ضمن مؤتمر المهجر الثاني، التأم شمل المعارضة السعودية من التيارات المختلفة حيث بحث المشاركون في المؤتمر -الذي اختتم أعماله مساء أمس السبت بلندن- التحديات التي تواجه المعارضة، والأولويات التي ينبغي عليهم الاتفاق عليها في مواجهة القمع والتهديدات الداخلية التي تتعرض لها بلادهم.
وقال الحقوقي يحيى عسيري، وهو مدير مؤسسة “ديوان” ومنظم المؤتمر، إن الجميع متفق في المعارضة على أهمية العمل المشترك رغم الخلفيات المختلفة، موضحا أن اجتماعهم اليوم هو رد على ادعاءات النظام بأنهم منقسمون.

وأضاف أن هذه الوحدة هي في الوقت نفسه رد على ما يدعيه النظام بأن سقوطه سيؤدي للفوضى، ومبينا أن المعارضة السعودية معارضة نوعية وواعية تجتمع وتنسق باستمرار.

بينما أكد الناشط السعودي محمد العمري نجاح المؤتمر، وقال للجزيرة نت إنهم خاطبوا قرابة 100 ناشط ومعارض سعودي، ووافق منهم ٣٤ ناشطا على المشاركة، وهم من خلفيات مختلفة ودول أوروبية متعددة.

توقيت حساس
وقال الناشط الحقوقي المعارض عبد الله الغامدي للجزيرة نت إن المؤتمر شامل لجميع أطياف المعارضة، ويأتي في وقت تدب فيه الخلافات داخل الأسرة الحاكمة.

ولفت إلى أن العمل من الخارج سينجح إذا كان عملا منظما ووطنيا ويتبنى تغييرا شاملا، مشددا على ضرورة أن يعمل المعارضون على إرسال رسائل إيجابية للداخل وليس تثبيطهم.

كما أكد أن التغيير سيكون سلسا سهلا إذا عمل الجميع من أجله تحت مظلة واحدة تكون موازية لدولة الداخل، ووقتها يقتنع الداخل ببرنامجهم البديل.

وتنوعت أطياف المعارضين المشاركين وخلفياتهم الفكرية والسياسية، وأكدوا ضرورة الاستمرار في الانفتاح على كل الأطياف السياسية.

من جهتها، ركزت المعارضة السعودية الدكتورة هالة الدوسري في كلمتها على أن سياسة النظام القائمة على شراء الولاءات والبطش لم تعد مقنعة حتى لمناصريه في ظل حالة عدم الاستقرار.

وأضافت المتحدثة أنه حتى النخبة المستفيدة من النظام لا يمكنها العمل في هذا الجو غير الآمن، فالكل محتاج للنظام الآمن، وبينت أن عدم الاستقرار للنظام في الداخل يصاحبه تهديد للاستقرار في الداخل والخارج.

كما رأت الدوسري أن اللجوء لتعذيب قيادات المجتمع المدني أصاب الغرب بالرعب، خاصة أن التعذيب الذي يجري هو التعذيب لأجل التعذيب، وليس مثلا لانتزاع اعترافات، داعية لتقديم خطاب معاكس لخطاب النظام السياسي والمراهنة على الحركات المدنية، بعيدا عن الدول المتماهية مع النظام لمصالحها.

استخدام الدين
وخصص المؤتمر جلسة لبحث فكرة استعمال النظام السعودي للدين، وتكريس بعض علمائه أرضية شرعية لمفاهيم تخدم فكرة الدفاع عن الحكام المتسلطين.

ورأى الدكتور سعيد بن ناصر الغامدي أن من مظاهر استعمال السلطة لرجال الدين أن بعض العلماء في السعودية سوغوا للسلطة وبرروا قتل الصحفي جمال خاشقجي.

كما ذكّر الغامدي بما جاء على لسان عضو مجلس الشورى عبد الله الفوزان بضرورة تخوين المعارضين أو المصلحين، ساردا عددا من الأدلة بأن ظلم الحاكم هو ما يجر كل الويلات، حسب قوله.

وحذر الغامدي من تحضير بعض علماء السعودية لأدلة شرعية لتبرير وتمرير مشروع التطبيع مع الكيان الصهيوني.

وفي نهاية كلمته، دعا الغامدي لإنقاذ المجتمع من التفكك وزوال الأمن، محذرا من الطائفية التي تستعمل الدولة ورقتها للعب على التناقضات للتخويف من سقوطها، بحسب رأيه.

استعمال المتطرفين والعلمانيين
وفي كلمة للناشطة سحر الفيفي، استعرضت الآلية التي يلجأ لها النظام في استعمال الحركات والتنظيمات لمصالحه ودعم أجندته، أو التخويف منها واستعمالها فزاعة.

وضربت الفيفي عددا من الأمثلة عن استعانة السلطات في السعودية بالمتطرفين وبعض العلمانيين وتوظيفهم تاريخيا بحسب الحاجة وبحسب الخصوم، فقد تروع السلطة الشعب باستعمال جماعات العنف كتنظيم الدولة الإسلامية لقمعه، أو تروع الشعب تحت عنوان مواجهة العلمانيين، وبين محاربة الإرهاب والعلمانية والمحافظة على الدين تجد شعبا ممزقا استنزف بين كل الاتجاهات ويبحث عن الوسطية، بحسب الناشطة.

وأوضحت الفيفي أن الهدف من هذا الاستنزاف هو إلهاء الناس بصراعاتهم.

وضربت الفيفي مثالا على توظيف السلطات السعودية للدين بما جرى في المشروع الجهادي في أفغانستان، حيث استعمل النظام السعودي شباب الحرمين جنود مشاة للأميركيين -على حد تعبيرها- في صراع أميركا مع السوفيات هناك، وكل هذا تحت غطاء الدين، والآن تستعمل السلطة فزاعة جماعة الإخوان المسلمين لترويع المجتمع رغم أن الجماعة سلمية، ورغم أنها استعملتها سابقا إبان حكم الملك فيصل من أجل مواجهة الرئيس المصري جمال عبد الناصر.