MBS metoo

معهد أمريكي: قضية سلمى الشهاب فرصة للتراجع عن التودد لولي العهد السعودي

أصبحت الحكومة السعودية في عهد الحاكم الفعلي ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان” قمعية بشكل متزايد مع عقوبات وحشية حتى لأكثر المعارضين اعتدالًا، ولم يعد من المستغرب أن تسجن الحكومة أشخاصا بسبب تغريدة تراها السلطات عديمة الولاء أو حتى غير متحمسة بما يكفي للسياسة الرسمية.

ويتجلى ذلك في الحكم على المواطنة السعودية “سلمى الشهاب”، طالبة الدكتوراه في جامعة ليدز، بالسجن 34 عامًا لمتابعتها وإعادة تغريدها للمعارضين والناشطين الآخرين على “تويتر”.

ووفقًا لمراقبي حقوق الإنسان، فإن هذه العقوبة هي الأشد بحق أي ناشط سعودي، وقد حُكم عليها في البداية بالسجن لمدة 6 سنوات، ولكن بعد ذلك تمت زيادة العقوبة بعد أن تقدمت بالاستئناف.

 

صفعة جديدة لـ”بايدن”

ويعد الحكم بسجن امرأة بريئة لعقود من الزمن بسبب استخدام وسائل التواصل الاجتماعي دليلا جديدا على أن الحكومة السعودية تستخدم قانون مكافحة الإرهاب لترهيب المعارضين والناشطين وكل من لا يبدي ولاء تاما للسلطات الحاكمة. إنه مثال آخر يدحض كذبة أن ولي العهد محدّث وإصلاحي.

وكما قالت “المنظمة السعودية الأوروبية لحقوق الإنسان”، فإن الحكم “يؤكد أن السعودية تتعامل مع أولئك الذين يطالبون بالإصلاحات والمنتقدين على الشبكات الاجتماعية كإرهابيين”.

وتخضع السعودية لنظام استبدادي منذ فترة طويلة لكنها أصبحت دولة بوليسية بشكل أكبر خلال السنوات القليلة الماضية. وادعت إدارة “بايدن” بعد زيارته إلى السعودية أنه تلقى التزامات تتعلق بحقوق المعارضين، لكن الحكم الرهيب بحق “سلمى الشهاب” بعد بضعة أسابيع فقط من مغادرة “بايدن” يثبت أن هذه الالتزامات لا قيمة لها.

وتوصلت “واشنطن بوست” إلى نفس الاستنتاج في مقال افتتاحي لاذع هذا الأسبوع، قائلة إن “الوعود السعودية لبايدن كانت مهزلة”. وكانت التحذيرات الصادرة عن المعارضين السعوديين قبل زيارة الرئيس الأمريكي صحيحة: إن الاجتماع مع ولي العهد سيشجعه على المزيد من قمع منتقديه في ضوء علمه بأن واشنطن لن تقول شيئًا ولن تفعل شيئًا رداً على ذلك.

ومن الضروري الآن أن تصحح إدارة “بايدن” أخطاءها السابقة وتضع ضغوطًا كبيرة على الرياض لم تكن ترغب في فرضها من قبل.

 

إرهاب جيش الذباب الإلكتروني

دأب ولي العهد وقوات الإنفاذ التابعة له على تتبع ومعاقبة المعارضين المقيمين في الخارج، واستخدمت الحكومة وسائل التواصل الاجتماعي لاستهداف العديد من الناشطين السعوديين ومضايقتهم وتهديدهم.

على سبيل المثال، هناك “سعود القحطاني”، أحد كبار مساعدي ولي العهد وأحد الرجال المتورطين بعمق في مؤامرة قتل “خاشقجي” والذي كان له دور أساسي في إدارة برنامج الحكومة السعودية لتعزيز البروباجندا المؤيدة للحكومة عبر الإنترنت وإسكات السعوديين الذين يعيشون في الشتات.

ويضغط جيش الذباب الإلكتروني الذي يشرف عليه لصالح الخط الحكومي الرسمي ويلاحق أي شخص يعتبره منحرفًا عنه، وصمم “القحطاني” وذبابه الإلكتروني سردية جديدة عن القومية الاستبدادية ووصموا أي شخص يخطو خارج الخط بالخائن.

