“لو سنحت لي الفرصة لكي أرد على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في قمة العشرين بشأن مقتل الصحفي جمال خاشقجي لواجهته بالأدلة”، هذا ما قاله الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عقب انتهاء قمة العشرين بالأرجنتين، في رد غير مباشر على تشكيك بن سلمان بالجريمة، حيث بدا أردوغان غاضبا لعدم تطرق زعماء العالم للقضية بشكل كاف.

وأكدت مواقف وتصريحات تركية رسمية على عدم تساهل أنقرة مع محاولات التغطية على قضية مقتل خاشقجي، التي أصبحت تحاصر بن سلمان أينما حل وارتحل، وفقا لتصريحات مسؤولين أتراك تحدثوا للجزيرة نت.

لماذا التجاهل
وعن الأسباب التي حالت دون مناقشة موضوع خاشقجي خلال قمة العشرين، قال ياسين أقطاي مستشار الرئيس التركي للجزيرة نت إن زعماء دول العشرين لم يدرجوا القضية في جدول الأعمال، ربما بناء على مصالحهم، أو لعدم رغبتهم بتعقيد الأزمات التي بينهم، خصوصا في ظل ما يدور بين روسيا والصين وأميركا من صراعات.

لكن أردوغان لم يتردد في التذكير بالموضوع خلال القمة، بحسب أقطاي، كما أن العزلة التي ظهر بها بن سلمان كانت بمثابة ردة فعل كاف له، ولوحظ ذلك من خلال تجنب العديد من الزعماء مصافحته، إضافة إلى تخصيص موقعه على الهامش عند التقاط صورة جماعية.

وأضاف أقطاي “لقد حرص أرودغان في خطابه على وضع مسافة كعادته بين السعودية وبن سلمان، لكنه أيضا لم ينس التأكيد على موضوع العدالة، حتى لو طال ذلك ولي العهد نفسه”.

فكشف الحقيقة من وجهة نظر أقطاي لن يكون ضد السعودية، بل سيصب في مصلحتها، وستتمكن الرياض بذلك من الخروج من المأزق الذي وقعت فيه وهي أقوى من السابق.

وكانت التطورات تشير منذ يوم وقوع الجريمة إلى بن سلمان، ما دفعه لتجنب الاحتكاك بزعماء قمة العشرين، وفقا لحديث أقطاي.

وأكد المستشار التركي أن “القتلة يموتون كل يوم بعقاب لا ينتهي وقد زاد من ذلك العقاب العزلة التي يتعرضون لها ونظرات الناس لهم وهروبهم منهم، كما أن مليارات الدولارات التي تنفق لتشكيل صورة أفضل تخلصهم من واقعهم لم تجدِ”.

إصرار تركي
ما حدث في قمة العشرين لم يمنع المسؤولين الترك من تأكيد إصرارهم على استكمال التحقيق في الحادثة، وصولا إلى الحقيقة، ولعل هذا ما تؤكده الحكومة التركية والمواقف الرسمية الأخرى التي تلوح بنقل الأمر إلى أروقة الأمم المتحدة والقضاء الدولي.

“أردوغان يتجاهل بن سلمان والأخير يغمض عينيه”، كان هذا العنوان الأبرز أيضا الذي اختارته صحيفة يني شفق التركية بعد يوم من انطلاق أعمال قمة العشرين.

ومثلها ذهبت بقية الصحف والمواقع الإخبارية التركية المقربة من حزب العدالة والتنمية الحاكم إلى تشريح حضور بن سلمان في القمة، حيث وصفته بالباهت والضعيف نتيجة الضغط الدولي الذي يخنقه منذ مقتل خاشقجي بالقنصلية السعودية بإسطنبول قبل شهرين.

إصرار الموقف التركي على المضي قدما في القضية أكده أردوغان في آخر تصريح له بشأن مقتل خاشقجي، وذلك أثناء رحلته إلى فنزويلا عقب انتهاء قمة العشرين، فقال إن بلاده تكرر السؤال للسعودية بشأن من أصدر الأمر بالقتل، وعن مكان جثته، وعن المتعاون المحلي الذي تقول الرياض إنه أخفاها.

وحسب محللين أتراك تحدثوا للجزيرة نت، فإنه مثلما تمكنت تركيا من فضح تفاصيل عملية القتل للعالم، ستعمل بالتدريج خلال الأيام القادمة على كشف هوية المسؤول الأول الذي أعطى أوامره للفريق السعودي بتصفية خاشقجي.

وعزا مراقبون الأسلوب الذي تعامل به زعماء العالم مع الأمير الشاب إلى إدراكهم بأنه أصبح في عيون العالم هو المشتبه الأول بالقتل، ولذلك حاول الجميع الابتعاد عنه من باب المجاملة أمام عدسات الإعلام، باستثناء مصافحة يتيمة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.