعدًا، لا يمكن للقادة السعي للقاء ملك متوار عن الأنظار، لكن سيتعين عليهم التعامل مباشرة مع ولي العهد. عليهم جميعًا أن يعترفوا بأنه لا يمكن فعل أي شيء دون موافقة “محمد بن سلمان”.
تسليح النفط
ومنذ انهيار سمعة “بن سلمان” دوليا، بعد اتهامه في مقتل الصحفي “جمال خاشقجي” في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2018، كافح ولي العهد جاهدًا لمواجهة صورته كقاتل، وكافح لكسر عزلته حتى أنقذه الرئيس “فلاديمير بوتين” في فبراير/ شباط الماضي بغزو روسيا لأوكرانيا.
وسط أزمة الطاقة العالمية نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا، نشر “بن سلمان” إمدادات النفط الوفيرة السعودية، كسلاح في معركته لاستعادة موقعه على المسرح العالمي.
وفي غضون ذلك، بدأ الرؤساء ورؤساء الوزراء في القدوم إلى الرياض، سعياً وراء التعاون لتخفيف نقص الطاقة ومنع المزيد من الزيادات في الأسعار.
ووفق “الرشيد” أراد الجميع أن يزيد “بن سلمان” إنتاجه من النفط. كان يعلم أنه حان الوقت لكي يساوم العالم من موقع قوة.
وأضافت “الرشيد” أنه بالإضافة إلى النفط الذي تشتد حاجة العالم إليه، يعلم ولي العهد ورئيس الوزراء الجديد للمملكة أن هناك ملفات أخرى لا يستطيع أحد غيره التحكم فيها وحلها في النهاية.
وعقبت “علاقاته (بن سلمان) الأمنية والاقتصادية المتسارعة مع إسرائيل هي مقدمة للتطبيع الذي سيسعد الكثيرين في الغرب. لكن لا يبدو أن ابن سلمان في عجلة من أمره للترحيب بسفارة إسرائيلية رسمية في الرياض.
وذكرت المعارضة السعودية أن “بن سلمان” لا يحتاج إلى ذلك في الوقت الحالي، فكل تعاملاته التجارية والأمنية مع إسرائيل هي أسرار مكشوفة، ولا داعي للاندفاع من وجهة نظره في هذا الصدد، لكن ربما يكون الأمر أكثر إلحاحًا بالنسبة لإسرائيل.
ولفتت المعارضة السعودية إلى أنه حتى الآن لم يتم تتويج “بن سلمان” ملكًا، لكنه على أرض الواقع هو الملك، وسيتعين عليه انتظار الأمراء والسعوديين الآخرين لكي يأتوا لأداء قسم الولاء له عند وفاة والده الملك
وخلصت إلى أن العديد من الأمراء سوف يسارعون لمبايعة “بن سلمان” (حال وفاة الملك)؛ خوفًا على حياتهم. وقد يكون آخرون أكثر ترددًا، لكن سيتعرضون جميعًا لضغوط لإظهار الولاء الصريح للملك الجديد. وإذا فشلوا في القيام بذلك، فسيكون الثمن غاليًا، حتى بالنسبة لأولئك المتوارين عن الأنظار بالفعل.