قالت هيئة الإذاعة الألمانية، إن عدد من النساء السعوديات اللاتي هربن إلى ألمانيا لطلب اللجوء لا يزالون يعيشون تحت تهديد من عائلاتهم، مشيرة إلى أنها تحدثت مع أربعة منهن، بجانب عدد من الخبراء الحقوقيين الذين يلقون بشكوك حول تورط السفارة السعودية في تعرض هؤلاء النساء للخطر.

“وين تتخبين؟ عارفين ما نتي في شقتك. وبنوصلك حتى لو أخر الدنيا.. عندنا ناس يوصلوا لك”، كانت هذه إحدى الرسائل التي وصلت إلى عائشة إحدى السعوديات الهاربات إلى ألمانيا، من عائلتها، وقد جمعت عائشة كافة رسائل التهديد التي تلقتها فى مجلد بعد أن طبعتها وترجمتها بوسطة مترجمة رسمي.

وفى رسالة أخري كتبت عائلتها من رقم تعرف جيدا عائشة أنه يخصهم: “السفارة لديها أشخاص يمكنهم الحصول على معلومات عنك من خلال إدارة المدينة “.

وروت الإذاعة الألمانية تفاصيل قصة عائشة قائلة إنها الآن في أوائل الثلاثينيات من عمرها، وتعيش كلاجئة في ألمانيا، وقد هربت من عائلتها ونظام يعامل النساء البالغات على أنهن قاصرات وغير قادرات على المضي قدما في حياتهم الخاصة. فاللقيام بكل شي تقريبا تحتاج المرأة السعودي إلي موافقة ولي الأمر الذكر.

ولفتت إلى أنها أينما ذهبت عائشة، تكون برفقة أحد إخوتها، أو يأخذها سائق لتوصيلها واعادتها مرة أخرى،

وتابعت أنه بعد اصرا ر عائلتها على تزويجها من شخص لم يسبق لها معرفته من قبل، والذي، عندما تحدثت إليه للمرة الأولي، وفقا لرغبة العائلة، بدا لها شخصا فظا، وبعد المقابلة، خططت عائشة لعملية هروب جريئة.

وتروي عائشة كيف استولت على هاتف والدها الخلوي، ثم إلى حد ما تغلبت عليه في لعبته (في إشارة إلى سيطرة الرجال على النساء عن طريق تطبيق أبشر الحكومي).

ذكرت الفتاة السعودية أن والدها يستخدم تطبيق يسمي “أبشر لمراقبة أفعالها والتحكم فيها، وهو متوفر في متجر التطبيقات الاليكترونية في أندرويد وابل، وتم إطلاقه في 2015 من قبل الحكومة السعودية ويتم الإعلان عنه من قبل وزارة الداخلية السعودية.

وقام أكثر من 11 مليون مستخدم بالفعل من تثبيت البرامج، وفقا لصفحته الرسمية، ويسمح التطبيق للرجال بتسجيل أسماء وأرقام جوازات سفر أفراد عائلتهم من الإناث، ومن ثم التحكم في خروجه ودخولها للبلاد وغيرها.

لكن بالنسبة لعائشة، وفقا للإذاعة الألمانية، تحول “أبشر” من محنة إلى لمنحة، فقد تمكنت تعيين كلمة مرورها والدها للتطبيق، وتقدمت بطلب للحصول على كلمة مرور جديدة، ثم أصدرت لنفسها تصريح سفر، وفي أغسطس 2017، استقلت طائرة إلى ألمانيا. وفى هذا الصدد تقول عائشة ” لم يكن لدي ما أخسره “.

وبحسب الفتاة فقد تقدمت بطلب اللجوء بعد وصولها، وقادها طريقها بشكل تلقائي إلى “هالبرشتات”، وهي مدينة صغيرة في ولاية “ساكسونيا أنهالت”.

وفي مدينة “هالبرشتات” يوجد فرع للمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (BAMF). هذا المكتب هو الوحيد المسؤول عن التعامل مع طلبات اللجوء من السعودية على صعيد ألمانيا.

ولفتت الإذاعة الألمانية إلى أن النساء السعوديات الأربع اللواتي تحدثت إليهن بشكل مكثف خلال الأسابيع الأخيرة، مقتنعات أنهن تعرضن للتجسس من قبل لاجئين آخرين من العالم العربي.

وتابعت أن إحدى النساء تقدمت بشكوى ضد زوجها في السعودية وضد نزيلة سابقة في أحد مراكز إيواء اللاجئين في مدينة هالبرشتات. وظل المسؤولون يسجلون شكواها لمدة ساعة ونصف الساعة، لكن تنقصها أدلة ملموسة حيث إن الأمر متعلق بشكوك مثل ما حدث مع لاجئتين أخريين تدعيان نورا ومشاعل.

