سلط الباحث الإيراني عباس أصلاني الضوء على المكاسب المتعددة التي ربما تجنيه الصين من وراء انضمام السعودية إلى منظمة شنغهاي للتعاون “كشريك حوار”.
وذكر أصلاني في تحليل نشره موقع “ميدل إيست آي” البريطاني أن هذه الخطوة تكتسب أهمية أكبر عند وضعها على خلفية الأحداث والتطورات الأخيرة في الشرق الأوسط، لا سيما إعادة تطبيع العلاقات بين طهران والرياض بوساطة صينية.
وعقب بأن انضمام السعودية لشنغهاي عقب موافقتها على الانضمام لشنغهاي يؤكد بما لا يدع مجال للشك على دور الصين المتزايد في المشهد الجيوسياسي للشرق الأوسط.
ورجح أصلاني إمكانية أن تكون إيران والسعودية قد ناقشتا بالفعل في بكين مجالات التعاون المحتملة بين الجانبين، بما في ذلك النقل والاتصالات والقضايا الجيوسياسية.
أهداف جيوسياسية
وبالنظر إلى إبداء الصين اهتمامًا بتطوير بنية إقليمية جديدة في الشرق الأوسط، فإن عضوية السعودية في منظمة شنغهاي للتعاون تعزز بالتأكيد ثلاثة أهداف جيوسياسية أساسية.
أولاً، سوف تؤدي إلى تعزيز محور التقارب الآسيوي داخل المنظمة، وتوسيعه ليشمل حتى الشرق الأوسط، وبالتالي استكمال وجودها الحالي في آسيا الوسطى وجنوب آسيا ومنطقة أوراسيا.
ثانياً، هذا التطور سوف يؤدي إلى وراثة منظمة شنغهاي مسؤولية تنفيذ مهمة الأمن الإقليمي، بالنظر إلى أن السعودية هي لاعب رئيسي في المنافسة الجيوسياسية والجغرافية الاقتصادية في المنطقة، فإن هذا التوسع قد يمنح المملكة ميزة واضحة ويمهد الطريق لمبادرات عملية.
ثالثا، تمثل إضافة السعودية إلى المنظمة لحظة مواتية لمنظمة شنغهاي للتعاون لتصور وتنسيق سيناريوهات مستقبلية لتشكيل تكتلات إقليمية ودولية جديدة.
وبالنظر إلى التطورات الجارية في بحر الصين الجنوبي والحرب الأوكرانية والمشهد العالمي المتطور باستمرار، فيمكن أن يوفر انضمام السعودية المزيد من النفوذ لمنظمة شنغهاي فيما يتعلق بالتكيف والاستجابة بشكل متناسب للتحديات والفرص المحتملة.
وبالتالي، فإن انضمام السعودية من شأنه أن يمكّن المنظمة من تعزيز التعاون والتحالفات الجديدة بشكل استراتيجي مع أعضاء جدد مع تعزيز تماسكها وفعاليتها في الوقت نفسه كقوة إقليمية ودولية هائلة.
تنمية جماعية
بعد إعلان السعودية موافقتها على الانضمام لشنغهاي، أعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية عن دعمه وأعلن استعداد بكين للمساعدة في دعم السلام والاستقرار الإقليميين، وكذلك تعزيز التنمية الجماعية من خلال تعزيز التعاون مع السعودية في إطار المنظمة.
وبالرغم من أن الدول الأعضاء بالمنظمة لديهم حق النقض فيما يتعلق بمسائل صنع القرار، لكن مراقبون يرون أن التأثير الذي تتمتع به الصين داخل المنظمة يجعل الدول الأعضاء قوة دافعة في اتخاذ القرارات.
بالإضافة إلى ذلك، سعت الصين إلى مواءمة الآليات الاقتصادية لمنظمة شنغهاي للتعاون مع استكمال مبادرة الحزام والتي تهدف لربط الصين بالعالم.
في مارس/أذار 2015، أعلن الأمين العام لمنظمة شنغهاي ديمتري ميزنتسيف أن المنظمة ستدمج استراتيجياتها التنموية مع استراتيجية طريق الحرير الطموحة في الصين، ووجه الدعوات إلى جميع الأعضاء للمشاركة في المبادرة.
