قالت صحيفة “واشنطن بوست” إن الرقم الذي ستدخل به أرامكو السعودية سوق الأسهم هذا الأسبوع “1.7” مليار دولار ما زال يشوبه الكثير من الشك، ويطرح الكثير من الأسئلة عن مدى تحقيقه.

وأشارت في تحليل لـ ” ليام دينينغ” إلى أن التغطية الإعلامية حول هذا الرقم الذي خالف توقعات ولي العهد بحوالي 300 مليار، إضافة لتوقعات المحللين بفشل الاكتتاب؛ أثارت استياء وزير الطاقة السعودي الأمير “عبد العزيز بن سلمان” (الأخ غير الشقيق لولي العهد). حيث قال إنهم وضعوا خططاً لإنجاح الاكتتاب، و راهن على قيمة أرامكو، أنها ستكون أعلى من تريليوني دولار خلال الطرح الثاني للأسهم.

وأضاف أنه بعد أن تم تقليص العرض إلى الإدراج المحلي ، وتحديد القيمة السوقية لأرامكو ووضعها في السوق، إلا أن متوسط حجم التداول اليومي على مدار العام الماضي هو في الواقع أقل بقليل من مؤشر واحد فقط في كبرى شركات النفط ، إكسون موبيل كورب ، وفقا لبيانات جمعها مؤشر بلومبرج.

إن إدراج أرامكو قريباً في مؤشرات الأسواق الناشئة سوف يمتص بلا شك بعض المال الفائض باتجاهها (وهي أمور قد تعاكس عمالقة النفط الآخرين في الأسواق الناشئة). ومع ذلك ، ففي حين أن القيمة السوقية لأرامكو أكبر بكثير من الشركات الغربية الكبرى الخمس مجتمعة ، فإن الطرح الأولي البالغ حوالي 28 مليار دولار هو أقل من أول طرح في شركة واحدة فقط وهي شركةEOG Resources Inc.

وبالحديث عن ذلك ، فإن سياق السعر المستهدف للأمير عبد العزيز مثير للاهتمام. وكان قد أعلن للتو أن السعودية ستبقي طوعًا 400000 برميل يوميًا خارج السوق بعيدًا عن هدف العرض الجديد (المنخفض). وهذا هو ما جعل اجتماع أوبك يتراجع عن الفشل، وأوقف عمليات بيع النفط يوم الجمعة.

وقال دينينغ إن إنتاج النفط الخام الفعلي في السعودية يبلغ الآن أكثر بقليل من 9.74 مليون برميل يوميًا ، وهو أقل من متوسطه لهذا العام حتى الآن. (استنادًا لحسابات دينينغ) وبافتراض أن برنت بمبلغ 65 دولارًا أمريكيًا ، من شأن ذلك أن يبلغ صافي التدفق النقدي المجاني لشركة أرامكو بنحو 70 مليار دولار أمريكي في عام 2020 ، أي ما يعادل 5 مليارات دولار أمريكي من الحد الأدنى لتوزيع الأرباح.

وأكد أن الدفعة الجديدة من المساهمين لن تعاني ؛ فقد ضمنت الحكومة دفعاتهم. لكنه يعيد التأكيد على مدى تكلفة أرامكو: حيث إن تقييم قيمته بـ 2 تريليون دولار بناءً على هذا الرقم البالغ 70 مليار دولار سيعني أن عائد التدفق النقدي الحر يبلغ 3.5٪ فقط. وهذا ليس أقل بكثير مما يقدمه معظم أقران أرامكو ؛ إنه أقل من العائد على سندات أرامكو لمدة 30 عامًا.

ويضيف: “إذا أخذنا هذه الخطوة إلى أبعد من ذلك ، عندما تم تقييم أرامكو أقل بقليل من 1.5 تريليون دولار ، افترضت (من بين أشياء أخرى كثيرة) متوسط إنتاج النفط الخام بواقع 11 مليون برميل يوميًا ، وبرنت 65 دولارًا وعائد أرباح بنسبة 5.85٪. ولكن المفاجأة أن متوسط الإنتاج نقص إلى أقل من ذلك“.

“وعند مستوى 10.5 مليون برميل يوميًا ، تشير حساباتي إلى أن أرامكو ستحتاج إلى بيع نفط لفترة طويلة إلى أوروبا بسعر 100 دولار للبرميل للوصول لتقييم بن سلمان، 2 تريليون دولار“.

