أكدت صحيفة “الواشنطن بوست” الأمريكية أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، يخوض مغامرة أخرى بدعمه الجنرال الليبي خليفة حفتر، الذي أشعل حرباً أهلية بعد أن شن هجوماً على مدينة طرابلس، لينسف بذلك جهود الأمم المتحدة الرامية إلى تحقيق السلام في ليبيا.

وقالت الصحيفة في عددها الصادر اليوم الثلاثاء: إنه “بعد سنوات من الاضطرابات في ليبيا، اعتقد مبعوثو الأمم المتحدة أنهم كانوا على وشك التوصل إلى اتفاقٍ هذا الشهر”.

وأضافت: “الاتفاق كان سيجمع الفصائل بالبلاد في مؤتمر، للاتفاق على حكومة موحدة وخطة للانتخابات، غير أن حفتر (75 عاماً)، أمير الحرب، الذي يطمح إلى أن يصبح ديكتاتور ليبيا، شن هجوماً على العاصمة طرابلس؛ وهو ما أدى إلى تمزيق عملية السلام، وقد يقود أيضاً إلى حرب أهلية طاحنة في ليبيا”.

وتساءلت الصحيفة: “ما الذي دفع حفتر إلى شن هذا الهجوم واعتقاد أنه سيحقق نصراً سريعاً بدلاً من التسوية الأممية؟ وتجيب بقولها: “لقد أصبح واضحاً أنه تم تحريضه من قِبل السعودية والإمارات ومصر وتقديم الدعم المالي له، فحكومات هذه الدول ومعها روسيا، أفسدت الجهود الدولية التي حظيت بدعم من الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة، بالإضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش”.

وتوضح الصحيفة الأمريكية أنه منذ سنوات يحظى حفتر بدعم هذه الدول بالإضافة إلى فرنسا، حتى عندما كان يسيطر على شرقي ليبيا وأنشأ نظاماً منافساً للحكومة التي تدعمها الأمم المتحدة في طرابلس.

وقبل أيام من شنه الهجوم على طرابلس، زار حفتر السعودية، حيث وعدته الرياض بتقديم ملايين الدولارات ثمناً لهذه العملية، بحسب ما نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال”.

واستطردت “واشنطن بوست” بالقول: “الأموال التي دفعتها السعودية تمثل مقامرة جديدة لولي العهد السعودي المتهور الذي قاد تدخلاً كارثياً في اليمن، أعقبته محاولة فاشلة لإخضاع الحكومة اللبنانية من خلال اعتقال رئيس حكومتها سعد الحريري في الرياض، ومحاولته الفاشلة الأخرى لإخضاع قطر من خلال فرض حصار عليها”.

وترى الصحيفة أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض، الأسبوع الماضي، لم يُبد أي معارضة لهجوم حفتر، رغم أنه يتعارض مع مطالبة واشنطن بضرورة وقف الهجوم.

وتتوقع الصحيفة الأمريكية أن محاولات دخول حفتر لطرابلس لن تنجح؛ حيث أدى هجومه إلى اتحاد الجماعات المسلحة ضده وتدفُّق رجالها إلى طرابلس للدفاع عنها.

وتوضح أن إعلام حفتر يدّعى أن عديداً من قادة تلك الجماعات مطلوبون للقضاء الدولي بتهم مختلفة، ولكن الأكيد أن قوات حفتر تضم مطلوبين للقضاء الدولي بتهمة ارتكاب جرائم، فضلاً عن دعم الأصولية السعودية له.

الأكثر ترجيحاً، تقول الصحيفة، أن هجوم طرابلس سيزيد من معاناة الليبيين التي لا داعي لها، فلقد أدى الهجوم إلى فرار الآلاف من الأهالي، وهو أمر يمكن أن يزيد ويتضاعف إذا ما استمر القتال.

وتشير الصحيفة إلى أن استمرار القتال قد يفتح باب الهجرة إلى أوروبا، وإلى ظهور تنظيم “داعش” في ليبيا، الذي سعت الولايات المتحدة على مدى سنوات إلى القضاء عليه، وذلك سيحدث بفضل الحكومات العربية التي تعمل إدارة ترامب مع قادتها بصفتهم شركاء ومتعاونين.

وفي 4 أبريل الجاري، أطلق حفتر، الذي يقود الجيش في الشرق، عملية عسكرية للسيطرة على طرابلس، في خطوة أثارت استنكاراً دولياً واسعاً.

ويأتي التصعيد العسكري من جانب حفتر مع تحضير الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للحوار في مدينة غدامس الليبية (جنوب غرب)، بين يومي 14-16 أبريل الجاري، ضمن خريطة طريق أممية لحل النزاع في البلد العربي الغني بالنفط.

ومنذ 2011، تشهد ليبيا صراعاً على الشرعية والسلطة يتمركز حالياً بين حكومة الوفاق المعترف بها دولياً، في طرابلس (غرب)، وقائد قوات الشرق خليفة حفتر، الذي يدعمه مجلس النواب المنعقد بمدينة طبرق (شرق).