تزاحم المسؤولون السعوديون قبل أيام على أبواب الصحف، لرفع التهاني للملك سلمان بن عبد العزيز بمناسبة الذكرى الخامسة لصعوده على عرش المملكة. بدأ كل مسؤول يتفنن في تزييف صورة جميلة لهذه الفترة المظلمة، علّها تقربهم عند الملك وابنه “زلفى” أو تنجيهم من جبروتهم.

وشهدت هذه الفترة تغيرات كثيرة في سياسات المملكة، خصوصاً بعد وصول محمد بن سلمان لمنصب ولي العهد.

وتعتبر فترة حكم الملك سلمان التي بدأت في 30 نوفمبر 2014–بحسب محللين– أسوأ فترة حكم منذ تأسيس المملكة عام 1932، حيث تلخصت في قيام السلطات خلالها بانتهاكات مروعة في ملف حقوق الإنسان، وشنها حرباً عشوائية وغير مدروسة على اليمن، إضافة إلى ارتفاع كبير في معدلات البطالة، وإصلاحات اقتصادية زائفة، وانفتاح غير مشروط يخالف قيم وأخلاق المجتمع السعودي. كذلك تعرض منشآتها لهجمات مدمرة كشفت هشاشة منظومتها الدفاعية.

 

الحرب على اليمن

بعد صعود الملك سلمان بأربعة أشهر شكلت المملكة إلى جانب عدة دول تحالفاً عسكرياً، وشنت حرباً على اليمن، في إطار ما أسمته “استعادة الشرعية وإنهاء الانقلاب الحوثي”، وقالت المملكة إنها وضعت خطة زمنية لتحقيق أهدافها خلال أسابيع قليلة. لكنها لم تستطع الخروج منها إلى اليوم.وفي حين ذهبت مجلة “التايمز” البريطانية إلى تقدير تكلفة الحرب بنحو 200 مليون دولار يومياً؛ أي 72 مليار دولار سنوياً و216 مليار دولار في ثلاث سنوات، تشير مصادر أخرى إلى أن المبلغ أكبر بكثير، وتقدره “فورين بوليسي” بنحو 725 مليار دولار في الأشهر الستة الأولى فقط منها الصفقات العسكرية للمملكة.

خلال السنوات الماضية فرضت المملكة على اليمن حضراً برياً وجوياً وبحرياً، وقامت بتدمير بنيتها التحتية ، ومالت كثيراً عن أهدافها، وبدأت بتنفيذ خطط لتحقيق أطماعها في اليمن، إلى جانب حليفتها الإمارات.

مؤخراً لم تجد المملكة ملجأً للخروج من هذه الحرب إلا عبر إجراء مفاوضات مع الحوثيين، بعد حوالي خمس سنوات من الحرب التي قضت تماماً على اليمن. حيث صنفت الأمم المتحدة الأزمة اليمنية التي قتل خلالها أكثر من مئة ألف شخص، وشردت الملايين؛ بأنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

 

إعادة تنظيم أجهزة الدولة الحساسة

بعد تولي الملك سلمان مقاليد الحكم في المملكة أعادت السلطات بهدوء تنظيم الأجهزة القضائية والاستخباراتية والأمنية، والتي تعتبر أهم أدوات القمع الأساسية في المملكة، ووضعتها تحت إشراف الديوان الملكي مباشرة. ثم بدأت السلطات بشن حملات اعتقالات استهدفت شيوخ وعلماء ودعاة بارزين، ومثقفين، ونشطاء حقوقيين.

ثم شكل الملك لاحقاً ما عُرف باسم “اللجنة العليا لمكافحة الفساد” برئاسة ابنه محمد ، وشنت حملة اعتقالات واسعة في نوفمبر 2017 طالت عدداً من الأمراء ورجال الأعمال السعوديين وخاصة من أهل الحجاز بتهم الفساد، ووضعتهم في فندق “ريتز كارلتون”. وقد انتهى عمل اللجنة في يناير الماضي بعد أن تحصلت على 400 مليار ريال سعودي، أخذت من أموال التجار والأمراء المعتقلين.

