قبل يومين، ذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية أن الملك “سلمان بن عبدالعزيز”، 86 عاما، نُقل إلى المستشفى في جدة لإجراء فحوصات. ويأتي دخول العاهل السعودي إلى المستشفى في وقت حساس، ويثير مرة أخرى مخاوف وتكهنات بشأن استقرار المملكة بعد رحيل الملك.

وقد تحدث في السعودية أزمة قيادية بعد وفاة “سلمان” خاصة مع التحديات التي تواجهها المملكة. على سبيل المثال، تعد العلاقات مع الولايات المتحدة، الحليف المركزي منذ 77 عامًا، في أزمة بالفعل. وهناك عدد غير قليل من المسؤولين في واشنطن لن يتصالح مع حكم “بن سلمان”.

في المقابل، فإن الشعور السائد في الرياض هو أن الإدارة الأمريكية لم تعد تعتبرها حليفًا رئيسيًا، وأنها تتصرف أحيانًا بطريقة تتعارض مع المصالح الرئيسية للسعودية، كما كان الحال مع الانسحاب من أفغانستان، والموقف من الحوثيين في اليمن، وقبل كل شيء التهديد الإيراني والمفاوضات النووية.

كما أن النهج الذي اتبعه “بايدن” تجاه “بن سلمان” (خاصة في ضوء اغتيال الصحفي “جمال خاشقجي” والحرب في اليمن) كان يُنظر إليه على أنه محاولة لتقويض شرعية الحاكم الفعلي وملك المستقبل.

علاوة على ذلك، تمر علاقات السعودية مع إيران بمنعطف حرج، وتتطلب المحادثات بين الخصمين الإقليميين اتخاذ قرارات، بعضها حساس. ويعكس الحوار الجاري بين البلدين، والمستمر منذ أبريل/نيسان 2021، اهتمام الخصمين بتخفيف التوترات وحل المشكلات بينهما، لا سيما الحرب في اليمن، التي دخلت مرحلة حرجة مع تغيير القيادة ووقف إطلاق النار بين التحالف الذي تقوده السعودية والحوثيين المدعومين من إيران.

ومن المهم للغاية (إقليميا وعالميا) من سيحكم المملكة التي تعد أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط وحارس الأماكن المقدسة للإسلام. ولدى إسرائيل مصلحة واضحة في استقرار المملكة وتحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة حتى تظل في المعسكر العربي الموالي لأمريكا. علاوة على ذلك، تشير التقديرات إلى أن “بن سلمان” سيظهر براجماتية أكبر من والده فيما يتعلق بالعلاقة مع اسرائيل، بمعنى أنه سيكون أكثر استعدادًا لمزيد من الانفتاح في العلاقات.

لكن موضوع الاستقرار الداخلي في المملكة بات الآن موضع تساؤل كبير، على الأقل حتى يثبت الملك الجديد حكمه. وستساعد سيطرة “بن سلمان” على جميع الأجهزة الأمنية على تمكينه من الحكم رغم المعارضة القوية التي لا تزال موجودة بشأن توليه عرش المملكة.

ومع ذلك، يبدو أن خصوم “بن سلمان” في الداخل مصممون على تقويض شرعية حكمه ويدفعون بالمملكة إلى فترة من عدم الاستقرار الداخلي.

 

منظار القولون

الملفت تناول صحة الملك بشكل رسمي وعلني في بيانات ملكية، كان آخرها، إعلان الديوان الملكي السعودي، الأحد الماضي، أن الملك  “سلمان” أجرى في مستشفى الملك “فيصل” التخصصي بجدة، منظاراً للقولون، مؤكداً أن النتيجة سليمة.

وهذه هي المرة الثانية التي يعلن فيها الديوان الملكي السعودي، دخول خادم الحرمين الشريفين المستشفى، حيث أجرى في منتصف مارس/آذار الماضي فحوصات طبية وغير بطارية منظم ضربات القلب.

وحينها، بثت وكالة الأنباء السعودية الرسمية “واس”، أن عملية تغيير بطارية منظم ضربات القلب للملك “سلمان” تكللت بالنجاح، في أول إعلان ملكي علني عن طبيعة الحالة الصحية للملك، مقارنة بما كان يفرض في السابق من سرية وتكتم شديديين حول ذلك.

ومن النادر جدا أن تنشر المملكة بيانات تتعلق بالحالة الصحية للملك البالغ من العمر 86 عاما، الذي أجريت له عام 2010 عملية لمعالجة انزلاق غضروفي في العمود الفقري.

وقبل شهور، كشف موقع “تاكتيكال ريبورت” المتخصص في نشر معلومات الاستخبارات بالشرق الأوسط، عن معاناة الملك “سلمان” من آلام في البطن.

وخضع العاهل السعودي لجراحة في المرارة، في يوليو/تموز 2020، دون أن يستبعد الفريق المعالج أن تكون هناك أسباب أكثر خطورة مثل إصابته بـ”ورم”، وهو ربما ما استدعى إجراء عملية المنظار الأخيرة.

لكن صحيفة “بيزنيس إنسايدر”، تزعم أن الملك “سلمان” مصاب بأعراض ما قبل الخرف، وأنه يخضع لرعاية طبية فائقة.

 

ظهور نادر

التطورات المتعلقة بحالة “سلمان” صحيا، صاحبها لقطات متلفزة، بثها التلفزيون السعودي، في وقت سابق، يظهر خلالها الملك، البالغ من العمر 86 عاما، وهو يسير مستخدما عكازا، مع ابنه ولي العهد (34 عاما)، الذي يصغره بأكثر من 50 عاما.

وظهر الملك “سلمان”، 29 ديسمبر/كانون الأول الماضي، في خطاب مقتضب، استغرق 3 دقائق و40 ثانية، وجرى عبر الاتصال المرئي، أعلن بعد اختفاء عن الأنظار دام شهورا خلاله افتتاح دور انعقاد مجلس الشورى (البرلمان).

وكان الاجتماع مع وزير الخارجية البريطاني السابق “دومينيك راب”، في يونيو/حزيران 2021، آخر لقاء للعاهل السعودي مع مسؤول غربي.

وغاب “سلمان” عن قمة المصالحة الخليجية التي عقدت في مدينة العلا السعودية، ينيير/كانون الثاني 2021، كما غاب عن قمة مجلس التعاون الخليجي الـ42، التي استضافتها بلاده، ديسمبر/كانون الأول 2021.

وعلى مدار قرابة عامين، كانت زيارة الملك “سلمان” الأخيرة الوحيدة للعاصمة الرياض في أغسطس/آب 2020.

ويقيم خادم الحرمين الشريفين منذ أكثر من 600 يوما في قصره بمدينة نيوم الصحراوية (غربي المملكة)، في عزلة عن أفراد الأسرة المالكة، وسط مخاوف من تعرضه لفيروس “كورونا”، بحسب صحيفة “بيزينيس إنسايدر”.