بنشوة كبيرة استقبل الناس في بلاد الحرمين عودة الأمير أحمد، والأمير رجل بشوش، لم يشتهر عنه عنف المواقف، ولا الاعتداء على الحقوق، ويقال بأنه الوحيد الذي لا يدخن من أبناء الملك عبد العزيز، وأنه لا يحب الإسراف، ويقيم غالب حفلات زواج أولاده في قصره، وهناك من يثني على موقفه من المعتقلين.

ومرد هذه النشوة إلى حنق الناس من تصرفات الأمير الشاب الغر (مبس) التي أوقعت البلد في خسائر فادحة دينية ودنيوية مع الداخل والخارج ومع القريب والبعيد، فضلاً عن تحويل البلد إلى ضرع بقرة مدرار في يد ترامب الشرير الأرعن، وإثقال كاهل الناس بالضرائب والمصائب، وكثرة الاعتقالات، واسترخاص الدماء والأعراض.

وأنا مع هذا الفرح ولكن باعتدال وانضباط، فإذا كان أحمد يأمل أن يقود البلد بنفس طريقة من سبقه فلا مرحبًا به، وإذا كان يريد إدارة الأمور بعقلية جديدة كافرة بأفكار آل سعود، مؤمنة بالله ثم بالحقوق والدستور ومؤسسات الحكم الرشيد فمرحبًا به، وكلنا سنعاونه لأجل بلادنا ومواطنينا.

والمطلوب من أحمد الآن سرعة الحركة لخلع (مبس) واعتقاله ومحاكمته، وتحييد الملك واختصار صلاحياته، ثم إعادة تكوين هيئة البيعة بحيث تشمل الصادق من العلماء وشيوخ القبائل والتجار والأطباء والأكاديميين والعسكريين وممثلين عن آل سعود، ومنحها صلاحية الحل والعقد.

كما يجب عليه الإسراع لترتيب انتخابات لمجلس الشورى بحيث يمثل مكونات المجتمع، وإطلاق قيد المسجونين ظلمًا، وإعادة الحقوق والاعتبار والأموال المنهوبة لأهلها، وحماية ثقافة البلد، وتطهير مؤسساته من المرتزقة سواء كانوا وزراء أو مشايخ أو أئمة الحرم أو إعلاميين أو غيرهم، وجعل الولاية للأكفأ بعد موافقة المجالس المنتخبة عليها.

ومن أولى ما ننتظره إلغاء ألقاب الأمراء، وقطع مخصصاتهم، واسترجاع سرقاتهم، ومعاملتهم قضائيًا ووظيفيًا وأمنيًا كسائر الناس، وإصلاح جهاز أمن الدولة حتى يحمي الناس والبلد، ولا يكون سيفًا قاطعًا بيد جلاوزة لا يرجون لله وقارًا، مع محاكمة الجلادين السابقين ابتداءً من كبيرهم إلى صغيرهم.

وإذا فعل أحمد ذلك، وأصبح ملكًا دستوريًا له التوقير والاحترام، ولأسرته البقاء والدوام، فسوف يصبح من رجال التاريخ والتغيير، وسينال الحمد والأجر، وإذا لم يفعل فسيصبح من غيره من إخوانه وأقاربه، وقد يدركه الندم الكبير وهو على قيد الحياة دون أن ينفعه ندمه.