أكدت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أن الاضطرابات التي تشهدها السعودية جعلتها أكبر مفارقة في الشرق الأوسط، حيث إن لديها “إيديولوجية متطرفة”، مع اعتداءات غير مسبوقة على حقوق الإنسان، ومشاكل اقتصادية، إلى جانب تورطها في مستنقع اليمن.

وقالت الصحيفة في سلسلة تقارير لها، ضمن عددها الصادر الأربعاء، وترجمتها “بوابة الشرق” القطرية: إن “ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يبذل الآن جهوداً هائلة للهروب من قضية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، لكنه أصبح أميراً ضعيفاً، في أسرة لم تُظهر المغفرة حتى الآن للملوك والأمراء الذين يخطئون، إذ إنه ارتكب خطأ مفرطاً بالنسبة للعائلة”.

وأضافت الصحيفة: “لطالما تجاهل الغرب سجل السعودية السيئ في مجال حقوق الإنسان، لكن اغتيالها خاشقجي في قنصليتها في إسطنبول التركية في الثاني من أكتوبر 2018 غير ذلك، وأصبحت القضية الأكثر حساسية في الرياض”.

وتابعت: “لن يصمت الجميع داخل المملكة على انتهاكاتها، وكانت أبرز المتحدثين الناشطة الحقوقية لجين الهذلول والمحامي وليد أبو الخير”.

وأوضحت أن السلطات السعودية سعت لإسكات النقاش العام حول حقوق الإنسان، وخاصة لمنع ثورات الربيع العربي من التسلل إلى السعودية، حيث حظرت في 2011 جميع التجمعات العامة، ومن ضمنها المظاهرات غير العنيفة.

وتابعت: أُغلقت جماعات حقوق الإنسان السعودية، وحوكم جميع أعضائها تقريباً أو سجنوا أو فروا من البلاد، وفي عام 2017 أصدرت قانوناً لمكافحة الإرهاب يسمح للسلطات بتكثيف قمع نشطاء حقوق الإنسان استناداً إلى تعريف واسع للإرهاب.

 

انتهاكات داخلية

واستعرضت الصحيفة الإسرائيلية تقارير لمنظمات حقوق الإنسان، مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، التي توثق تنفيذ السلطات السعودية اعتقالات تعسفية، وإقامة محاكم للنشطاء والمعارضين دون مراعاة الأصول القانونية، إضافة إلى السماح بالتمييز المستمر ضد النساء والأقليات الدينية والعمال المهاجرين.

ولفتت الصحيفة إلى أن واقع حقوق الإنسان في السعودية ظل بشكل أساسي تحت “الرادار الدولي”، خاصة بعد اغتيال خاشقجي، إذ وقعت 36 دولة إعلاناً يدين المملكة لانتهاكات حقوق الإنسان، كما توقفت ألمانيا عن بيع الأسلحة إلى الرياض، وجمد رجال الأعمال مثل ريتشارد برانسون استثماراتهم في السعودية.

وأوضحت الصحيفة أنه بعد تولي بن سلمان ولاية العهد، تحمس لدخول حرب ضم اليمن، وقتل الآلاف من المدنيين، وغالبيتهم ماتوا جوعاً، إلى جانب اغتيال خاشقجي.

 

تدخلات في الخارج

وتطرقت الصحيفة إلى التدخل السعودي الصارخ بلبنان في نهاية عام 2017، عندما أمر بن سلمان رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري على الاستقالة، وأجبرت الاحتجاجات في لبنان والضغط الخارجي على التراجع عن مطالبها.

وأشار إلى أن السعودية حاصرت قطر في الخامس من يونيو 2017، لكن تحالفها مع مصر والبحرين والإمارات لم يؤثر على الدوحة “التي لا تزال تزدهر”، إضافة إلى أن الضغط الأمريكي قد يرفع الحصار.

وتستطرد الصحيفة بالقول: “استراتيجية بن سلمان لم تفد السعودية التي بالغت في تقدير قدرتها على إملاء السياسات الإقليمية ورفض إيران، وهنا تكمن الأضرار التي سببتها غطرسة ولي العهد الذي تعلم أيضاً أن الثروة والمساعدة المالية لا تضمن الدعم السياسي”.

واستعرض تقرير الصحيفة الإسرائيلية المعارضة الداخلية في العائلة المالكة ضد بن سلمان، لكن الذين يدعون إلى استبداله قد يجدون أنفسهم في خطر، حيث أثبت ولي العهد بالفعل استعداده لخرق القواعد عند مواجهة المنافسين، من خلال اعتقالهم، وابتزازهم لتقديم الأموال مقابل إطلاق سراحهم.

وترى الصحيفة أن بن سلمان عين العام الماضي قادة جدداً للجيش والمخابرات، بهدف حمايته، إضافة إلى أنه يعمل على دعم جيل العائلة المالكة الأصغر، ضمن حملة تطهير واسعة ضد خصومه، مع عواقب لا يمكن التنبؤ بها بالنسبة للسعودية وعلاقاتها مع العالم.

 

العلاقات الإسرائيلية السعودية

وحول التطبيع السعودي الإسرائيلي في العلاقات، بينت الصحيفة أن حساسية القضية الفلسطينية لا تسمح للرياض بإظهار الصداقة مع “إسرائيل” علانية.

وقالت الصحفية : “تعتمد الروابط بين إسرائيل والسعودية على المصالح الأمنية والتجارية، وبالنسبة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فإن السعوديين عامل أساسي في جهود واشنطن لعزل النظام الإيراني”.

وترى أن المصلحة السعودية الإسرائيلية المشتركة قوية لدرجة أن نتنياهو كان أحد القادة القلائل الذين دافعوا علانية عن السعودية بعد مقتل خاشقجي في أكتوبر الماضي.

وتشعر “إسرائيل” بالقلق من الخطوات الرامية إلى إزاحة بن سلمان بعد قتل خاشقجي إذ ستؤدي إلى سقوط النظام السعودي، وفق الصحيفة.