اتخذ ولي العهد محمد بن سلمان منذ سنوات من هيئة الترفيه في المملكة وسيلة لتكريس فساده ونهب الملايين بهدف هدمها القيم والأخلاق ونشر للفجور والانحلال.

ويجمع مراقبون على أن هيئة الترفيه التي يترأسها تركي آل الشيخ المقرب من بن سلمان تمثل أداة رئيسية في العبث بأموال المملكة وميزانيتها في ظل الدعم اللامحدود الذي تتلقاه من الديوان الملكي.

وقد لاقت هيئة الترفيه، منذ تأسيسها في مايو 2016، دعمًا لا محدودًا من بن سلمان، يكاد يكون هو الأكبر في قطاعات الدولة، وعلى الرغم من إعلان رئيسها الأول أحمد بن عقيل الخطيب استثمار 240 مليار ريال في السنوات العشر القادمة، إلا أن استقراء المبالغ يُنبئ عن ميزانية أضخم من ذلك بكثير.

وما يلاحظ عن هيئة الترفيه أمران، الأول: الدعم اللامحدود لها ولمشاريعها مقابل تعثر وتلكؤ العديد من المشاريع المنوّعة لباقي قطاعات الدولة.

والأمر الثاني: صرف الكثير من المبالغ الطائلة والهدايا على الأجانب من مغنين ورياضيين وفرق موسيقية، مقابل حرمان المواطن من حقوقه في التوظيف على الأقل.

ومنذ تولي تركي آل الشيخ رئاسة الهيئة في نهاية عام 2018، تزايدت نفقات الهيئة بشكل ملحوظ، مع غياب الشفافية والوضوح في الكشف عن ميزانيتها الحقيقية، والتي لم يستطع آل الشيخ الإفصاح عنها (رغم تفاخره بالكلام بلغة الأرقام) لمراسلة “بلومبيرغ” عند سؤالها له عنها!.

وعلى الرغم أن الترفيه ليس حاجة ضرورية للمواطنين، فإن أيًا من مشاريعها لم يتلكأ أو يتوقف، بل معظمها تم إنجازه خلال وقت قصير جدًا، وفي نفس الوقت هناك مئات المشاريع التي تمسّ حياة المواطن اليومية، وذات أهمية قصوى له، متعثّرة منذ سنوات طويلة، ولم يلتفت لها أحد!

ومن أمثلة تلك المشاريع: مدينة “بوليفارد رياض سيتي” تم إنشاؤها على مساحة تصل لـ 900 ألف متر مربع، وتضم 200 مطعمًا ومقهىً ومتجرًا متنوعًا، و 9 استديوهات عالمية، و 4 مسارح عربية وعالمية، تم إكمالها في 118 يومًا فقط!.

وكذلك حلبة شوارع الفورمولا 1 (ثاني أطول حلبة شوارع في العالم) تم تنفيذها في 8 أشهر فقط!.

بالمقابل، العديد من المشاريع الحيوية متلكئة أو متوقفة مثل مشروع مدينة الملك خالد الطبية في الدمام، والذي كان من المفترض أن يكتمل في 2020.

وتجميد تشغيل مدينة الملك فيصل الطبية في أبها والتي من المفترض أن يبلغ عدد الأسرة فيها 1350 سريرًا، والذي من المفترض أن يكتمل في 2021.

وفي عام 2019، أعلن وزارة التعليم، عن خطة بناء 600 مدرسة خلال عشر سنوات، لتقلل العجز في المدارس الحكومية والتي 23% منها مستأجرة وليست ملكًا، وللآن لم يتم الإعلان عن عدد المدارس المبنية.

كما يبرز من المشاريع المجمدة في المملكة “مترو الرياض” والذي كان مقررًا تشغيله في الربع الثالث من عام 2021، ومستشفى عرقة المهجور في الرياض.

في هذه الأثناء وعلى الرغم من إعلان فيصل بافرط الرئيس التنفيذي للهيئة عن توقعات بتوفير أكثر من 224 ألف وظيفة نصفها وظائف مباشرة في مجال الترفيه بالسعودية، إلا أن الواقع شهد عكس ذلك بتزايد معدلات البطالة، بل إن بافرط نفسه أقرّ بوجود أكثر من 100 ألف “متطوّع” وليس موظفًا، في فعاليات 2017.

في المقابل شهد عالم الترفيه إغداق الهدايا الباهظة على المغنين والرياضيين والفرق الموسيقية، ولعل أبرزها فضيحة إهداء بن سلمان ساعة بقيمة 25 ألف دولار، وسيارة لامبورغيني لمغني الراب ليل واين، كنوع من الاعتذار بسبب انزعاجه من التفتيش في المطار، والسخرية الواسعة التي رافقت القصة.

أما عن استخفاف هيئة الترفيه بالمال العام ومنح الهبات بدون حساب أو استحقاق، فالأمثلة كثيرة جدًا، مثل صنم من الذهب لبدر بن عبدالمحسن، وتقديم درع من الذهب للمغنية أحلام، وسيف من الذهب للمغني الشعبي حمو بيكا، وما يقارب الـ 1.169 مليون دولار للاعب الأرجنتيني ليونيل ميسي مقابل الترويج لفيلم آل الشيخ “تشيللو”.

ومن بين العروض التي تُقدّم لاستقدام الفرق والنجوم، فأرقامها خيالية، منها: رصد 500 مليون دولار لاستضافة نزال للملاكم تايسون فيوري.

وعرض 100 مليون دولار للملاكم حبيب محمدوف (والذي رفضه) لخوض نزال ضد الإيرلندي كونور غريغور، وإنفاق أكثر من 1.5 مليار دولار للغسيل الرياضي.

في المقابل فإن المواطن السعودي لم ينل سوى ارتفاع الأسعار وزيادة الضرائب والقيمة المضافة وقلة الوظائف، ورغم إعلان الرئيس التنفيذي فيصل بافَرَط، أن دور الهيئة لم يكن يومًا الربح، إلا أن الهدف المادي بات هو الأساس، وزادت التكاليف على المواطن، ليعلن آل الشيخ إمكانية الدفع بالتقسيط لحضور الفعاليات.

وفي يناير 2019 أعلن تركي آل الشيخ أن استراتيجية هيئة الترفيه أن تصبح المملكة ضمن أول أربعة وجهات ترفيهية في آسيا، وبين أول عشر وجهات ترفيهية في العالم، إلا أن موسم الرياض لم يستطع استقطاب سوى 300 ألف زائر من خارج المملكة من بين 4.5 مليون زائر حسب ما أعلنه آل الشيخ قبل أيام.

استنزفت هيئة الترفيه من ميزانية الدولة الكثير، ولم تحقق عوائد اقتصادية ذات جدوى، مقابل إهمال قطاعات أخرى، كالحج والعمرة، الذي تشير الإحصائيات أن إيراداته السنوية تصل لـ حوالي 12 مليار دولار سنويًا، بالإضافة إلى ضعف الاهتمام والإنفاق على تطوير قطاع الصناعة بأنواعه.

ويجمع مراقبون على أنه لم تكن هيئة الترفيه يومًا تمثّل تطلعات الشعب سواءً في فعالياتها التغريبية أو في نفقاتها المهولة التي لم تعُد بالنفع على المواطن.

لتؤكد حقيقة أنها أُنشئت لإفساد الشعب وتغييبه لإرضاء الغرب وتمكين بن سلمان أكثر من العرش، ولهذا أولاها كل هذا الدعم اللامحدود على جميع الأصعدة.