لو مات الملك سلمان فسوف يصبح ولي العهد الأمير محمد ملكًا على بلاد الحرمين بمن فيها من كفاءات ومواهب وثروات وتاريخ وجغرافيا ومقدسات وغير ذلك، فهل هو خيار مشرف يدعو للفخر؟! أم أنه بلاء يستوجب الخزي والمهانة، بل والاحتجاب كما تفعل المرأة المحتشمة؟!

دعونا نرى إنجازات هذا الفتى في جميع المجالات ونحكم دون ظلم أو جناية أو انحياز، فالعدل مطلبنا مع الجميع، وبالعدل قامت السموات والأرض، وبه يصلح الحكم وتطيب الحياة ويتصالح الخصوم، وحتى الأعداء قد يرضيهم العدل ويردهم إلى جادة الصواب.

ففي جانب الحقوق سنجد أن الأمير اعتقل الناس من جميع الفئات، ولم يكن الاعتقال وفقًا لإجراءات تقاضٍ متعارف عليها، بل أشبه ما يكون بالاختطاف والغل، ومهما تشدق النظام وأزلامه بالعدل ونظام الإجراءات فالحقيقة تقول: إنها أعمال اعتقال تعسفية مخالفة للنظام المقر من الحكومة، وصاحبها إهانات وتعذيب وانتهاك للحقوق، فضلاً عن أنها لم تعتمد على اتهامات حقيقية أو وجيهة، ومن لم تستطع جلاوزة أمن الدولة اصطياده محليًا، أرسلوا له المناشير في القنصلية!

وفي المجال السياسي كان اعتقال الحريري فضيحة مدوية، والاخفاقات في لبنان والعراق والكويت والأردن لا يمكن سترها، وأما حصار قطر فأوضح من أن يستشهد بفشله، ومن البلاء أن يكون محمد بن زايد حليفًا سياسيًا لبلادنا مع ما له ولأسرته من عداء تاريخي متجذر مع بلادنا ومنازعات حدودية قديمة.

وأما الاقتصاد والتنمية فيمكن مراجعة تقارير المجلات والصحف الرصينة التي تؤكد على انخفاض المستوى، وهروب رؤوس المال، وتشكك المستثمرين، وفوق ذلك تصف المشاريع العملاقة بالوهمية أو الغطاء للنهب والإفساد، وها هي رؤية 2030 تترنح وتتوقف أبرز أعمالها في أرامكو، ويجري التغطية عليها بنيوم والقدية وغيرها.

وفي التطبيقات العسكرية دخلت حرب اليمن عامها الرابع دون انتصار، وباستنزاف كبير وغضب عالمي متصاعد، وإهدار للأموال وقتل للأبرياء، وإفساد لبلد مجاور حقه علينا الرعاية والتعاون وليس التخريب، خاصة أن الملايين من أبنائه يعيشون معنا، وقد ينتقمون لبلادهم في أي لحظة.

وفي الداخل تتزايد بطالة الرجال، ويزيد إفساد المجتمع والنساء، وتتوالد الضرائب، ويخشى رجال الأعمال على ثرواتهم، وينفرط عقد الأمن بسبب التخويف والتخوين، ويتعاظم الاحتقان الذي لا يجد له متنفسًا، ولا نضمن سكوت الناس وقناعتهم مع ما في نفوسهم من غيظ وغضب.

وأما الكرامة فذهبت مع المليارات لترامب، ثم مسح أبو إيفانكا ما بقي منها في تصريحاته المهينة لمن رضخ له وانحنى، ونسمع تصريحاته التي أوقفتها حادثة خاشقجي، ونشعر بالألم على هذه المهانة والذلة مع أن الأمير قال بكل وقاحة: إنه يتقبل انتقاد الأصدقاء، وهو الذي استأسد على شعبه الصامت!

فإذا كنت تشعر مثلي بالخزي فهل ترضى به ملكًا؟ وهل ستظل صامتًا وكل شيء من حقوقك وكرامتك ينتهك وينتهب ويضيع؟! وحتام نقبع في قمع من الذل والصمت والعار؟!