وفي غضون أربعة أشهر من ذلك، اتفق الرئيس شي جين بينج والرئيس الروسي فلاديمير بوتين على اتخاذ تدابير لدمج الحزام الاقتصادي لطريق الحرير مع الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، واختيار منظمة شنغهاي للتعاون كهيكل تنسيقي.
علاوة على ذلك، يقترح بعض المحللين أن تخصيص الاستثمارات والقروض داخل منظمة شنغهاي للتعاون يعطي الأولوية للبلدان المشاركة في مبادرة الحزام والطريق.
وبالتالي، يمكن اعتبار عضوية السعودية نعمة كبيرة للصين حيث أن التوسع الجغرافي لمنظمة شنغهاي يسهل التعاون مع دولة مشاركة في مبادرة الحزام والطريق.
علاوة على ذلك، فتمشيا مع التزامات المنظمة، فإنه يعزز إمكانية الوصول إلى الطاقة لأعضائها، بما في ذلك الصين.
والجدير بالذكر أنه في ديسمبر 2022، أبرمت الصين والسعودية اتفاقيات ثنائية ومذكرات تفاهم تهدف إلى مواءمة رؤية السعودية للتنمية 2030 مع مبادرة الحزام والطريق الصينية.
بالإضافة إلى ذلك، ستسهل عضوية إيران والسعودية المتزامنة ستسهل إنشاء شبكة معقدة من الاستراتيجيات الاقتصادية والسياسية والثقافية في جميع أنحاء المنطقة حيث تمتلك كل من إيران والسعودية إمكانات ملحوظة للتعاون الجيوسياسي في النقل والاتصالات وتعزيز العلاقات. بين آسيا الوسطى والشرق الأوسط.
وعلى الرغم من أن منظمة شنغهاي للتعاون تصور نفسها على أنها أداة للتقارب الاقتصادي، فإن توسعها يجلب تداعيات سياسية وأمنية أوسع. بناءً على اللوائح الداخلية، تستغرق عملية العضوية الدائمة في منظمة شنغهاي للتعاون وقتًا طويلاً.
تخدم الطبيعة المطولة لعملية العضوية غرضًا مزدوجًا: فهي تضمن التزام العضو الجديد بالاتفاقيات التنظيمية الداخلية وأبرزها وجود المحافظة على علاقات جيدة مع الأعضاء، بينما تحبط في الوقت نفسه خروجًا متسرعًا ومنخفض التكلفة.
قد أظهرت عملية العضوية على مدار العقد الماضي مجموعة من الدوافع الجيوسياسية والجغرافية الاقتصادية لروسيا والصين التي سهلت انضمام الهند وباكستان وإيران إلى المنظمة، قد يكون هذا هو الحال أيضا بالنسبة السعودية.
نظام مالي جديد
من خلال خلق جاذبية اقتصادية داخل منظمة شنغهاي، سعت الصين إلى توسيع النطاق الجغرافي لنفوذ المنظمة.
وفقا للمجالات الرئيسية للتعاون الاقتصادي، يجري تطوير آليات وترتيبات جديدة بين الدول الأعضاء، تشمل مجالات مثل الطاقة والنقل والأنظمة المالية.
قد يساهم دخول السعودية في منظمة شنغهاي للتعاون في تنشيط هذه الآليات وتعزيزها التشغيلي.
في الوقت الحالي، يتمثل أحد أكثر الأهداف إلحاحًا في إنشاء نظام مالي مستقل عن الترتيبات الغربية والدولار.
على الرغم من أن التعاون بين الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون في مسائل الطاقة لا يتوقف على انضمامها إلى المنظمة، فإن السعودية – بالنظر إلى عضوية روسيا وإيران الحالية – يمكن أن تعزز مكانة نادي الطاقة داخل منظمة شنغهاي للتعاون.
من خلال مواءمة اعتبارات كبار منتجي الطاقة العالميين مع سوق الطاقة، يمكن لنادي الطاقة المساعدة في تسهيل تطوير المنظمة.
تتمثل الأهداف الأساسية لإنشاء مثل هذا النادي داخل المنظمة في تلبية احتياجات الطاقة لأعضائها، وتطوير البنية التحتية لتوزيع الطاقة عبر الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي، وضمان أمن طاقتها من خلال توفير أنواع الوقود البديلة، بما في ذلك الطاقة النووية، وقد يعزز نادي الطاقة أيضًا تعاون المنظمة مع منتجي الطاقة الآخرين.