تستمر الصور القادمة من السعودية في عكس مشهد جديد لم يألفه المجتمع والعالم، حيث بدأت نشاطات “الترفيه” التي توصف بأنها تشجع على “الانفلات” تأخذ منحى أكثر حساسية.

ففي سبيل دعم القطاع الاقتصادي وتخفيف الاعتماد على النفط، تشهد المملكة حفلات يطغى عليها الصخب والاختلاط والرقص غير المسبوق في المملكة منذ تأسيسها.

وضمن مخطط لدعم الترفيه حققت البلاد أكثر من 19 مليون دولار خلال ساعات قليلة، هي أرباح قد لا تتحقق مستقبلاً عن طريق النفط، ثروتها العظمى، الذي بدوره تأثر كثيراً بفعل تعرض منشأتين لهجوم بضربات جوية في سبتمبر الماضي، أدى إلى توقف نصف الإنتاج لأيام.

المشاريع المربحة التي فتحت المملكة أمامها باباً واسعاً تشير التخطيطات الحكومية ووارداتها إلى أنها داعم اقتصاد السعودية المقبل، في مقابل العادات والتقاليد المحافظة التي تمسكت بها المملكة منذ عقود.

فالصلاحيات الواسعة التي يمتلكها المستشار المثير للجدل تركي آل الشيخ، المسؤول عن الانفتاح الكبير في عالم الترفيه والموسيقى والحفلات الصاخبة، تؤكد أن السعودية وجدت ضالتها في البديل عن النفط، عبر رفع العديد من القيود المنظمة لسلوك المجتمع.

هذا ما ميز الحفلات الصاخبة التي شهدتها المملكة منذ نحو عام وتتكرر خلال الأيام الحالية خلال موسم الرياض الترفيهي الذي يستمر 70 يوماً.

 

منشار التجديد يقطع جسد تقاليد المجتمع!

لكن أكثر هذه الحفلات صخباً والأكثر ربحاً وحضوراً جماهيرياً، واختلاطاً وصراخاً ورقصاً، اختير له يوم الجمعة، الذي يعتبر اليوم الأكثر أهمية عند المسلمين وخصوصاً في السعودية، وهي قطعة أخرى -على ما يبدو- يقطعها منشار التجديد من جسد تقاليد جسد المجتمع السعودي المحافظ.

ففي الجمعة التي وافقت 11 أكتوبر الجاري، أحيت فرقة “بي. تي. إس” لموسيقى البوب الكورية حفلها الأول في السعودية، وذلك على ملعب الملك فهد الدولي في الرياض، ضمن فعاليات “موسم الرياض” الذي يستمر حتى منتصف ديسمبر المقبل.

وبلغ سعر التذكرة للشخص الواحد 293.84 دولاراً، في حين يستوعب الملعب 65 ألف شخص، وتقول الجهة المسؤولة عن الحفل إن التذاكر بيعت خلال ساعات، وهو ما يعني أن مبيعات بطاقات الحضور بلغت 19 مليون دولار و45 ألف دولار.

وبحسب ما توضح مقاطع الفيديو المتداولة فقد كان الحضور في أغلبه من النساء، التي كانت تضج بهن مدرجات الملعب، في حين كنّ يرددن عند دخولهن إلى ملعب الرياض قبل ساعات من بدء الحفل، الهتاف الخاص بالفرقة.

الصراخ كان يتعالى في استقبال الفتيات للفرقة الكورية بعد وصولهم الرياض، وخروجهم من المطار بسيارات خاصة، وفق ما بينت مقاطع فيديو تداولها ناشطون ووسائل إعلام.

مقاطع فيديو كثيرة وثقت رقص الفتيات في شوارع العاصمة السعودية، أمام ملصق كبير للفرقة الكورية، في تعبير عن الإعجاب الكبير بعناصرها الشباب وأغانيهم ورقصهم.

ومقاطع أخرى كانت توثق شيئاً من الرقص والصراخ والغناء المرافق لأعضاء الفرقة، وهم يغنون ويرقصون على المنصة التي خصصت لهم وسط الملعب.