 

رؤية 2030

في 25 أبريل/نيسان 2016، أعلن ولي ولي العهد السعودي “ولي العهد” حالياً، الأمير “محمد بن سلمان” عن خطة “رؤية 2030” لإحداث ثورة في الاقتصاد السعودي من خلال الاستغناء عن المورد النفطي. وسعيه للانفتاح الواسع باتجاه الغرب، وعلمنة المملكة.

وتظهر بوادر فشل الخطة من خلال انعدام تحقيق أي نتائج منذ إطلاقها حتى الآن، بل إن التقارير تؤكد تراجع نمو الاقتصاد السعودي خلال السنوات الثلاث الماضية، وتزايد العجز في الموازنة كل سنة؛ بسبب الإنفاقات غير المدروسة من قبل السلطات. بالإضافة أيضاً للزيادة الكبيرة في نسبة البطالة.

يدرك واضعو رؤية 2030 تمام الإدراك أنه لكي تنجح الخطة، يجب أن يتبنى المجتمع والسلطات في المملكة “قيم الاعتدال والتسامح والانضباط والإنصاف والشفافية” . وهذا لم يحدث مطلقاً، بل الذي حدث أن قامتالسلطات بانتهاكات جسيمة، بحق مواطنيها. وتقول رؤية 2030 أنها تسعى لإجراء مجموعة واسعة للغاية من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، لكنها صامتة بشأن مسألة الإصلاح السياسي.

وإذا ما كان للرؤية من شيء سياسي يذكر؛ فهي أنها أصبحت وسيلة لتعزيز الموقف السياسي للملك سلمان وابنه محمد بن سلمان. فقد ساعد إشراف الأخير على رؤية 2030 في محاولة تلميع صورته العامة أمام المجتمع الدولي والمحلي. أما حدوث إصلاح سياسي أو تغيير العقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم وفق قاعدة الحقوق والتطورات الاقتصادية الجديدة؛ فلا يوجد شيء من ذلك.

 

الاعتقالات وملاحقة المعارضين

قامت السعودية خلال السنوات الماضية من حكم الملك سلمان باعتقال المئات دون تفريق بين الجنسين، بينهم دعاة ورجال دين، وأكاديميون، ونشطاء حقوقيون، ورجال أعمال واقتصاديون، وكتاب وشعراء وأطباء. وكان أبرزها الحملة التي شنتها المملكة في سبتمبر 2017 وطالت دعاة ورجال دين بارزين، بعضهم مهدد بالإعدام، منهم المشائخ “سلمان العودة” و“عوض القرني” و”علي العمري”.

إلى جانب ذلك فالمنتقدون أو النشطاء السابقون داخل المملكة، ومن لا يدورون في فلك “ابن الملك سلمان” ليسوا بمنأى عن الاعتقال، فقد شنت السلطات السعودية خلال نوفمبر الماضي حملة اعتقالات طالت عشرة ناشطين بينهم صحفيتان، لكن أغلبهم كان قد توقف عن الأنشطة الاجتماعية والكتابة السياسية منذ فترة.وأفرج عنهم لاحقاً، في خطوة عدها الكثيرون غريبة على النظام السعودي.

لا تكتفي السلطات السعودية بممارسة القمع وشنّ حملات الاعتقال بحق الناشطين والناشطات وإيداعهم السجن، بل تقوم بإخفاء المئات منهم قسرياً في سجون سرية، من دون معرفة أهاليهم أي أمر عنهم، فضلاً عن ارتكابها جرائم تعذيب بحق المعتقلين، تمثلت بالإهمال الصحي، والضرب المبرح، والصعق الكهربائي، والتعليق بالأسقف، والتحرش الجنسي.. وغيرها من أنواع التعذيب التي أدت إلى وفاة بعض المعتقلين.

 

تفكيك وإهانة العائلة الحاكمة

منذ صعوده قبل خمس سنوات، بدأ الملك وابنه مسيرتهم في تفكيك أسرتهم المالكة، لغرض إزاحة منافسي (ابن الملك) عن طريقه. ففي يونيو 2017 تمت الإطاحة فجأة بولي العهد السابق، الأمير ” محمد بن نائف” وتصعيد ولي ولي العهد محمد بن سلمان لمنصب ولي العهد. حيث تم اعتقال حراس بن نائف ومساعديه، وأدخل إلى غرفة خاصة بعد تجريده من أجهزة الهاتف التي يحملها وأرغموه هناك على التنازل عن منصبيه (ولي العهد، ونائب رئيس الوزراء وزير الداخلية). و تم بعد ذلك منعه من السفر، و وضعه مع مساعديه تحت الإقامة الجبرية ،  وتم تركيب أجهزة تنصت وتعقب على أرجلهم. حسبما أكدت عدة مصادر، منها صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.

