MBS metoo

“وول ستريت” تكشف تفاصيل مثيرة في قصة صعود “ابن سلمان”

في صيف عام 2015، رست قوارب تقل نحو 150 امرأة من البرازيل وروسيا وأماكن أخرى إلى جزيرة “فيلا” الخاصة، وهي منتجع فاخر في جزر المالديف. وعند الوصول، تم نقل كل امرأة في عربة جولف إلى عيادات صحية للتأكد من خلوهن من الأمراض المنقولة جنسيا، ثم استقرت كل منهن في فيلا خاصة.

وكان من المقرر أن تقضي النساء الجزء الأكبر من الشهر مع العشرات من أصدقاء الأمير السعودي “محمد بن سلمان”، في حفل بمناسبة صعوده.

في هذا الوقت، وجد الأمير الذي كان يبلغ من العمر وقتها 29 عاما، ويتصف بالبذخ والتعطش للمال والتطلع إلى السلطة، نفسه أمام كثير مما يسعى إليه بعد أن عمل بإصرار لمدة عام، وتغلب على المنافسين.

وبعد أن صعد الملك “سلمان” إلى العرش أوائل عام 2015، منح نجله “محمد” صلاحيات غير عادية مما عزز سيطرته على الأجهزة العسكرية والأمنية، وبدأ في قلب اقتصاد المملكة المعتمد على النفط.

وبحلول يوليو/تموز من ذلك العام، أراد “بن سلمان” أن يتمتع باستراحة، وحجز الوفد المرافق له منتجع “فيلا” بأكمله لمدة شهر بتكلفة 50 مليون دولار، وفقا لأشخاص مطلعين على الرحلة.

وتم منع الموظفين من إحضار الهواتف المحمولة التي تحوي الكاميرات. وقدم مغني الراب الأمريكي “بيتبول”، ونجم البوب ​​الكوري الجنوبي “ساي”، إلى الحفل. وتم الكشف عن حفلة جزر المالديف من قبل العديد من الأشخاص الحاضرين، بما في ذلك بعض المشاركين في التخطيط له.

وخلال هذا الوقت، اشترى الأمير الشاب أيضا يخت “سيرين”، بطول 439 قدما، مقابل 429 مليون يورو، بالإضافة إلى قصر بالقرب من “فرساي”، مع نوافير وخندق مائي، بأكثر من 300 مليون دولار.

وفجأة انتهى الحفل، فقد تسربت الأخبار حول زيارة الأمير الشاب إلى إحدى الصحف المالديفية. والتقطت وسائل الإعلام في إيران الأمر وبدأت في نشر الأخبار. وبعد أقل من أسبوع من بدء الرحلة، غادر “بن سلمان” ورفقاؤه.

وكان الحفل السري محطة قصيرة في رحلة “بن سلمان” الجامحة. وعلى مدى الأعوام القليلة التالية، وضع “بن سلمان” تقييدات على عمل الشرطة الدينية، ووسع هامش حرية المرأة، وأغرق جيش بلاده في حرب في اليمن، وحبس المليارديرات والأقارب في فندق “ريتز كارلتون” بالرياض بسبب مزاعم الفساد.

كما قامت فرقة أمنية تابعة لـ”بن سلمان” باغتيال الصحفي “جمال خاشقجي” في إسطنبول. والآن، مع معاناة الملك “سلمان” البالغ من العمر 84 عاما من مشاكل صحية، يصبح فهم صعود الأمير الشاب أكثر أهمية لتقييم الاتجاه الذي قد تتخذه المملكة إذا أصبح “بن سلمان” ملكا.

تزايد إنفاق ولي العهد السعودي بشكل كبير وسعى لتركيز الثروة في يده.

وطوال معظم حياة “بن سلمان”، لم يكن فرع عائلته قريبا من ثراء الفروع الأخرى. وبصفته أميرا كبيرا، كان والده “سلمان” يتلقى راتبا شهريا ضخما، لكنه أنفقه في إدارة قصوره، ودفع رواتب الموظفين، وإظهار السخاء.

وكان “بن سلمان”، وعمره 15 عاما، قد شعر بالإحراج والإحباط عندما أخبره ابن عمه أن أبيه “سلمان” لم يجمع ما يعتبره أفراد العائلة المالكة السعودية ثروة كبيرة.

والأسوأ من ذلك، كان “سلمان” مدينا بشكل خطير. وأصيب أصدقاء العائلة بالصدمة في العقد الأول من من القرن الحالي عندما انتشر الخبر في باريس بأن مقاولي وموظفي “سلمان” لم يتلقوا رواتبهم لمدة 6 أشهر.

وبدلا من الاعتماد على الراتب الملكي، قرر “محمد” أن يصبح رجل أعمال العائلة.

وتستند هذه المعلومات إلى مقابلات مع عشرات الأشخاص عبر 3 قارات ممن عرفوا “بن سلمان” من خلال العلاقات التجارية أو العائلية أو الشخصية.

وامتنع “بن سلمان” عن التعليق على مصالحه التجارية أو صعوده إلى السلطة. وعندما سأله مراسل “سي بي إس” عن إنفاقه في مقابلة تلفزيونية قبل عامين، قال “بن سلمان”: “فيما يتعلق بنفقاتي الخاصة، أنا شخص ثري ولست فقير”.

وعندما بلغ من العمر 16 عاما، كان “بن سلمان” قادرا على جمع نحو 100 ألف دولار، بعد بيع الساعات الذهبية والفاخرة التي حصل عليها. وأصبح هذا هو رأس المال الأولي ليغزو به مجال تداول الأسهم.