وتصف “مضاوي الرشيد” هذه الجيش الإلكتروني في كتابها “الملك الابن”، قائلة: “يرهب هذا الجيش السيبراني الناشطين داخل السعودية وخارجها بحجة الدفاع عن الأمة.. لديهم خبرة في اختراق حسابات المعارضين وتنفيذ نظام مراقبة واسع باستخدام أحدث التكنولوجيا المستوردة من الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل”.

وبحسب التقارير، فقد أبلغ أحد أفراد جيش الذباب الإلكتروني عن نشاط “سلمى الشهاب” على “تويتر” من خلال تطبيق للوشاية، وبعد شهرين تم القبض عليها عندما عادت إلى المملكة في عطلة في أواخر عام 2020.

 

ليست أول ولا آخر الضحايا

“سلمى الشهاب” ليست سوى واحدة من ضحايا هذا النظام الرقمي الاستبدادي. على سبيل المثال، لا يزال الداعية “سلمان العودة” في السجن بعد 5 سنوات بسبب كتابة تغريدة تدعو للمصالحة مع قطر في بداية الحصار الذي قادته السعودية ضدها، ورغم أن حصار قطر انتهى إلا أن “العودة” ما يزال محتجزًا دون إدانته بأي شيء.

واستمرت حملة القمع الجديدة على مدار السنوات الخمس الماضية، ووفقًا لتقرير مؤخراً عن موقع “إيكونوميست”، فقد تم اعتقال الآلاف من المواطنين السعوديين من جميع القطاعات، بالإضافة إلى احتجاز المنتقدين لأوهى الأسباب، كما أصبحت حملة الحكومة القمعية أكثر دموية أيضًا.

وبالرغم من وعوده بالابتعاد عن استخدام عقوبة الإعدام، فقد شهد عهد “بن سلمان” زيادة كبيرة في عدد عمليات الإعدام بما في ذلك عمليات الإعدام الجماعية لعشرات السجناء الذين لم يحصلوا على حقهم في محاكمة عادلة.

وفي النصف الأول من عام 2022 وحده، نفذت الحكومة السعودية الإعدام بحق 120 شخصًا، ومن بين هؤلاء 81 شخصًا أُعدموا في يوم واحد في مارس/آذار الماضي.

 

الإفلات من العقاب

كان رد إدارة “بايدن” على الحكم على “سلمى الشهاب” حتى الآن فاترًا وغير مرض، فقد قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة “تدرس” القضية، وأضاف المتحدث باسم الإدارة “نيد برايس”: “لا ينبغي تجريم حرية التعبير للدفاع عن حقوق المرأة”. هذا البيان بداية، لكنه لا يرقى إلى الكثير بحد ذاته.

الواقع أن الحكومة السعودية تجرم الكلام بشكل روتيني وتعامل المعارضة طوال الوقت كما لو كانت الإرهاب، وفي المقابل لا تواجه أي نقد أو رد فعل من واشنطن عندما تفعل ذلك.

ولدى الإدارة الأمريكية هنا فرصة للتراجع عن القليل من الأضرار التي ألحقتها بسمعتها وسمعة الولايات المتحدة عندما توددت إلى ولي العهد. ولتحقيق ذلك، يجب على “بايدن” الضغط على الحكومة السعودية لإسقاط التهم الموجهة إلى “سلمى الشهاب” والسماح لها بالعودة إلى أسرتها في المملكة المتحدة.

لم تكن السعودية ولا يمكن أن تكون شريكًا أمنيًا موثوقًا عندما تعامل الكلام على أنه إرهاب وتحبس الناشطين السلميين لسنوات وعقود. وعندما تدعم الولايات المتحدة الحكومات القمعية مثل هذه الحكومة، فإنها تورط نفسها في انتهاكاتها.

وطالما أن الحكومة السعودية تعتقد أنه لا يوجد شيء تفعله يهدد دعم واشنطن لها، فإن سلوكها سيصبح أكثر انتهاكًا وتجاوزًا مع مرور الوقت.

ومنذ أن أصبح “بن سلمان” وليا للعهد، لم يواجه أي مقاومة جدية ومستدامة من واشنطن، وقد دفعه ذلك لاستنتاج أنه قادر على التصرف دون عقاب. لقد حان الوقت لجعل ولي العهد والحكومة السعودية يواجهون عواقب هذه الأفعال. يجب إيقاف مبيعات الأسلحة والتركيز بشكل أكبر على انتهاكات حقوق الإنسان وتوجيه المزيد من الانتقادات المباشرة.

Exit mobile version