قالت كارين عطية، مسؤولة صفحة الرأي بصحيفة “واشنطن بوست”، إن الكلمات الأخيرة للصحفي جمال خاشقجي، قبل مقتله في مبنى القنصلية السعودية، تلخص المأساة التي تعرض لها، مشيرة إلى أن خاشقجي في مقاله الأخير استشهد بالربيع العربي على أنه أمل للشعوب العربية، غير أن هذا الأمل سرعان ما تحطم.

كلمات خاشقجي الأخيرة تماثل ما قاله أريك غارنر، الأمريكي الذي قتلته الشرطة قبل أربع سنوات، عندما تعرض للخنق على يد شرطة نيويورك وتوفي بعدها، لتصبح صرخته بعد ذلك جزءاً من صرخة احتجاجات حاشدة ضد العنصرية في أمريكا.

في الشهر الماضي، تقول عطية، تواترت الأنباء عن أن آخر كلمات خاشقجي كانت هي “لا أستطيع التنفس”؛ لتكون هاشتاغ العرب الأول على تويتر في مجتمعات تتشارك مثل هذه القصص هرباً من رقابة أنظمتها الديكتاتورية.

كان غارنر رجلاً اسود يبلغ من العمر 43 عاماً ويعمل في قسم الحدائق بمدينة نيويورك، في حين كان خاشقجي يعمل في البلاط الملكي السعودي لفترة طويلة، قبل أن ينتقل إلى العمل الإعلامي، وبينما كان غارنر ضحية للقوة المفرطة التي استخدمتها الشرطة، فإن خاشقجي كان ضحية لمؤامرة اغتيال ذات أبعاد دولية، وعلى الأرجح كان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان متورطاً بها.

وقالت كارين: “بعد مقتل خاشقجي ركز البعض في تحليلاته على الجغرافيا  السياسية في الشرق الأوسط، والخراب الذي ألحقه الأمراء والأقوياء أو حتى الحقد على الولايات المتحدة بسبب احتضانها للسعودية”.

وأضاف: “لكن لا يمكننا أن نغفل أن خاشقجي في السنة الأخيرة من حياته أراد أن يجعل الناس تعيش حياة أفضل، لقد كانت رسالته هي الشعوب العربية، وكيف لها أن تكون في واقع أفضل”.

وتقول عطية إن خاشقجي وقف ضد تصرفات بن سلمان، ورفض اعتقال الإصلاحيين والنشطاء، مؤكداً أن السعوديين يستحقون حياة أفضل من قمع بن سلمان، كما دافع عن حق المرأة السعودية ، وأيضاً رفض ما يتعرض له اليمن وما يعيشه أبناء الشعب اليمني هناك، والآن “هل يستمع العالم لكلمات خاشقجي؟”.

لقد عمدت مجلة “التايم” إلى تكريمه واختياره كواحد من حراس الحقيقة لهذا العام، وهي شهادة رائعة على عمله ورسالته، ولكن بالنسبة لجمال خاشقجي فإن هناك مئات الأشخاص في العالم العربي الذين دمرت حياتهم والذين من المرجح ألّا نعرف أسماءهم.
وترى عطية أن السؤال الآن هو “هل سنسمح لقادتنا بمساعدة الحكومات القمعية والفاسدة والتستر على جرائم قتل الصحفيين والسجناء واعتقال السيدات الناشطات؟ هل ينبغي أن نوازن بين حياة البشر من جهة ومبيعات الأسلحة أو براميل النفط من جهة أخرى؟”.

وأخيراً، تقول عطية، “هل سيستمر واضعو السياسات والمؤسسات ووسائل الإعلام في تجاهل أصوات ووجهات نظر الشعب العربي الخاصة بتشكيل سياسات منطقتهم؟”.