أكد موقع فرنسي، أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، حوّل موقع “تويتر” إلى منصة للترويج لنفسه وتعزيز شعبيته، وملاحقة كل صوت معارض، حيث أصبح خبيرا في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لتعزيز شعبيته، وسحق منتقديه.

وأشار موقع “أفريقا ريبورت”، في تقرير له، إلى أنه “وفي وقت مبكر من سنوات مراهقته، كان ابن سلمان مستخدما مهووسا لوسائل التواصل الاجتماعي، وانجذب بشكل خاص إلى تويتر المنصة الافتراضية الأولى للسعوديين والتي يفضلونها منذ فترة طويلة حتى على فيسبوك”.

وأوائل عام 2010، بدت قناة “Twitterverse” في السعودية “مثل برلمان البلاد”، التي يمكن فيها مناقشة وانتقاد أي شيء على هذه المنصة، ولم يتم تحديد أي خطوط حمراء أمام النقاش من السياسة الخارجية السعودية إلى حقوق المرأة والإصلاحات الدينية.

بعدها بعام ظهر حساب على تويتر تحت اسم “مجتهد” مع أكثر من 2 مليون متابع وأصبح سريعا مصدرا رئيسا للمعلومات حول أحدث مكائد القصر.

وفيما أكد مجتهد أن معظم معلوماته تأتي من مصادر مجهولة، بما في ذلك الأمراء الذين يتواصل معهم شفهيا، نادرا ما ثبت خطأ رواياته، لدرجة أن البعض يشتبه في أنه ينتمي إلى العائلة المالكة، وفق الموقع الفرنسي.

وكشف “مجتهد” عن معلومات مفادها أن سياسة السعودية تتجه نحو التقارب مع إسرائيل وأن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، كان قوة مؤثرة وراء هذا التحول.

ومع ذلك، لا يبدو أن الحرس القديم للقادة في المملكة يدركون تماما الدور الذي لعبته منصات التواصل الاجتماعي خلال الربيع العربي ولا يزال يلعب في نشر المحتوى المعارض للأنظمة، وفق الموقع الفرنسي.

 

ألاعيب خطيرة

والسعودية، حيث يبلغ متوسط ​​العمر حوالي 29 عاما، يعد التحكم في وسائل التواصل الاجتماعي أمرا محفوفا بالمخاطر، لكن بالنسبة لأمراء العائلة المالكة رفيعي المستوى، والذين هم عموما الأكبر سنا، لا يزال التأثير يتلخص أساسا في الشبكات القبلية والعلاقات مع كبار السن من الشخصيات الدينية.

لكن ابن سلمان أدرك في وقت مبكر جدا أنه يمكنه استخدام “تويتر” لتعزيز شعبيته، خاصة بعد أن شعر بالقلق عام 2014، عندما بدأت الشائعات تنتشر على المنصة بأن والده، ولي العهد آنذاك الأمير سلمان بن عبد العزيز، الذي كان على وشك أن يرث العرش “مصاب بالخرف”.

وكلف الأمير الشاب، مساعده المخلص، بدر العساكر، بإيجاد طريقة لكشف المنتقدين المجهولين الذين ينشرون الشائعات.

وفي يونيو/حزيران 2014، سافر عساكر إلى المقر الرئيس لـ”تويتر” في سان فرانسيسكو للقاء رئيس الشركة في الشرق الأوسط، أحمد أبو عمو، وهو مصري أميركي، ودون تسمية ابن سلمان، أخبر العساكر أبو عمو أنه يعمل مع أمير سعودي كبير في استخدام “تويتر”.

وخلال اجتماع ثان في وقت لاحق، أعطى العساكر موظف “تويتر” ساعة بقيمة 20 ألف دولار، وبعد وقت قصير من هذا الموعد، طلب العساكر من أبو عمو العثور على عنوان البريد الإلكتروني ورقم هاتف “مجتهد” من خلال الوصول إلى الأنظمة الداخلية للمنصة.

واستمر أبو عمو في تلقي الطلبات من السعوديين، وفي الوقت نفسه، أصبح سلمان ملكا وابنه محمد أحد أقوى الرجال في البلاد، وتلقى أبو عمو أكثر من 300 ألف دولار كتعويض مودعة في حساب بنكي لبناني عن المعلومات التي أفشاها.

ومع مرور الوقت، أراد العساكر أن يكون لديه أكثر من عميل واحد في عملاق وسائل التواصل الاجتماعي بالولايات المتحدة، خاصة وأن المهارات الفنية لأبو عمو كانت محدودة.

