تعيد قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول طرح تساؤلات عن مستوى الحماية التي يتمتع بها معارضون سعوديون وعرب في الخارج، وتحديدا في دول غربية حيث يقيم العديد منهم.
وفي بريطانيا تقيم النسبة الأكبر من المعارضين العرب، حيث تحدثت تقارير غربية عن سعي حكوماتهم ومن بينها السعودية إلى استعادتهم أو استهدافهم، كما حصل مع عدد منهم بينهم المعارض سعد الفقيه والكوميديان غانم الدوسري.
وبعد قتل الصحفي خاشقجي، ثارت تساؤلات بشأن مدى وأهمية الحماية التي يتم توفيرها من قبل الدول الغربية للمعارضين السعوديين والعرب المقيمين على أراضيها.
“ترتيبات شخصية”
وتعليقا على هذا التساؤل، قال المعارض والناشط الحقوقي السعودي سلطان العبدلي، إنه “ليس هناك أي حماية تقدمها الدول الأوروبية للمعارضين”، موضحا: “أعني هنا غير الحماية العامة كالترتيبات الشخصية مثل وضع كاميرات على البيت أو دوريات حوله أو متابعة أمنية حثيثة عن طريق الجوال أو البريد الإلكتروني”.
وتابع العبدلي في حديثه لـ”عربي21″: “على الرغم من أن عدد المعارضين المؤثرين والمقيمين في أوروبا قليل، إلا أن حكومات هذه الدول لا تقدم لهم الحماية المناسبة، فمثلا هنا في بريطانيا لا يوجد حماية شخصية، وإنما تكتفي بما تقدمه لكل قاطني البلد، والمعارضون هم من يقومون بإجراءات الحماية بأنفسهم”.
وأكد أنه “رغم تعرضه هو وغيره من المعارضين مثل سعد الفقيه ومحمد المسعري لمحاولات اغتيال وخطف وتوالي التهديدات، لا زالت الحكومات الغربية لا تتخذ أي إجراءات لحماية المعارضين إلا لقلة بسيطة جدا”.
“قوانين اتفاقية جنيف”
بدوره أكد الخبير في القانون الدولي سعد جبار أن الدول الغربية المستضيفة للمعارضين السعوديين “ملزمة بحمايتهم حسب قوانين اتفاقية جنيف”، مشيرا إلى أن “أي لاجئ موجود على أراضي الدول الغربية، يُعامل المعاملة نفسها لمواطني تلك الدول، والمس به يعتبر مسا بسيادتها وبقوانينها وبالقوانين الدولية”.
وتابع في حديثه لـ عربي21″: “هذه الدول ملزمة بحماية اللاجئين، وتقدير حالة الخطر المحيط بهذا اللاجئ يخضع لتقدير سلطات تلك الدولة، فإذا رأت بأن هناك خطرا محدقا بلاجئ معين، يتم إحاطته بكل الحماية الأمنية الضرورية”.
وردا على تساؤل بشأن الطلب من الدول الغربية تسليمها المعارضين، يقول جبار: “مجرد الطلب نفسه يدل على عدم احترام وعدم فهم قواعد القانون الدولي. وثانيا الأمر ليس بهذه السهولة، فهذه الدول محكومة بقوانين تتجاوز السلطة التنفيذية والحكومة”.
وأشار إلى أن “قوانين هذه الدول تحترم اتفاقيات اللاجئين والقانون الدولي، ولا يمكن حتى للملكة البريطانية ولا حتى رئيس الجمهورية الفرنسي تسليم أي معارض أو لاجئ سياسي، فقوانينهم تبنت اتفاقيات اللاجئين وأدخلتها بالقانون المحلي، وعليه، لا يجوز تسليم شخص يخشى على حياته لأسباب سياسية أو عقائدية”.
وأوضح الخبير القانوني بأنه “إذا طلبت دولة كالسعودية تسليم معارضيها لها، فإنها بهذا تتجاهل المعايير والقواعد الدولية الحضارية، ومن ثم، هذا الطلب مستحيل”.
“فهم خاطئ”
وعن إمكانية استغلال السعودية أو غيرها من الدول نفوذها المالي لإغراء دول غربية لتسليم المعارضين، قال جبار: “هذا هو الفهم الخاطئ للمنظومات أو للنظم السياسية والقانونية في الدول الغربية التي تعتبر من حضارتها، فهم لا يمكن أن يخالفوا قوانينهم ويسلموا المعارضين، حتى لو تم عرض صفقات تجارية عليهم”.
وفي هذه النقطة، يوافق الناشط السعودي سلطان العبدلي جبار ويقول: “يوجد قضاء شفاف ونزيه في أوروبا وتحديدا في بريطانيا، وهذا القضاء لا يسمح بتسيلم أي معارض مقابل صفقات تجارية أو أسلحة، إلا إذا كان هناك ثغرة قانونية، وحتى مع هذا، إذا تم إحالة طلب التسليم للقضاء يكون من الصعب تنفيذه”.