وأضاف دينينغ “إذا افترض أن الاكتتاب العام ينطوي على عائد أرباح أقل بقليل من 4.4 ٪. عند 10.5 مليون برميل يوميًا ؛ ففي ذلك العائد المنخفض ، يحتاج التقييم البالغ 2 تريليون دولار إلى 69 دولارًا للبرميل ؛ وعند 10 مليون برميل في اليوم ، فإنه يتطلب 74 دولار“.

وغني عن القول ، أنه كلما ارتفع سعر النفط سيكون له أيضًا تأثير معاكس على الطلب. كل هذا مهم ، لا سيما عندما يكون لدى شركة نفط 60 عامًا من الاحتياطيات لتجنيدها. وبالتالي ، حتى لو كان ارتفاع أسعار النفط بشكل ملحوظ يزيد التدفق النقدي لأرامكو على المدى القريب ، فقد يؤدي ذلك أيضًا إلى تآكل قيمتها على المدى الطويل.

واختتم دينيغ بالإشارة إلى أن هناك تضاد بين حلم ولي العهد (2 تريليون دولار) وبين أسعار النفط المنخفضة. مضيفاً إن عدم التوافق بين تكلفة رأس المال المعروض من مديري الصناديق العالمية والمبالغ الأكثر سخاء التي يقدمها المستثمرون المحليون والإقليميون هو ما يفسر تقييم أرامكو. على هذا الأساس وبخلاف بعض الأمور السياسية ، من الصعب القول ما الذي يعنيه هذا الرقم السحري حقًا.أيضاً للزيادة الكبيرة في نسبة البطالة.

يدرك واضعو رؤية 2030 تمام الإدراك أنه لكي تنجح الخطة، يجب أن يتبنى المجتمع والسلطات في المملكة “قيم الاعتدال والتسامح والانضباط والإنصاف والشفافية”. لكن في المقابل تقوم السلطات بانتهاكات جسيمة، بحق مواطنيها. وتقول رؤية 2030 أنها تسعى لإجراء مجموعة واسعة للغاية من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، لكنها صامتة بشأن مسألة الإصلاح السياسي.

وإذا ما كان للرؤية من شيء سياسي يذكر؛ فهي أنها أصبحت وسيلة لتعزيز الموقف السياسي للملك سلمان وابنه محمد بن سلمان. فقد ساعد إشراف الأخير على رؤية 2030 في تلميع صورته العامة أمام المجتمع الدولي والمحلي. أما حدوث إصلاح سياسي أو تغيير العقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم وفق التطورات الاقتصادية الجديدة فلا يوجد شيء من ذلك.

 

الاعتقالات وملاحقة المعارضين

قامت السعودية خلال السنوات الماضية من حكم الملك سلمان باعتقال الآلاف دون تفريق بين الجنسين، بينهم دعاة ورجال دين، وأكاديميون، ونشطاء حقوقيون، ورجال أعمال واقتصاديون، وكتاب وشعراء وأطباء. وكان أبرزها الحملة التي شنتها المملكة في سبتمبر 2017 وطالت دعاة ورجال دين بارزين، بعضهم مهدد بالإعدام، منهم الداعية “سلمان العودة“.

إلى جانب ذلك فالمنتقدون أو النشطاء السابقون داخل المملكة، أو حتى من لا يدورون في فلك “ابن الملك سلمان” ليسوا بمنأى عن الاعتقال، فقد شنت السلطات السعودية خلال نوفمبر الماضي حملة اعتقالات طالت عشرة ناشطين بينهم صحفيتان، (أفرج عن نصفهم) لكن أغلبهم كان قد توقف عن الأنشطة الاجتماعية والكتابة السياسية منذ فترة.

لا تكتفي السلطات السعودية بممارسة القمع وشنّ حملات الاعتقال بحق الناشطين والناشطات وإيداعهم السجن، بل تقوم بإخفاء المئات منهم قسرياً في سجون سرية، من دون معرفة أهاليهم أي أمر عنهم، فضلاً عن ارتكابها جرائم تعذيب بحق المعتقلين، تمثلت بالإهمال الصحي، والضرب المبرح، والصعق الكهربائي، والتعليق بالأسقف، والتحرش الجنسي.. وغيرها من أنواع التعذيب التي أدت إلى وفاة الكثير من المعتقلين.

