على الرغم من احتفال دول العالم سنويًا باليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام؛ فإن عشرات المعتقلين السعودية لم يعد هذا اليوم يمثّل أي شيء لهم مع استمرار تنفيذ هذه العقوبة ومزاعم السلطات السعودية بإيقافها العام الماضي.

وحتى اليوم، تقول المنظمات الحقوقية إن 40 شخصًا بينهم مواطنون سعوديون ومصريون ودُعاة ينتظرون حكم الإعدام بحقهم بحسب مزاعم أدينوا بها من القضاء السعودي.

ووفقًا لإحصائية المنظمة الأوروبية السعودية، فإن غالبية المحكومين بالإعدام في المملكة هم من المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي.

وباستثناء الصين، فإن السعودية والعراق ومصر تتصدر دول العالم في استخدام الإعدام كعقوبة، وخاصةً ضد من تتهمهم بمناوئة النظام السياسي الحاكم، بمن فيهم من تتهمهم الحكومة السعودية بارتكاب جرائم يُزعم أنها “تزعزع استقرار البلاد”، وذلك حين كانوا دون السنّ القانونية.

وكما يرى العديد من منتقدي الحكومة السعودية، فقد ظهر نمط يتم فيه الإعلان عن تغييرات كبيرة للجمهور الدولي ولكن بعد ذلك لا يتم تنفيذها على الأرض.

يُذكر أنفي مارس 2020 صدر أمر ملكي قالت هيئة حقوق الإنسان الرسمية أنه يوقف بشكل تام اعدام القاصرين، إلا أن ذلك القرار لم يرَ النور؛ فبعد 3 أشهر فقط من إصدار المرسوم الملكي، تم إعدام الناشط السعودي مصطفى الدرويش، مما أكسب المملكة توبيخًا صارمًا من الأمم المتحدة.

ولم يكن القرار الملكي في 2020 آخر ما أصدرته المملكة حيال إلغاء عقوبة الإعدام، فقد سبق ذلك في ربيع 2018 تصريحُ من ولي العهد أن العمل جارٍ لتخفيف تطبيق تلك العقوبة وصولاً إلى أدنى حد.

إلا أن كافة تلك الوعود بدأت تتلاشى، مع بدء هذا العام؛ فبعد أن تراجعت أحكام الإعدام المنفذة خلال العام الماضي بنسبة 85% مقارنة بـ 2019، عاودت الأرقام للارتفاع مجددًا مع بداية العام الجاري، وتضاعفت حتى 10 أكتوبر 2021 ليتم تنفيذ 56 حكمًا.

فقد وثقت المنظمات الحقوقية التي تتابع الشأن السعودي توثيق 7 أحكام من بين الأحكام المنفذة منذ بداية 2021 وهي أحكام قتل تعزيرية، أي أنها أحكام القتل التي يعود فيها الحكم لتقدير القاضي، ولا عقوبة منصوصة عليها في النسخة الإسلامية المتطرفة التي تتبناها السعودية في نظامها القضائي، فيما توزعت الأحكام المتبقية بين الحدود والقصاص في محاكمات لا يمكن الوثوق بها.

وفي أغسطس الماضي نفذت السلطات السعودية حكماً بالقتل تعزيراً بحق الشاب أحمد بن سعيد الجنبي، وبحسب البيان الرسمي الذي أصدرته وزارة الداخلية حول الحكم، لم يواجه الجنبي تهما تتضمن القتل أو إراقة الدماء، بل إن عددا من تهمه كانت لها علاقة بالتظاهر. وتلي ذلك في 6 سبتمبر 2021 تنفيذ حكم الإعدام بحق الشاب عدنان الشرفا.

وفي 5 أكتوبر أعدمت السعودية الشاب مسلم المحسن تعزيرا أيضا، على الرغم من الانتهاكات التي انطوت عليها قضيته، ومن بين ذلك عدم تقديم أدلة وانتزاع اعترافات تحت التعذيب وغيرها. وقد كانت اتهمته حين اعتقلته أنه قاتل، ثم لم تتمكن من تلبيسه التهمة وإستبدلتها بتهمة أخرى وقالت إنه كان يقود دراجة نارية وأن القاتل شخص آخر كان يركب معه، ولكنها في كل الأحوال أصرت على قتله، دونما أي أدلة أو إثباتات.

من ناحيتها، دعت منظمة القسط لحقوق الإنسان إلى الحدِّ من تنفيذ حكم الإعدام بهدف العمل نحو إلغائه والسعي نحو تعديل كلِّ التشريعات القائمة بغاية اقتصار تطبيق عقوبة الإعدام على الجرائم الأكثر خطورة وتحريم إعدام القاصرين.

يذكر أن العام الجاري وحده، سجلت المملكة الخليجية 57 حالة إعدام ويُلاحظ من خلال رصد تقارير وكالة الأنباء السعودية أنه لم يتم تنفيذ أي حالة إعدام لجرائم مرتبطة بالمخدرات.

ومع ذلك، فإن عدم وجود تعديل قانوني رسمي على السياسة يترك الباب مفتوحًا أمام احتمال استمرار مثل هذه الإعدامات.

يُشار إلى أن المملكة العربية السعودية حساسة للغاية لصورتها العامة. وعلى وجه الخصوص، يريد محمد بن سلمان أن يُنظر إليه على أنه المصلح العظيم الذي يريد تغيير البلاد.