لم يكن ابن نائف الضحية الوحيدة، بل امتدت الانتهاكات لتطال كل من يقف في صفه من الأسرة المالكة ومن خارجها، ووضعهم جميعاً تحت الإقامة الجبرية، وتعذيبهم ومصادرة أموالهم، بتهمة (مكافحة الفساد)، كما حصل لأمراء ورجال أعمال في حادثة “فندق الريتز” في نوفمبر 2017.

وكشفت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية أن السلطات السعودية كلفت “مرتزقة أمريكيين” للتحقيق مع الأمراء المعتقلين. وقالت أنهم “يوسعون المعتقلين ضرباً، ويعذبونهم ويصفعونهم ويهينونهم لجعلهم ينهارون”.

ولم يقتصر الأمر على ذلك؛ بل أقدمت السلطات على اعتقال أميرات ومنعهن من السفر، ووضعهن تحت الإقامة الجبرية. ووصل الأمر إلى اعتقال أمراء معارضين من داخل دول أجنبية ونقلهم سراً إلى الرياض. إضافة إلى نصب أجهزة تنصت في منازل  الأمراء ، لكبتهم وترهيبهم.

إضافة لذلك، يشير عدم تعيين ولي ولي للعهد إلى الخلاف الكبير الدائر بين أسرة “آل سعود” خصوصاً أعضاء هيئة البيعة، ويبدو أنه تم تأجيل هذا الأمر لحين إحكام ابن سلمان قبضته على الأمور في المملكة.

 

طمس قضية فلسطين

كانت السعودية تتحرك في القضية الفلسطينية من خلال التلبس بـ ”إسلامية” القضية، ومحاولة التحرك بشأنها بما لا يخدش البُعد المتعلق بنفوذ المملكة في العالم الإسلامي. لكن منذ تصعيد الملك سلمان لابنه محمد، دشن ابن الملك خطته “الانفتاحية” نحو الغرب. وطمس هوية شعبه. وقام بتنفيذ ما تمليه عليه الغرف المغلقة في البيت الأبيض. وقد تجلت شخصيته التطبيعية بوضوح من خلال تصرفاته تجاه القضية الفلسطينية. حيث رعى رسمياً ما يسمى “صفقة القرن” التي تقوم على إقامة سلام بين الفلسطينيين وإسرائيل من جهة، و بين إسرائيل والدول العربية من جهة أخرى. وكشفت مصادر استخباراتية أن ابن سلمان هو من رعاها بشكل رسمي، وأعد لها، إلى جانب صهر ترامب ومستشاره جاريد كوشنر، والمبعوث الأميركي لعملية السلام في الشرق الأوسط  جيسون غرينبلات. ورافقتها حملة إعلامية شعواء، من قبل الإعلام السعودي، ضد ما أسموه “عرب الشمال” وخصوصاً الفلسطينيين. وشن نشطاء سعوديون حملة لتشويه رجال المقاومة في فلسطين، وفي غزة على وجه الخصوص.

وخرجت شخصيات سعودية تطبيعية، مقربة من ابن سلمان ، تدعو من قلب العاصمة السعودية الرياض للتطبيع مع إسرائيل، وهو ما لم يتوقعه أحد، حتى السعوديون أنفسهم لم يكونوا يتوقعون أن تأتي مثل هذه التصريحات من شخص سعودي. وفي يوليو الماضي قام المطبع محمد سعود بزيارة إلى إسرائيل، التقى خلالها ببنيامين نتنياهو. ووصفت وسائل الإعلام هذه الزيارة بـ”التطبيعية” بين الرياض وتل أبيب.