 

قيادة المرأة

بعد فترة طويلة من منع المرأة السعودية من قيادة السيارات، أصدر الملك سلمان في 26 سبتمبر من عام 2017 أمراً بالسماح للمرأة السعودية بالقيادة.

جاء القرار بعد حملة واسعة تبناها ناشطون وناشطات تطالب السلطات السعودية برفع الحظر عن قيادة المرأة السعودية، وبعد قرار رفع الحظر شنت المملكة حملة اعتقالات طالت معظم الناشطات اللاتي طالبن بحق المرأة السعودية في القيادة، بينهن الناشطة “لجين الهذلول“.

 

حصار قطر

شهد عهد الملك سلمان، وتحديداً في 5 يونيو 2017، إعلان السعودية والإمارات والبحرين ومصر مقاطعة دبلوماسية واقتصادية، وفرض حصار على قطر.

واتُهمت قطر بدعم الجماعات الإرهابية، ودعم الإخوان المسلمين، بالإضافة إلى التحريض على حكوماتها، و التقارب مع إيران. وكانت السعودية قد أكدت أنها ستقوم بشق قناة بحرية لعزل قطر برياً. لكنها تراجعت. “لكن قطر استطاعت الخروج من هذه الأزمة بسبب نفوذها العالمي، إضافة إلى فشل الإدارة السعودية في إدارة هذا الملف” بحسب تقارير.

 

قضية خاشقجي

يعتبر قتل الصحفي “جمال خاشقجي” داخل القنصلية السعودية بإسطنبول في 2 أكتوبر 2018 أقوى حدث هز كيان المملكة، وسمعتها العالمية، ولاقى ردود أفعال واسعة تجاه السعودية.

تسببت قضية مقتل خاشقجي –التي يتهم ابن سلمان بإدارتها–  بخروج مظاهرات مناهضة للحكومة السعودية في عدد من دول العالم، إضافة إلى مقاطعة عدد من الدول والمستثمرين لمؤتمر مستقبل الاستثمار السعودي.

وتؤكد جميع التقارير الواردة تورط ولي العهد السعودي –حليف واشنطن– في مقتل جمال خاشقجي، وأكدت مؤخراً مجلة بريطانية أن “جاريد كوشنر” مستشار وصهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعطى الضوء الأخضر لولي العهد السعودي محمد بن سلمان للقبض على الصحفي السعودي “جمال خاشقجي” قبل القتل الوحشي الذي تعرض له في قنصلية المملكة بإسطنبول.

حاولت السعودية الخروج من هذا المأزق واتهمت 11 شخصاً بالتورط في القضية، أغلبهم مقرب من ابن سلمان، لكنها فشلت. حيث تقول المملكة إن التحقيقات لا تزال جارية معهم، وسط مطالبات من الحكومة التركية بتسليم مرتكبي الجريمة للتحقيق معهم على أراضيها. لكن المملكة ترفض هذا الأمر.

 

قضية التجسس على تويتر

في نوفمبر الماضي اتهمت وزارة العدل الأمريكية اثنين من موظفي تويتر السابقين بالتجسس على معارضين سعوديين لصالح حكومة الرياض. والوصول إلى المعلومات الشخصية لأكثر من 6000 حساب على تويتر عام 2015 وإرسالها إلى السلطات السعودية، بينهم المعارض السعودي عمر عبدالعزيز، الذي أصبح فيما بعد قريباً من الصحفي جمال خاشقجي.

ويتهم “بدر العساكر” مدير مكتب محمد بن سلمان، ورئيس جمعية “مسك” بإدارة هذه العملية، حيث قدم أموالاً طائلة وهدايا باهظة للثمن للأشخاص الذين نفذوا عملية التجسس.

وكانت هذه العملية قد تسبب باعتقال العشرات من المعارضين السعوديين، بينهم الصحفي تركي بن عبد العزيز الجاسر، الذي اعتقل في مارس 2018 ويعتقد أنه كان يدير حساباً على تويتر باسم “كشكول” ينتقد الحكومة السعودية، وتعرض لأقسى أنواع التعذيب، ما تسبب بوفاته خلال نوفمبر الماضي.