ومن المضحك أن موقع “تويتر” قد وظف مؤخرا سعوديا شابا كمهندس برمجيات، وهو “علي الزبارة” الذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة ولكنه كان وطنيا بشدة، وكمسؤول عن صيانة الأنظمة، كان بإمكان الزبارة الوصول إلى معلومات مستخدمي تويتر، بما في ذلك عناوين IP الخاصة بهم، والتي تكشف عن موقع الشخص، وفق الموقع الفرنسي.

وبعد لقائه مع العساكر بواشنطن في فبراير/شباط 2015، شرع المهندس في العمل على تمشيط أكثر من 6 آلاف حساب على تويتر، واستهدف “مجتهد” بشكل أساسي، الذي استمر في نشر معلومات محرجة عن العائلة المالكة، وتمكن من العثور على رقم هاتفه وعنوان IP الخاص به.

وكان الهدف الآخر هو عمر عبد العزيز، وهو رجل سعودي يعيش في المنفى في كندا بعد أن ألغت المملكة منحته الدراسية كعقوبة لانتقاده العلني للحكومة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والذي أصبح صديقا مقربا للصحفي الراحل جمال خاشقجي.

وبعد ترقيته في تويتر بعد بضعة أشهر، كتب الزبارة في رسالة لم يتم إرسالها إلى عساكر: “بقدر ما أنا سعيد بهذا المنصب، فأنا أكثر سعادة وفخور جدا بعملي معك”.

 

ترهيب المنشقين

في غضون ذلك، وضع سعود القحطاني، وهو مساعد مخلص آخر لابن سلمان، والذي تورط لاحقا في مقتل خاشقجي، إستراتيجية لإسكات منتقدي رئيسه على تويتر، بالتعاون مع مبرمج أميركي عمل سابقا في شركة “لوكهيد مارتن”.

وشرع القحطاني في القيام بأكثر من مجرد تعزيز شعبية ابن سلمان على المنصة، ووضع نهجا شديد العدوانية لمواجهة كل منتقديه، وشمل ذلك حشد فريق من المتخصصين في وسائل التواصل الاجتماعي وإنشاء مكتب لأنشطتهم في الديوان الملكي بالرياض.

وتم تكليف المجموعة بإنشاء الآلاف من الحسابات المزيفة في تويتر، والتي انتحلوا فيها صفة الشباب السعودي ونشروا عبرها رسائل تظهر الدعم لولي العهد المستقبلي.

كما أدرك تركي بن ​​عبد الله، نجل الملك عبد الله (توفي في يناير/كانون الثاني 2015) وأحد المنافسين الرئيسين لابن سلمان على الحكم، أنه يمكنه كسب المعركة من خلال “تويتر” لذلك عمل على نشر رسائل تنتقد ابن عمه ابن سلمان.

ورد القحطاني بمساعدة مئات الحسابات المزيفة من الخارج، بعضها ينتمي إلى أشخاص حقيقيين، بما في ذلك عالم أرصاد أميركي راحل وبطل أولمبي في التزلج تم اختراق حسابه.

وحدد القحطاني الحسابات التي تنتقد ابن سلمان ونشر جيشا من الروبوتات لمضايقة أصحابها، كما كان في مفاوضات مع فريق قرصنة إيطالي لشراء برامج تجسس وأدوات مراقبة هجومية.

ولم يمض وقت طويل حتى قبض ضباط المخابرات الأميركية على الزبارة، وأواخر 2015، قام وكيل مكتب التحقيقات الفيدرالي بزيارة إلى مقر “تويتر” لإخطار محامي الشركة بوجود جاسوس سعودي وسطهم.

وعلى الفور طلب الوكيل من الشركة الامتناع عن إخبار الزبارة بالتحقيق، وانتهى الأمر بإيقاف الموظف، لكنهم لم يبلغوه بتحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي.

وبعد أن أصبح قلقا بشأن وضعه، اتصل الزبارة على الفور بالقنصل السعودي في ولاية لوس أنجلوس، الذي رتب لإخراج المهندس الشاب في إطار حالة الطوارئ.

وختم الموقع مقاله بالقول: إنه “بعد ساعات قليلة، استقل طائرة متجهة إلى الرياض مع زوجته وابنته، وبمجرد وصوله إلى السعودية، انضم إلى فريق التلاعب في وسائل التواصل الاجتماعي التابع لابن سلمان”.