وفي أبريل الماضي شنت السلطات السعودية حملة اعتقالات ضد فلسطينيين، و كفلائهم السعوديين، وقامت بتجميد أرصدتهم؛ لتضامنهم مع القضية الفلسطينية، وإرسال أموال إلى فلسطين. من بين المعتقلين مسؤول علاقات حركة المقاومة الإسلامية حماس في السعودية “محمد صالح الخضري” ذو الواحدة والثمانين عاماً. واعتقلت أيضاً شخصية فلسطينية بارزة أثناء قدومه لأداء فريضة الحج.

 

العلاقات الخارجية

تمتلك السعودية أضخم احتياطي نفطي عالمي، يدر عليها أموالاً طائلة، وتقع معظم سياساتها الخارجية والإقليمية على هذا البُعد، وتستخدم كل الوسائل الممكنة للتدخل في الشؤون الخاصة للدول العربية والإسلامية وإثارة الأزمات فيها.

وتدخلت المملكة في شؤون الدول التي شهدت ثورات الربيع العربي المطالبة بالتصحيح. ليس لشيء؛ إلا لعدائها لعدالة والديموقراطية التي تنشدها تلك الثورات. فأشعلت بعد وصول الملك سلمان لكرسي العرش حرباً في اليمن بهدف إعادة الشرعية، ولم تستطع الخروج منها حتى الآن، وتسببت بمقتل أكثر من مئة ألف يمني. وفي حين تدخلت في الشأن اليمني لإعادة الشرعية؛ قامت في ليبيا بدعم قوات اللواء خليفة حفتر، ضد الحكومة الشرعية. وقال وزير خارجيتها أن حفتر تلقى ضوءاً أخضر من السعودية للتحرك العسكري نحو العاصمة طرابلس وتدميرها.

وتدخلت في الشأن المصري عندما قامت بدعم الانقلاب ضد الرئيس المنتخب شرعياً “محمد مرسي” وتصعيد السيسي إلى كرسي الرئاسة، فكافأها السيسي بالتنازل عن جزيرتي “صنافير وتيران” في البحر الأحمر وضمهما للمملكة. إضافة إلى ذلك قامت السعودية باحتجاز رئيس الوزراء اللبناني السابق “سعد الحريري” في الرياض لعدة أسابيع.

تحاول السعودية إقحام أنفها، وافتعال المشاكل في كثير من الدول العربية والإسلامية. وكشفت تقارير أن السعودية تسببت بأزمات في عدة دول، مثل المغرب والكويت والسودان وسوريا ولبنان. إضافة لدعم الأكراد ضد تركيا.

ووقعت أيضاً على خطاب يدعم سياسات الصين في منطقة شينجيانغ، والتي تسمح للصين بارتكاب المجازر والإبادات الجماعية في هذه المنطقة التي يقع فيها حوالي مليون شخص من مسلمي (الإيغور) ، واعتقلت أطفالهم ووضعتهم في معسكرات لإعادة تأهيلهم. ووقعت كذلك في أواخر أكتوبر الماضي اتفاقيات تجارية مع رئيس الوزراء الهندي، الذي كان قد وقع قبلها على قرار يلغي الحكم الذاتي لإقليم جامو وكشمير، ذي الأغلبية المسلمة، و من الممكن أن يشعل هذا القرار حرباً مع دولة باكستان الإسلامية.

والتزمت السعودية الصمت أمام المجازر التي يتعرض لها مسلمو الروهينغا في ميانمار، بل تعدت ذلك إلى إصدار قرار ضد مئة ألف روهينغي يعيشون في المملكة، والذي يقضي بترحيلهم إلى بلادهم، حيث أصبحوا مهددين بين المجازر في بلادهم، أو السجون السعودية.

رغم أن السعودية تعتبر مرتكز ومحور العالم الإسلامي، لتحكمها في “قبلة المسلمين” ومدينتي ” مكة والمدينة المنورة ” ويلجأ إليها الملايين سنوياً لأداء الحج والعمرة؛ إلا أن جميع أعمالها منافية تماماً لقيم الدين الإسلامي، وقد أدت تدخلات المملكة السافرة إلى إصدار الشيخ “الصادق الغرياني” ، مفتي حكومة الوفاق الليبية، فتوى بتحريم العمرة أو الحج على من كان قد أداها سابقاً ، كونه بذلك يدعم “حكام السعودية بأمواله”، ويسهم بقتل المسلمين.

