يواصل سعوديون رفضهم الشديد للتطبيع مع “عدو السعوديين الأول”، ويصفون أي علاقة مع “إسرائيل” بأنها تخالف قيمهم ومبادئهم المناصرة للقضية الفلسطينية والرافضة لأي علاقات مع “تل أبيب”.

ويخشى السعوديون من تغلغل العلاقات مع “إسرائيل”؛ في ظل الزيارات الرسمية والشعبية المتزايدة إلى “تل أبيب” من قبل مواطني بلادهم، والأصوات التي تعلو عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وتنادي بتطبيع العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي.

ويبرر بعض السعوديين التواصل مع الاحتلال بأنه انفتاح وتأييد للسلام، وتقبل للشعوب الأخرى، وبأنه يدعم الاقتصاد في بلادهم ويعزز الأمن ويفتح سبلاً للعيش بشكل أفضل، في حين يرد عليهم آخرون بأن هذا التطبيع يعمّق الظلم بحق الفلسطينيين، ويناقض جهود السعودية عبر الزمن في رفض أي علاقات مع “إسرائيل”.

العلاقات السعودية والإسرائيلية التي ظهرات مؤخراً، تأتي متناقضة مع ما أكدته الرياض سابقاً في العديد من التصريحات لها؛ من تمسك والتزام بـ”الوقوف ضد كافة أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني، حتى يتم تحرير كل التراب العربي وقيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس”.

وكشفت مصادر عربية رفيعة المستوى، في يوليو الجاري، أن السعودية “تريد أن يكون للإسرائيليين موطئ قدم على أراضيها”، وهذا ما يرعب السعوديين ويرفضونه بشكل قاطع.

وأكدت المصادر في تصريحات خاصة أن السعودية ستسعى خلال الفترة المقبلة لتوطيد وتدعيم علاقاتها مع دولة الاحتلال الإسرائيلي؛ من خلال بوابة الاقتصاد، وستكون حريصة على توقيع عشرات الاتفاقيات الرسمية مع “تل أبيب”، والتي ستقدَّر قيمتها بمئات الملايين من الدولارات.

وبين الحين والآخر تصدر تصريحات مشابهة من مصادر رفيعة عربية و”إسرائيلية” تكشف المستور حول العلاقات السعودية-الإسرائيلية.

تجرؤ علني على التطبيع

وعلى الرغم مما تصدره الرياض من تصريحات متواصلة من رفض الاحتلال، فإن النظام السعودي في الوقت نفسه يقف صامتاً أمام تجرؤ عدد من شخصياته الإعلامية والأكاديمية، والتي كان آخرها موافقته على زيارة سعودي ضمن وفد توجه إلى “إسرائيل”، وهو ما رفضه السعوديون بشدة واعتبروه تصرفاً لا يليق بهم.

وأكد سعوديون وقفوهم مع مقدسيين هاجموا، أمس الأحد، سعودياً عرف بتطبيعه مع “إسرائيل”، وذلك خلال زيارته ضمن وفد لصحفيين عرب بينهم سعوديون وعراقيون إلى المسجد الأقصى بالقدس المحتلة.

وهاجم المقدسيون الناشط الإعلامي محمد سعود، الذي يقيم في العاصمة الرياض، والذي لطالما أشاد بـ”تل أبيب”، كما أنه يضع علم بلاده وعلم “إسرائيل” على صفحته في موقع “تويتر”.

وأمس الأحد، أعلنت وزارة جيش الاحتلال الإسرائيلي زيارة وفد يتكون من 6 أشخاص من السعودية والعراق والأردن، وهم طلاب وأكاديميون وكُتّاب، إلى “إسرائيل”، تلبية لدعوة من وزارة الخارجية.

وتعرض سعود -وهو طالب في كلية القانون بالعاصمة السعودية- للرشق بالحجارة وغيرها من المقذوفات، كما تم طرده من باحة المسجد الأقصى.