وقالت القناة: “بعد وقت قصير من وصولهما ألمانيا بدأت تصلهما أيضاً رسائل مثيرة للقلق على تطبيق “واتساب”. فجأة ظهرت هذه الرسالة على شاشة هاتفها: “هل تعتقدين أننا لا نعلم أين أنت؟”. لتتبعها رسالة أخرى: “لقد تلقينا التعليمات من السفارة السعودية. سوف تفقدين حياتك””.

كلتا السيدتين تعاملت مع التهديدات على أنها “إرهاب نفسي”.

وقالت مشاعل: “هناك الكثير من النساء السعوديات اللاتي لم تتح لهن الفرصة للهروب”. وأضافت: “وهذه هي فرصتنا لنكون صوت تلك النساء”.

واستفسرت القناة من وزارة الداخلية الألمانية التي علقت بأنه لا تتوفر لديها أي معلومات بشأن جواسيس محتملين داخل مراكز الإيواء في ولاية “سكسونيا أنهالت”، وأن “مسؤولية ذلك تقع على عاتق الولايات”.

ولفتت الإذاعة الألمانية إلى أن ملف مقتل الصحفي جمال خاشقجي ألقى بظلال على سياسة السعودية تجاه منتقدي النظام، خاصة أنه حتى الآن لم يتم العثور على جثته، ولاتزال الأمم المتحدة تحقق في القضية.

وأضافت أن ما سبب إحراجاً إضافياً للسعودية هو قصة هروب الفتاة السعودية رهف محمد القنون، البالغة من العمر 18عاماً، والتي تصدرت قصة هروبها قبل أسابيع قليلة، عناوين الصحف في جميع أنحاء العالم.

وذكرت قصص سعوديات أخريات مثل دينا علي. التي حاولت الفرار إلى أستراليا في أبريل عام 2017. وتعرضت للتوقيف في الفلبين وتم ترحيلها بعد ذلك إلى السعودية. ومنذ ذلك الحين اختفت من دون أي أثر لها.

بدورها تحدثت “روثنا بيغوم” من منظمة هيومان رايتس ووتش لحقوق الإنسان، للإذاعة الألمانية، عن النساء اللاتي يتم إعادتهن رغماً عنهن إلى السعودية بعد محاولة هروبهن قائلة: “عند إعادة المرأة ضد إرادتها يمكن أن توجه لها تهمة العصيان وتهمة الإساءة لسمعة العائلة”.

وأضافت بيغوم:” يمكن أن يحصلن على أحكام بالسجن لمدة طويلة، قد تصل إلى عقوبة الإعدام”، مؤكدةً أن هيومن رايتس ووتش على دراية بالحالات التي “تتعرض فيها المرأة للضغوط من قبل السلطات السعودية للعودة إلى أسرتها”.

ورأى شتيفان باينتنر من جمعية “مساعدة اللاجئين العلمانيين” في كولونيا أن ما جاء على لسان النساء السعوديات من قصص ذات مصداقية.

وقال باينتنر: “إما أن تكون كل أسرة توكل بشكل فردي أشخاصاً في ألمانيا بمهمة البحث والعثور على النساء المعنيات”، ويستدرك “أو هناك منظمة مركزية تفعل ذلك للعائلات، أعتقد أنها السفارة، ليس لدي أي دليل، ولكن هذا الترصد يتجاوز ما يمكن باستطاعة عائلة ما القيام به”.

ويعتقد باينتنر أنه يمكن استخدام لاجئين آخرين من داخل مركز استقبال اللاجئين من أجل نقل معلومات للسفارة السعودية في برلين، مضيفاً: “لا أعتقد أنه من الصعب إيجاد أشخاص من هناك، لكنني أعتقد أنها ليست شبكة عملاء متطورة”.

وبحسب بيانات وزارة الداخلية الألمانية، تم في بداية فبراير 2019 تسجيل 146 لاجئاً من السعودية في ولاية “سكسونيا أنهالت”، منهم 97 لاجئاً حصلوا على حق الإقامة، ولكن لا يمكنهم تغيير أماكن إقامتهم.

وأوضحت القناة الألمانية أنه بعد صدور قرار اللجوء الإيجابي، يجب على اللاجئين المسجلين في بادئ الأمر البقاء مدة ثلاث سنوات في الولاية التي يخضعون فيها لإجراءات اللجوء.

وفي حالة اللاجئين السعوديين فإن ولاية” ساكسونيا أنهالت” هي مكان تمركز اللاجئين السعوديين. التمركز يسهل البحث، ولكنه يطرح إشكالية أخرى. ففي مدينة هالبرشتات، وهي مدينة يسكنها 45 ألف نسمة فقط، فإن اللاجئين السعوديين هم “بالنسبة للسلطات السعودية صيد سهل”، بحسب المساعد المسؤول عن اللاجئين، شتيفان باينتنر.

