رقص وغناء وتمايل في مدينة الدرعية التابعة للعاصمة الرياض، مسقط رأس الإمام محمد بن عبد الوهاب، وعاصمة “الوهابية” خلال عهد الدولتين السعودية الأولى والثانية، في مواكبة لرؤية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

الفعاليات الفنية الصادمة للشعب السعودي جاءت بالتزامن مع فعاليات سباق الدرعية ضمن سلسلة سباقات “فورمولا إي” للسيارات الكهربائية، والذي جاء كنسخة طبق الأصل عن سباق جزيرة الريم للسيارات المقام كل عام في العاصمة الإماراتية أبو ظبي.

وسائل الإعلام المحلية، المحسوبة على السلطات السعودية، عرّفت هذه الفعاليات، التي شارك فيها المغني الشهير “أنريكي إغليسياس”، بأنها انفتاح على العالمية، وأن المملكة تطرق أبواب العالم عبرها.

هذا الحدث أولي اهتماماً خاصاً، وأصدرت تأشيرات للزوار الأجانب لحضور الأحداث الرياضية والحفلات الموسيقية، والتي تسعى لتعزيز الاقتصاد وإحداث انفتاح في المجتمع السعودي.

عملية “الانفتاح” هذه تعمل على كسر المحرمات الدينية والاجتماعية، والسماح بما كان محظوراً في العهود السابقة دينياً واجتماعياً.

الفعاليات الغنائية أحدثت ردود فعل كبيرة بالمجتمع داخل السعودية وخارجها، وعبّر العديد من الناشطين على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” عن رفضهم واستنكارهم لهذه الفعاليات.

وشارك بالفعاليات أيضاً الفنان عمرو دياب ووصف حفله بأنه الأكبر في الشرق الأوسط.

كما استنكر آخرون اختيار الدرعية، التي تلقب بـ”عاصمة الوهابية”، مكاناً لإقامة الحفلات الغنائية.

وغرد ناشطون من خلال وسم “الدرعية التاريخية”، وآخر باسم “#سعوديون_نرفض_الانحلال”، ليعبروا عن رفضهم لمثل هذه الفعاليات التي لا تمثل السعوديين.

ومن خلال هذه الفعاليات الجديدة على المجتمع السعودي، يسعى بن سلمان، في إطار ما يعرف بـ”رؤية 2030″، المتعثرة، إلى تطوير صناعات جديدة لتخفيف اعتماد المملكة على صادرات النفط.

وتهدف الإصلاحات الاقتصادية إلى زيادة إجمالي الإنفاق السياحي في البلاد، من المواطنين والأجانب، إلى 46.6 مليار دولار في 2020 مقارنة بـ27.9 مليار دولار في عام 2015.

وانطلقت منافسات الموسم الخامس من سباقات “الفورمولا إي” في الدرعية تحت اسم (الدرعية 2018)، الخميس 13 ديسمبر الجاري، وتستمر حتى 15 ديسمبر.

وشارك بن سلمان بنفسه في هذه الفعاليات، حيث حضر سباق فورمولا، كما حضره ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، ونشرت وكالة الأنباء السعودية العديد من الصور لهما.

وتأتي مشاركة بن سلمان واحتفاؤه بالفعاليات التي اعتبرها العديد من السعوديين مرفوضة تماماً، في ظل مطالبات دولية بمحاكمته في قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.

ويبدو بن سلمان خلال مشاركته غير مكترث بشيء مما يجري حوله، بالتزامن مع مطالبات أمريكية بفرض عقوبات عليه لتورطه بالجريمة، وفق ما أكدت الاستخبارات الأمريكية في عدة تقارير لها.

بن سلمان الذي أمر بقتل خاشقجي بقنصلية السعودية في مدينة إسطنبول التركية، والذي تعلو أصوات المطالبة بالتحقيق معه في العديد من الجرائم ضد الإنسانية، ظهر في السباق غير مكترث لأي شيء سواء كان من معارضة داخلية أو خارجية.

ويبدو أن الاعتراضات على الممارسات التي تجري في عهده بات يعلو صوتها، لأن المجتمع السعودي يرفض أن يكون التغيير والتطور بهذا الشكل، وفق ما علق العديد من السعوديين على الفعاليات الأخيرة.