وسرعان ما خسر المال. لكن أولا، اكتسبت محفظة الأمير قيمة لفترة وجيزة، ما منحه الإثارة التي دفعته ليواصل السعي.

وقرر “بن سلمان” السفر إلى الخارج بعد الجامعة، والدخول في مجال البنوك أو الاتصالات أو العقارات. ولم يكن يتوقع سلطة سياسية حقيقية في الرياض.

وباعتباره الابن الأصغر لأمير لديه فرص ضئيلة في أن يصبح ملكا، لم يكن لدى “بن سلمان” أمل كبير في الاقتراب من العرش.

وفي بعض الأمسيات، كان “بن سلمان” يصطحب أصدقاءه إلى الصحراء السعودية، حيث يصنع الموظفون الخيام ونيران المخيم. وتحدث حينها عن خططه ليصبح مليارديرا مثل “ستيف جوبز” و”بيل جيتس”.

كما تحدث بإحباط متزايد تجاه الشباب السعودي. ويتذكر أحد الحاضرين قوله: “نحن من يقرر مستقبل جيلنا. إذا لم نتقدم، فمن سيفعل؟”

وركز “بن سلمان” على بناء ثروة وإنشاء الشركات والاستحواذ على حصص في شركات أخرى. وفي عام 2008، أقنع “بن سلمان” شركة “فريزون” عبر وسطاء بإحضار البنية التحتية للألياف الضوئية إلى السعودية.

وشهدت الصفقة حصول “فريزون” على حصة أقلية في مشروع مشترك كان أكبر شريك فيه إحدى شركات “بن سلمان” العديدة. فيما ترأس القسم القانوني في “فريزون”، “ويليام بار”، الذي يشغل الآن منصب المدعي العام للولايات المتحدة.

وساعدت الصفقة في تعزيز مكانة “بن سلمان” في عائلته الأصغر. وتفاخر “سلمان” أمام أحد الزوار بعد إتمام الصفقة قائلا: “ابني جنى الملايين للعائلة”. لكن الصفقة لم تستمر. فلم يكن لدى مؤسسة “بن سلمان” الخبرة لتنفيذ المشروع.

كما تضررت أسهم التداول الخاصة بالأمير الشاب. وفي عام 2013، اكتشف المنظمون أنماط تداول مشبوهة مرتبطة بحسابات تخصه وأمراء آخرين.

وحقق كبير منظمي الأسهم في المملكة في ذلك الوقت، “محمد الشيخ”، في الأمر، وقرر أن تاجرا يتصرف نيابة عن “بن سلمان” كان مسؤولا عن التداول المشبوه. وأثار الحادث غضب الملك “عبدالله”، وطرد “بن سلمان” من شؤون الحكومة.

لكن هذه الكبوة كانت مؤقتة. وحتى خلال أيام كسب المال، كان “بن سلمان” يدرس بعناية كيفية اكتساب مكانة في الديوان الملكي.

وكان يعرف كيف يجعل نفسه مفيدا للأمراء كبار السن الأقوياء فيما كان يقوم بمهام بغيضة للغاية بالنسبة للأمراء الآخرين، مثل طرد أرملة ملك سابق من قصر رفضت إخلائه.

وعندما تولى “سلمان” العرش، برزت أفكار “بن سلمان” فجأة في المجال العام.

وفي اليوم التالي لجنازة الملك “عبدالله”، تولى “بن سلمان” مسؤولية الديوان الملكي. وفي الـ 4 صباحا، استدعى “بن سلمان” المسؤولين ورجال الأعمال للقاء في وقت لاحق من ذلك اليوم. وسألهم “بن سلمان” عما إذا كانت إعادة تشكيل الحكومة السعودية بالتخلص من لجان الحكم التي كان يرأسها “عبدالله” أمر محفوف بالمخاطر. ونصحه البعض بالتحرك ببطء لرصد التأثيرات غير المتوقعة.

ورد “بن سلمان”، بحسب شخص حضر الاجتماع، بـ: “هذا هراء. إذا كان هذا هو الشيء الصحيح الذي يجب فعله، فسنفعله اليوم”.

في غضون أسبوع، تم تعيين “بن سلمان” مسؤولا عن الاقتصاد والجيش في المملكة. وسيصبح مثل هذا التسرع علامة مميزة للمملكة فيما بعد.

وأحاط “بن سلمان” نفسه بمستشارين جدد، بعضهم لديه خلفية حكومية قليلة، وشجعهم على التحاور معه في الليل حول الأفكار السياسية. ورفع “الشيخ”، الرجل الذي برأه عام 2013 من تهمة التلاعب بالأسهم، إلى منصب مستشار اقتصادي أول.

وبعد فترة وجيزة، تولى “بن سلمان” السيطرة على شركة “أرامكو” النفطية، وهي الشركة الأكثر ربحية في العالم.

ومع وجود أمواله تحت تصرفه، عمل “بن سلمان” على تحويل صندوق الثروة السيادي إلى المستثمر الأكثر نفوذا في وادي السيليكون.

لقد أصبح المراهق المهووس ببناء ثروته ومحاكاة “ستيف جوبز” يتحكم الآن في أموال أكثر مما يعرف ماذا يفعل بها. لقد أصبح بناء الثروة والسلطة هاجس الأمير الأول.

 

 

Exit mobile version