وفي حالات لجوء مبررة يمكن إلغاء إلزامية البقاء في مكان معين، وهو ما تؤكده وزارة الداخلية في ولاية “سكسونيا أنهالت”. إذ تسمح التشريع باستثناءات “في إطار دراسة الحالات الفردية والتعامل وفق ذلك “. عائشة هي واحدة من المستثنين.

ففي أغسطس عام 2018 سمعت عائشة قرعاً على الباب في الصباح، كانت (الطارقة) امرأة منقبة، وتتذكر الموقف قائلة: “كانت تبدو مرتبكة، وكأنها في حاجة إلى مساعدة”. لكن عندما فتحت الباب دفعتها المرأة إلى داخل شقتها. ومن الجانب قفز رجل ذو شعر أسود ولحية. قام الاثنان بتفتيش الشقة بينما أغلقت عائشة على نفسها في الحمام ودعت الشرطة مرة أخرى وانتقلت إلى ملجأ آمن للنساء”، حسبما نشرت القناة.

وبعد الحادثة فجأة بدأت تصلها رسائل على تطبيق “واتساب ” من السعودية، ومن الواضح أن شخصاً ما قد أعطى رقمها الألماني لعائلتها. وكانت نبرة الرسائل واضحة. “هل يجب أن أخبرك بسر حتى تعرفي أننا نستطيع الوصول إليك؟”. ورسالة أخرى: “هل تعرفين الأشخاص الذين جاؤوا إلى شقتك؟ لقد أرسلناهم إليك حتى تعرفي أنه يمكننا الوصول إليك”.

وألمحت القناة إلى أن عائشة قضت يومين في توتر، مع استمرار وصول رسائل التهديد إلى جهازها: “بالمناسبة، إنها مسألة وقت فقط قبل أن نعثر على منزلك الجديد، ولن يستطيع أحد حمايتك منا”، حيث تضيف عائشة: “إن رقم الهاتف السعودي الذي أُرسلت منه الرسائل يعود إلى أحد أشقائها”.

وقالت الإذاعة الألمانية أنه أنه في سبتمبر عام 2018 غادرت عائشة ولاية “ساكسونيا أنهالت” هرباً نحو مدينة هامبورغ، المدينة الكبيرة. هنا تعيش الآن مع هاتف محمول جديد ورقم هاتف جديد. ومع ذلك لا تزال في حالة تأهب، مؤكدةً أنه بالرغم من عدة اتصالات لم تتجاوب السفارة السعودية في برلين مع طلبنا التعليق على الأمر، ولم تبد استعدادها للتحدث معنا.

وقالت مشاعل في مقطع فيديو نشرته الإذاعة الألمانية: عرفوا أنا وين موقعي بالضبط في ألمانيا،  إيش المدينة ، وكل المعلومات بالضبط ، فهددوني بمكاني .

وأضافت ” اتصل علي وقالي انت في (أسم المدينة) شو تسوين في (..) وأنا ما قولت لأحد أن في.. أصلا

وذكرت مشاعل: في حال تم ارجاعي، طبعا راح يسون هما اللي يبغونه، الحكومة راح تسوي أيش ما تبغي، ايش التعذيبات اللي هما قادرين عليها، راح اموت، المجتمع السعود ي كله راح يعرف عني، وارح اندفن قدام عينهم، والكل راح يكون راضي، ما حد راح يقدر يحاسبهم، لا يحاسب الحكومة ولا يحاسب أهلي اللي هما ضروني “.

وختمت حديثه قائلة: كثير سعوديات ما قدروا يطلعون إحنا الحظ ساعدنا اننا نطلع هذه فرصة كبيرة إلنا إحنا، إحنا نطلع صوتهم، صوت البنات المقموعات في السعودية مو قادرين يتكلمون / مو قادرين يقولوا راي واحد، ساعدونا، حتى كلمة ساعدونا موقادرين يقولوها.

من جانبها قالت نورا : أنا متأكدة إن تواصلهم مع السفارة السعودية، والسفارة السعودية وعلاقتها، وانتشار جواسيسها أو الناس اللي بيتعاملون معهم للوصول للمعلومات فاعتقد أنهم يقدرو يحصلوا المعلومات، لكن ما أقدر أعرف نوعيتها أو كمية المعلومات التي وصلت لهم.

وأضافت: العرب لما يكونوا مجتمعين في القهاوي أو في بيوتهم، يتحدثون كيف ممكن يجمعون فلوس لما يبيعوا المعلومات، هم بيبيعون المعلومات

وختمت: في بلدي الأم ما في حقوق للمرأة ما في مساواة، أعامل معاملة قاصر طول عمري حتى لو أوصل للخمسين أو الستين أظلني قاصر ما أقدر اتزوج اللي ابيه (أرغبه) أو اعمل الشغل اللي أبغاه، احقق حلمي.