 

زيادة نسبة البطالة

رغم كل الخطط التي أطلقتها المملكة خلال السنوات الماضية للحد من البطالة، إضافة لرحيل عدد هائل من العمالة الأجنبية بسبب إجراءات توطين الوظائف؛ فإنها قد فشلت تماماً في خفض نسبة البطالة.

وأعلنت السعودية منذ أكثر من ثلاث سنوات عن رؤيتها الاقتصادية 2030 التي ستلغي اعتماد اقتصادها على موارد النفط كلياً، ومحاولة إنعاش الجوانب الاقتصادية الأخرى، والاعتماد على العمالة السعودية، وأطلقت ما أسمته “توطين الوظائف” لخفض نسبة البطالة، إلا أن نسبتها لا زالت كما هي منذ ذلك الحين (أعلى من 12%).

وأشار تقرير نشرته صحيفة “بلومبيرغ” الأمريكية إلى أن نسبة البطالة بقيت كما هي منذ 3 سنوات (أعلى من 12%) لعدة أسباب منها انعدام الثقة بإصلاحات بن سلمان. مؤكدة أن صبر الشباب السعودي قد ينفذ؛ مع تزايد نسبة البطالة، في ظل تزايد طلبات الوظيفة.

 

فشل متتابع

يلاحظ خلال فترة حكم الملك سلمان أن السعودية تحولت إلى دولة بوليسية، تمارس أقسى أنواع الانتهاكات لإسكات الأصوات المعارضة، وكبت ما تبقى من انتقادات داخل صدور المواطنين.

لم تستطع السعودية خلال الفترة الماضية تحقيق أي نجاح يذكر، فالتحولات في السياسات جميعها سلبية، إضافة إلى ما تدعي المملكة بتسميته: “الإصلاحات الداخلية” والتي تتعارض مع قيم المجتمع، وتعتبر جزءاً من هذا التحول، حيث يرى أغلب السعوديين صعوبة كبيرة في تطبيق هذه الإجراءات، وفرضها عليهم.

تسببت الإدارة العشوائية التي تسيِّر أمور المملكة بتشويه صورتها أمام العالم، وتسببت بخسائر اقتصادية كبيرة نتيجة فرار أصحاب رؤوس الأموال ، إضافة إلى خشية المستثمرين الأجانب من وضع أموالهم داخل المملكة، خصوصاً بعد حادثة الريتز كارلتون، وقتل الصحفي خاشقجي.

تدعي السعودية أنها “لن تتسامح مطلقًا مع جميع مستويات الفساد، سواء كانت إدارية أو مالية” لكن القصور في النظام القضائي كبير وواسع للغاية، ويظهر ذلك واضحاً من الاعتقالات بسبب التعبير عن الرأي، وبدون إجراء محاكمات، إضافة للمواجهة الصارمة “للانتقاد والصمت” على حد سواء، حسب تعبير الأكاديمية المعارضة مضاوي الرشيد.

ويبدو من خلال حملة الاعتقالات الأخيرة التي شنتها السلطات السعودية بحق نشطاء مؤيدين لها؛ أن المملكة لا تقبل الآراء، ويظهر أن الغرض من اعتقالهم هو مواجهة أي نشاط للمجموعات أو الأفراد السعوديين، باعتباره جزءاً من الحملة التي يقوم بها “ابن الملك سلمان” ضد أي وجود للأنشطة والنشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي.

ومع محاولة السعودية الانفتاح بشكل واسع مع الغرب لتلميع صورة ولي العهد؛ تواجه السعودية حملة انتقادات عالمية واسعة بسبب سياستها القمعية. وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” لحقوق الإنسان، إن: “وراء المظاهر البرّاقة المستجدة؛ تقبع حقيقة مُظلمة، مع سعي السلطات السعودية إلى إزاحة أي شخص في المملكة يجرؤ على الوقوف في طريق صعود محمد بن سلمان السياسي، وفي صيف 2017، في الفترة التي شهدت تعيينه وليًا للعهد، أعادت السلطات بهدوء تنظيم أجهزة النيابة العامة والأمن السعودية، التي تعتبر أدوات القمع الأساسية في المملكة، ووضعتها تحت إشراف الديوان الملكي مباشرة“.