 

قيادة المرأة

بعد فترة طويلة من منع المرأة السعودية من قيادة السيارات، أصدر الملك سلمان في 26 سبتمبر من عام 2017 أمراً بالسماح للمرأة السعودية بالقيادة.وجاء القرار بعد حملة واسعة تبناها ناشطون وناشطات تطالب السلطات السعودية برفع الحظر عن قيادة المرأة السعودية، وبعد قرار رفع الحظر شنت المملكة حملة اعتقالات طالت معظم الناشطات اللاتي طالبن بحق المرأة السعودية في القيادة.

 

حصار قطر

شهد عهد الملك سلمان، وتحديداً في 5 يونيو 2017، إعلان السعودية والإمارات والبحرين ومصر مقاطعة دبلوماسية واقتصادية، وفرض حصار على قطر.

واتُهمت قطر بدعم الجماعات الإرهابية، ودعم الإخوان المسلمين، بالإضافة إلى التحريض على حكوماتها، و التقارب مع إيران. وكانت السعودية قد أكدت أنها ستقوم بشق قناة بحرية لعزل قطر برياً. لكنها تراجعت. “لكن قطر استطاعت الخروج من هذه الأزمة بسبب نفوذها العالمي، إضافة إلى فشل الإدارة السعودية في إدارة هذا الملف” بحسب تقاريرعديدة من مؤسسات دولية.

 

قضية خاشقجي

يعتبر قتل الصحفي “جمال خاشقجي” وتقطيع جثته وإخفائها داخل القنصلية السعودية بإسطنبول في 2 أكتوبر 2018 أقوى حدث هز كيان المملكة، وسمعتها العالمية، ولاقى ردود أفعال واسعة تجاه السعودية.

تسببت قضية مقتل خاشقجي –التي يتهم ابن سلمان بإدارتها– بخروج مظاهرات مناهضة للحكومة السعودية في عدد من دول العالم، إضافة إلى مقاطعة عدد من الدول والمستثمرين لمؤتمر مستقبل الاستثمار السعودي.

وتؤكد جميع التقارير الواردة تورط ولي العهد السعودي –حليف واشنطن– في مقتل جمال خاشقجي، وأكدت مؤخراً مجلة (ذي سبيكتيتور) البريطانية أن “جاريد كوشنر” مستشار وصهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعطى الضوء الأخضر لولي العهد السعودي محمد بن سلمان للقبض على الصحفي السعودي “جمال خاشقجي” قبل القتل الوحشي الذي تعرض له في قنصلية المملكة بإسطنبول.

حاولت السعودية الخروج من هذا المأزق واتهمت 11 شخصاً بالتورط في القضية، أغلبهم مقرب من ابن سلمان، لكنها فشلت. حيث تقول المملكة إن التحقيقات لا تزال جارية معهم، وسط مطالبات من الحكومة التركية بتسليم مرتكبي الجريمة للتحقيق معهم على أراضيها. لكن المملكة ترفض هذا الأمر.

 

قضية التجسس على تويتر

في نوفمبر الماضي اتهمت وزارة العدل الأمريكية اثنين من موظفي تويتر السابقين بالتجسس على معارضين سعوديين لصالح حكومة الرياض. والوصول إلى المعلومات الشخصية لأكثر من 6000 حساب على تويتر عام 2015 وإرسالها إلى السلطات السعودية، بينهم المعارض السعودي عمر عبدالعزيز، الذي أصبح فيما بعد قريباً من الصحفي جمال خاشقجي.

ويتهم “بدر العساكر” مدير مكتب محمد بن سلمان، ورئيس جمعية “مسك” بإدارة هذه العملية، حيث قدم أموالاً طائلة وهدايا باهظة الثمن للأشخاص الذين نفذوا عملية التجسس.

وكانت هذه العملية قد تسبب باعتقال العشرات من المعارضين السعوديين، بينهم الصحفي تركي بن عبد العزيز الجاسر، الذي اعتقل في مارس 2018 ويعتقد أنه كان يدير حساباً على تويتر باسم “كشكول” ينتقد الحكومة السعودية، وتعرض لأقسى أنواع التعذيب، ويقال أنه توفي تحت التعذيب.

 

زيادة نسبة البطالة

رغم كل الخطط التي أطلقتها المملكة خلال السنوات الماضية للحد من البطالة، إضافة لرحيل عدد هائل من العمالة الأجنبية بسبب إجراءات سعودة الوظائف؛ فإنها قد فشلت تماماً في خفض نسبة البطالة.