 

الدندراوي تشيد بالكوريين وتهاجم الكويتيين!

العديد من الصور المسيئة للمملكة ونسائها وتقاليدها المحافظة لم تتطرق إليها وسائل الإعلام السعودية، بل راحت تدافع عنها وتفخر بالحضور الجماهيري الكبير الذي ضجت به أرجاء الملعب الواسع.

الإعلامية السعودية سارة دندراوي، وصفت خلال برنامج “تفاعل com” الذي تقدمه عبر قناة العربية، أثناء حديثها عن موسم الرياض حفل فرقة BTS، بأنه “كسر الدنيا”، وشهد تغطية عربية وعالمية.

وقالت إن هذا الحفل الذي يعد أكبر حفل في مدينة الرياض نجح تنظيماً وأداءً.

لكن الدندراوي لم تكتف عند هذا الحد، بل راحت مرة أخرى تهاجم الكويتيين، وتتهمهم بأنهم “إخونجية” لأن الحفل لم يعجبهم!

وأضافت :”إلى هنا والحياة سعيدة وطبيعية؛ لكن يبدو أن هذا النجاح وسعادة الحضور ما عجب بعض الإخونجية في الكويت، أو في رواية أخرى أصحابهم في الكويت. ما أعجبهم مع إنو شأن سعودي بحت، وبدؤوا بحملات تجييش وتحريض مع إنو الحفلات والمناسبات أمر طبيعي في بلادهم وبتنافسوا في إقامتها. حلال عليهم حرام على غيرهم”.

واسترسلت قائلة: “واللافت أن وكمان خلال الكم يوم اللي فاتو تفاعل موضوع هتافات الجمهور الأردني المسيئة خلال مبارة الأردن مع الكويت باسم صدام حسين، وتحولت لأزمة سياسية وإعلامية، واعتذر الأردن رسمياً”.

وتابعت تتحدث عن العلاقة بين المجموعة التي تحدثت عنها وعن المجموعة التي احتجت على الترفيه بالسعودية، متهمة بعضهم بأنهم “مموَلون”، مضيفة: “هذه الجماعة نفسها تجاهلت اللي حصل في المبارة مع الأردن أو تحدثت عنه على استحياء أو بهدوء خجول”.

وكانت الإعلامية السعودية “سارة دندراوي” أثارت في وقت سابق غضباً عارماً بين الكويتيين، حين زجت بشعب الكويت في تعليق على خبر يتعلق بالخمور، في وصف اعتبره الكويتيون مسيئاً لهم ولبلدهم.

 

النقاب محتقر!

هذا الحفل الصاخب كان باكورة موسم الرياض، الذي من المقرر له أن يستمر سبعين يوماً، يشهد حفلات وبرامج ترفيه واسعة أخرى.

وسعى القائمون على هذا المهرجان إلى إظهاره بصورة تعجب الزائرين إلى أبعد حد، لا سيما من خلال تقديم الخدمات، لكن ما تبين أن القائمين على المهرجان يحتقرون الزي السعودي الموروث، المعروف بالحشمة، وهو ما عزز الهدف المبطن في ترويج ما سماه سعوديون بـ”الانفلات”.

هذا ما يتوضح من خلال مقطع فيديو يظهر فتاة منقبة سعودية تشكو ما وصفته بـ”المضايقات” خلال عملها بصفة منظمة في موسم الرياض.

وقالت الفتاة السعودية في مقطع الفيديو: “بعض الشخصيات التي تحتقر أو لا تريد النساء المنقبات. يمارسون أشياء كثيرة تضايقنا في هذا المكان”.

وتابعت قائلة: “أمس كنت أمارس عملي ولم يشتك مني أحد، سواء من الزوار أو من الإدارة في الشركة التي أعمل معها، بل العكس كانوا يثنون علي. لكن للأسف بعض الشخصيات، وتحديداً المدير، منعني من العمل بسبب ارتدائي للنقاب”، مشيرة إلى أن غايته “الاستعراض” بغير المنقبات.