خاص: يوم الزينة سنة من سنن الله في الظالمين؛ ففي يوم الفرح والافتخار والاستعلاء يقصم الله ظهر الظالم في يوم فرحه وزينته.

لقد أخبرنا الله في القرآن عن يوم زينة فرعون، حينما قال لموسى: (موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى * فتولى فرعون فجمع كيده ثم أتى)، وبعدها بآيات قليلة يخبرنا الله عن مصرع الظالم فرعون في يوم فرحه واستعلائه في يوم زينته: (فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم * وأضل فرعون قومه وما هدى). وهكذا سنة الله في الفراعنة والظلمة.

لقد وصل النظام الشاهنشاهي في أواخر عهده لحالة من السلطوية والبطش الشديدي؛ حيث مارس جهاز السافاك أقسى أنواع القمع ضد المعارضين، واستخدم ضدهم كافة أنواع التعذيب والتجويع داخل السجون، بالإضافة إلى التصفية الجسدية لقادة المعارضة.

وقدّم الشاه محمد رضا نفسه على أنه شرطي الخليج، ورجل أميركا القوي في المنطقة، وصديق الغرب الحميم، وأقام علاقات شبه معلنه مع إسرائيل، شملت صفقات السلاح والتعاون الأمني والعسكري والتجاري، بل وتزويدهم بالنفط الإيراني.

ولم يكتف الشاه محمد رضا بوجود خمسين ألف مستشار أمريكي يعملون في النظام الإيراني، بل سمح بإنشاء قاعدة عسكرية أمريكية، اتخذتها أميركا منطلقًا لمواجهة السوفييت.

هذا الغرور والجبروت أوصله ليوم الزينة؛ تفجرت الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية في بلده، فلم يزده ذلك إلا غرورًا وتجبرًا، ودعا إلى الاحتفال بمرور 2500 عام على قيام الإخمينية الساسانية، وأقام احتفالات ضخمة صاخبة، أجبر الناسَ عليها، وجرّهم لها جرًّا.

ولم تمضِ سنتان حتى فلتت الأمور من يده تمامًا، وخرج على التلفاز معتذرًا يقول: (لقد سمعت نداءكم، وها أنا أعتذر إليكم، سأفعل ما تأمرون). ثم أسقطوه شرّ سقطة، ولم يجد حتى أرضاً تستقبله.

وهكذا يخبر الله أنه يمهل للظالمين حتى يصلوا إلى أوج جبروتهم، فيأخذهم الله من حيث لا يحتسبون؛ ففرعون الأول طغى وبغى، فلما وصل به الحال أن يقول: (أنا ربكم الأعلى) كانت العاقبة (فأخذه الله نكال الآخرة والأولى).

وكما هو فرعون مصر القديم، صار حال فراعنة مصر الجدد؛ كلهم مرت عليه سنة يوم الزينة!

ولا أنسى مشهد السادات، وهو في قمة بطشه وظلمه وغروره مع أن الأوضاع تتفجر من تحته، يوم جلس على المنصة، منتشيًا بذكرى انتصار أكتوبر، مستعليًا بنفسه وقوته وجيشه، وحوله جنرالات مصر، وقريب منه زوجته جيهان وبيدها حفيدها تلاطفه، فجاءه قدر الله برصاصات مزقته في يوم زينته.

واليوم وصل السيسي إلى يوم زينته، فبعد أن أزاح مرسي ثم قتله، وسجن الآلاف وهجر مثلهم، وعدل الدستور على مقاسه، ظن أنه باق مخلد، فبدأ يبني القصور والدور، فيأتيه يوم زينته من فتى القصر (محمد علي)!

فالله عدل حكيم، (ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثمًا ولهم عذاب مهين).

يوم الزينة يوم فرح واستعلاء للطغاة، ولكن فيه مقاتلهم.

واليوم الوطني السعودي 89 الفائت، فيه رائحة يوم الزينة لسلمان وابنه السفيه، وكأنه الفرح الذي يعقبه السقوط والغرق، كسقوط الشاه والسادات وفرعون الأول في أيام زينتهم.

ففرحهم في ذلك اليوم فرح مزيف مصطنع، فلم يمر على البلاد أزمات كما نمر بها اليوم، خسارة في اليمن، وانكشاف الأمن القومي بعد هجمات الحوثيين، وهجوم بقيق، وانتهاك لسيادة البلد حتى تخرقت، وازدياد مشاكل الفقر والبطالة والإسكان، فضلاً عن الاستبداد والفساد وتخويف الشعب وإنهاكهم بالضرائب وغلاء المعيشة وتردي الأوضاع الاقتصادية.

فهل بدأ يوم الزينة؟!

(ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون)، (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).