كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن تحقيقات تقوم بها مفوضية حقوق الإنسان السعودية تتعلق بانتهاكات في السجون، تشمل تعذيب وإيهام بالغرق للناشطات السعوديات اللاتي قدن الحملة لرفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة في السعودية.

واستندت “وول ستريت جورنال” لشهادات مطلعين كشفت عن دور المستشار سعود القحطاني في تعذيب ناشطة وتهديدها بالاغتصاب، بالإضافة إلى استخدام الصعق الكهربائي وأسلوب الإيهام بالغرق.

ويشير التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، إلى أن القحطاني كان يعمل مديرا لمركز الشؤون الإعلامية في الديوان الملكي قبل فصله عقب تورطه في مقتل الصحافي جمال خاشقجي في إسطنبول، في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر.

وتنقل الصحيفة عن ناشطة، قولها إن مسؤولي الأمن قاموا بتعريض يديها للصعقات الكهربائية، وأضافت: “بدت أصابعي مثل اللحم المشوي، زرقاء ومتورمة”، بحسب ما قال شخص اطلع على شهادتها أمام المفوضية.

ويلفت التقرير إلى أن الحكومة السعودية نفت الاتهامات باعتبارها مجرد “خيالات”، وأنكرت قيام المسؤولين الأمنيين بتعذيب الناشطين، ومعظمهم من الرجال والنساء الذين طالبوا بحق المرأة بقيادة السيارة، مشيرا إلى أن ممثلي الحكومة لم يردوا على مطالب من الصحيفة للتعليق على ما ورد في التقرير.

وتنوه الصحيفة إلى أن مفوضية حقوق الإنسان السعودية أنشئت في عهد الملك عبدالله عام 2005، للتحقيق بشكل أساسي في انتهاكات الحكومة، وتقديم تقارير للملك، ولديها الصلاحية لإحالة حالات إلى السلطات القضائية، وإجراء تحقيقات جنائية، وهو ما فعلته في الماضي.

وبحسب التقرير، فإن المفوضية بدأت التحقيق بعدما نشرت الصحيفة ومنظمات حقوق الإنسان تقارير في الشهر الماضي، عن حالات تعذيب للناشطات، مشيرا إلى أن النيابة العامة تقوم بإجراء تحقيق في مقتل الصحافي جمال خاشقجي، وبرأت ولي العهد محمد بن سلمان من الجريمة، قائلة إنه لم يكن يعرف مقدما عنها، ورغم عزل القحطاني من منصبه، واتهامه بالتورط فيها، فإن مجلس الشيوخ صوت الأسبوع الماضي بالإجماع على قرار شجب مقتل خاشقجي، وحمل ولي العهد السعودي مسؤولية مقتله.

وتقول الصحيفة إن بعض الناشطات المعتقلات وصفتهن الصحافة المؤيدة للحكومة بـ”الخائنات”، واتهمن بالتآمر مع دولة أجنبية، وزرع الفتنة في المجتمع، إلا أنه لم يتم توجيه تهم رسمية لأي منهن، فيما يقول النقاد إن الحكومة استهدفت الناشطات لإرسال رسالة مفادها بأن التغيير لا يتم من خلال النشاط المدني، لكن بقرار من القيادة العليا، الملك وولي عهده، لافتة إلى أنه في الوقت الذي قام فيه ولي العهد السعودي بدفع أجندته للإصلاح الاجتماعي، وتحرير الاقتصاد، فإنه قام في الوقت ذاته بقمع الأصوات المؤيدة للإصلاح، أو الناقدة لخطواته.

ويفيد التقرير بأن محققي المفوضية بدأوا بمقابلة الناشطات الشهر الماضي، المعتقلات حاليا في سجن ذهبان، قرب جدة، بمن فيهن لجين الهذلول (29 عاما)، التي تعد من القيادات في مجال المطالبة بحق المرأة بقيادة السيارة، مشيرا إلى أن ضباط الأمن في السجن قاموا بتعذيب الناشطات، واستخدموا الصعقات الكهربائية والجلد والتحرش الجنسي.

وتنقل الصحيفة عن مسؤولين، قولهم إن أشد أشكال التعذيب مورست على الهذلول، وأشرف القحطاني شخصيا على التعذيب، الذي شمل الإيهام بالغرق، وقال شخص مطلع على تفاصيل التعذيب، إن “سعود القحطاني هدد باغتصابها وقتلها ورميها في مجاري الصرف الصحي”.

ويشير التقرير إلى أن القحطاني، الذي كان بمثابة الشخص الرئيسي المسؤول عن الاستراتيجية الإعلامية لولي العهد قبل عزله، وكان مسؤولا عن عمليات قمع كل من اعتبر معارضا لولي العهد، وضع على قائمة عقوبات أعدتها وزارة المالية الأمريكية.

وتورد الصحيفة نقلا عن ناشطين ومستشارين سعوديين، قولهم إن من بين 18 ناشطة اعتقلت، تعرضت 8 منهن للتعذيب الجسدي، مشيرة إلى أن معظم التعذيب تم في بيوت الضيافة التابعة للحكومة في جدة أثناء الصيف، قبل نقلهن إلى السجن المركزي في ذهبان.

وينقل التقرير عن أشخاص مطلعين على الموضوع، قولهم إن من ضحايا التعذيب الناشطة والأستاذة الجامعية عزيزة اليوسف (60 عاما)، وإيمان النفجان، وهي أم لثلاثة أطفال، وسمر بدوي المعروفة بمعارضتها لنظام الولاية وشقيقة المعتقل رائف بدوي، وتم نقل كل من النفجان والهذلول واليوسف في الأسبوع الماضي من سجن جدة إلى سجن الحائر الأمني في الرياض، ما يعد إشارة إلى تقديمهن للمحاكمة، خاصة أن القضايا المتعلقة بالأمن الوطني عادة ما تتم أمام المحكمة الجنائية الخاصة في الرياض.

وتقول الصحيفة إن مفوضية حقوق الإنسان عادة ما تتجنب الحديث عن الحالات السياسية، مثل قضية الناشطات، فيما يشك السعوديون الذين يراقبون الوضع في أن يؤدي التحقيق إلى اتهامات جنائية، مشيرة إلى قول مسؤول سعودي مطلع: “لا أعلم كيف ستدين شخصا مع نفيك أن التعذيب قد حصل”.

ويذهب التقرير إلى أن السعودية ستتعرض لضغوط جديدة مع الكشف عن حالات التعذيب، ويقول السيناتور الديمقراطي عن ديلوار، كريس كونز، إن “احتجاز وتعذيب الناشطات الحقوقيات اللاتي طالبن بالحقوق في السعودية هو مثال آخر عن عدم مشاركة القيادة السعودية في قيمنا”.

وتختم “وول ستريت جورنال” تقريرها بالإشارة إلى قول كونز إن “أشكال انتهاك حقوق الإنسان غير مقبولة، وقد تترك تداعيات على العلاقات الثنائية” بين الولايات المتحدة والسعودية.