وكان حساب إذاعة جيش الاحتلال قد نشر على “تويتر”، في وقت سابق، صورة لسعود مع الصحفي جاكي حوجي خلال حوار لهما، مصحوبة بتعليق: “من الرياض إلى القدس.. محمد سعود طالب الحقوق من السعودية متواجد هذا الأسبوع في إسرائيل ضمن وفد خاص مكون من 5 صحفيين ومدونين بدعوة من وزارة الخارجية”.

وتفاعل ناشطون سعوديون مع طرد المواطن السعودي، ومنهم من شكك في جنسيته وانتمائه للسعودية؛ وذلك لتعارضه مع وجهة نظر الشعب السعودي الداعم لأشقائه الفلسطينيين.

وأكد سعوديون أن ما حدث مع سعود يستحقه، إذ إنه أعطى صورة سلبية عن السعوديين من خلال ممارساته مع الاحتلال.

وطالب سعوديون بأن يكون الرد في المرة القادمة أكبر ليكون عبرة لمن يعتبر.

وتذكر ناشط سعودي موقف الأمير الراحل فيصل بن عبد الله، والذي تمنّى زوال “إسرائيل”، ومنع التطبيع مع الاحتلال.

وكان هذا الناشط ظهر في فيديو نشره على صفحته في “تويتر”، وقال إنه سعودي ويحب “إسرائيل” ويتمنى أن تكون هناك علاقات بين الدول والاحتلال الإسرائيلي.

الرياض تشقّ طريقها في التطبيع

وبدأت الرياض بتمهيد تطبيع علاقاتها مع “إسرائيل” عبر إرسال الإعلاميين والنشطاء بشكل أولي.

وسبق زيارة سعود تأييد الباحث السعودي في الحضارات العربية القديمة، لؤي الشريف، خلال مقابلته باللغة العبرية التي يجيدها، مع مراسلة وكالة البث الإسرائيلية الرسمية (كان)، الترويج للسياحة السعودية إلى “إسرائيل”.

وتعد التوجيهات الجديدة للسعودية في تطبيع العلاقات مع “إسرائيل” ضربة كبيرة لتاريخ أجدادهم الذين قدموا كثيراً لفلسطين.

ومنذ صعود ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، ازداد التقارب السعودي مع “إسرائيل”، وشهدت الأشهر الماضية الحديث عن لقاءات وزيارات تطبيعيّة بين الطرفين.

كما تسارعت العلاقات الإسرائيلية والسعودية في الآونة الأخيرة، وتصاعدت التصريحات التي تؤكد أهمية العلاقات بين الطرفين في ظل المصالح المشتركة بينهما.

ومؤخراً كشف محمود نواجعة، منسّق اللجنة الوطنية لمقاطعة الاحتلال الإسرائيلي المعروفة بـ”BDS”، عن توفّر معلومات لديهم بأن السعودية تسعى لجولات جديدة من التطبيع مع “إسرائيل” خلال 2019.

كما شهد عام 2018 سلسلة زيارات ولقاءات تطبيعية بين “إسرائيل” والسعودية في مجالات عدة، إذ كشفت وسائل إعلام عبرية عن زيارة اللواء أحمد عسيري، نائب رئيس المخابرات السعودي المقال، دولة الاحتلال عدة مرات في مناسبات مختلفة، وفق ما ذكرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية.

وكذلك إتمام السعودية صفقة شراء أجهزة تجسس عالية الدقة والجودة من “إسرائيل”، قيمتها 250 مليون دولار أمريكي، نُقلت إلى الرياض وبدأ العمل بها رسمياً بعد أن تم تدريب الطاقم الفني المسؤول عن إدارتها وتشغيلها.

كما اشترت الرياض منظومة “القبة الحديدية” الدفاعية العسكرية من “تل أبيب”.

كما دعمت الرياض خطة السلام الأمريكية “صفقة القرن” التي يعارضها الفلسطينيون وعدة دول عربية ويتهمونها بسرقة حقوقهم، وشاركت في ورشة البحرين التي خُصصت لتمويل الصفقة.