وأعلنت السعودية منذ أكثر من ثلاث سنوات عن رؤيتها الاقتصادية 2030 التي ستلغي اعتماد اقتصادها على موارد النفط كلياً، ومحاولة إنعاش الجوانب الاقتصادية الأخرى، والاعتماد على العمالة السعودية، وأطلقت ما أسمته “توطين الوظائف” لخفض نسبة البطالة، إلا أن نسبتها لا زالت كما هي منذ ذلك الحين (أعلى من 12%).

وأشار تقرير نشرته صحيفة “بلومبيرغ” الأمريكية إلى أن نسبة البطالة بقيت كما هي منذ 3 سنوات (أعلى من 12%) لعدة أسباب منها انعدام الثقة بإصلاحات بن سلمان. مؤكدة أن صبر الشباب السعودي قد ينفذ؛ مع تزايد نسبة البطالة، في ظل تزايد طلبات الوظيفة.

 

فشل متتابع

يلاحظ خلال فترة حكم الملك سلمان أن السعودية تحولت إلى دولة بوليسية، تمارس أقسى أنواع الانتهاكات لإسكات الأصوات المعارضة، وكبت ما تبقى من انتقادات داخل صدور المواطنين.

لم تستطع السعودية خلال الفترة الماضية تحقيق أي نجاح يذكر، فالتحولات في السياسات جميعها سلبية، إضافة إلى ما تدعي المملكة بتسميته: “الإصلاحات الداخلية” والتي تتعارض مع قيم المجتمع، وتعتبر جزءاً من هذا التحول، حيث يرى أغلب السعوديين صعوبة كبيرة في تطبيق هذه الإجراءات، وفرضها عليهم.

تسببت الإدارة العشوائية التي تسيِّر أمور المملكة بتشويه صورتها أمام العالم، وتسببت بخسائر اقتصادية كبيرة نتيجة فرار أصحاب رؤوس الأموال ، إضافة إلى خشية المستثمرين الأجانب من وضع أموالهم داخل دولة تنتهك حقوق الإنسان، خصوصاً بعد حادثة الريتز كارلتون، وقتل الصحفي خاشقجي.

تدعي السعودية أنها “لن تتسامح مطلقًا مع جميع مستويات الفساد، سواء كانت إدارية أو مالية” لكن القصور في النظام القضائي كبير وواسع للغاية، ولا يتمتع بالاستقلالية، وتم سجن العديد من القضاة الذين لم يقبلوا أوامر الديوان. ويظهر ذلك واضحاً من الاعتقالات بسبب التعبير عن الرأي، بدون أمر قضائي، ولا إجراءات محاكمة، إضافة للمواجهة الصارمة “للانتقاد والصمت” على حد سواء، حسب تعبير الأكاديمية المعارضة مضاوي الرشيد.

ويبدو من خلال حملة الاعتقالات الأخيرة التي شنتها السلطات السعودية بحق نشطاء بعضهم من المؤيدين لها؛ أن المملكة لا تقبل الآراء، ويظهر أن الغرض من اعتقالهم هو مواجهة أي نشاط للمجموعات أو الأفراد السعوديين، باعتباره جزءاً من الحملة التي يقوم بها “ابن الملك سلمان” ضد أي وجود للأنشطة والنشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي.

ومع محاولة السعودية الانفتاح بشكل واسع مع الغرب لتلميع صورة ولي العهد؛ تواجه السعودية حملة انتقادات عالمية واسعة بسبب سياستها القمعية. وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” لحقوق الإنسان، إن: “وراء المظاهر البرّاقة المستجدة؛ تقبع حقيقة مُظلمة، مع سعي السلطات السعودية إلى إزاحة أي شخص في المملكة يجرؤ على الوقوف في طريق صعود محمد بن سلمان السياسي، وفي صيف 2017، في الفترة التي شهدت تعيينه وليًا للعهد، أعادت السلطات بهدوء تنظيم أجهزة النيابة العامة والأمن السعودية، التي تعتبر أدوات القمع الأساسية في المملكة، ووضعتها تحت إشراف الديوان الملكي مباشرة“.