نشرت مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية، مقالا للكاتبة كالفرت جونز، بعنوان “كل مستشاري الملك: مخاطر نصح الديكتاتوريين”، سلط فيه الضوء على دور الشركات الاستشارية العالمية ومراكز الدراسات في تقديم النصح للدول المستبدة ومنها المملكة العربية السعودية.

وقالت الكاتبة الأمريكية، إن “الخبراء يلعبون أدوارا قيمة و واضحة في تقديم المشورة للقادة في الديمقراطيات الليبرالية الغنية والمؤسسات الدولية. لكن ما ليس معروفا بشكل جيد هو ما يفعلونه – ومدى تأثيرهم – بالنسبة للأنظمة الاستبدادية والبلدان النامية. وهذه معضلة”.

وأضافت: “فقد اتضح مؤخرا، أن الزعماء المستبدين من الصين إلى المملكة العربية السعودية يعتمدون بشكل متزايد على الخبراء، وخاصة من الشركات الاستشارية الكبرى والجامعات ومراكز الفكر في الغرب”.

 

سوق باهظ الثمن

وأوضحت الكاتبة، أن سوق الاستشارات في دول الخليج بلغ 2.8 مليار دولار في عام 2017، تمثل فيه المملكة العربية السعودية ما يقرب من نصف هذا المبلغ، وفقا لـ”جلوبال ريسيرتش”، في بعض الأحيان. وقد اتضح أن كثيرا من الخبراء والمؤسسات غير مستعدين للتعامل مع المخاطر المحتملة للعمل في السياقات والبيئات السلطوية.

ونوهت جونز إلى أنه في الأشهر الأخيرة، أثار الخبراء الذين يساعدون الأنظمة المرتبطة بانتهاكات حقوق الإنسان والفساد وغير ذلك من الأفعال الخاطئة – وغالبا ما يتقاضون رسوما باهظة – انتقادات عامة متزايدة، سواء في الولايات المتحدة، حيث يوجد كثير منهم، أو في البلدان التي يعملون فيها.

ولفتت إلى أن شركة “ماكينزي” على سبيل المثال، الشركة الرائدة عالميا في مجال الاستشارات الإدارية. تخضع الشركة، من بين شركات أخرى في هذا القطاع، للتدقيق بسبب عملها مع الحكومات والمؤسسات المملوكة للحكومة سيئة السمعة.

وذكرت الكاتب، أن الشركة أصدرت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بيانا تقول فيه إنه كان “مروعا” استخدام النظام في الرياض للتقرير الذي أصدرته حول استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في المملكة العربية السعودية لاستهداف المنشقين السياسيين.

وكشفت جونز، أن الشركة تورطت في جنوب إفريقيا، بفضيحة فساد سياسي كبرى، حيث اعترفت بعدها بقيامها برفع التكلفة المطلوبة من شركة الكهرباء “إسكوم” المملوكة للدولة، وقد وافقت ماكينزي في النهاية على سداد مبلغ لحكومة جنوب إفريقيا يعادل 74 مليون دولار.

وتابعت: “عندما يعمل الخبراء مع الأنظمة الاستبدادية أو في البلدان التي استشرى فيها الفساد حتى قضى على حكم القانون فيها، فإنهم يتحركون في أراض محفوفة بالمخاطر. من حيث المبدأ، يسعى الخبراء إلى ترشيد عملية صنع القرار الحكومي وتعزيز الشرعية، وتشير الحقائق إلى أنهم غالبا ما يحققون هذه الأهداف في بيئات سياسية مفتوحة. لكن هل ينجحون في أي من الظروف الاستبدادية؟ وهل يجب أن يحاولوا؟”.

ونوهت الكاتبة إلى أنه “لتسليط الضوء على هذه الأسئلة، أمضيت 19 شهرا بين عامي 2009 و 2017 في إجراء البحوث الميدانية في الشرق الأوسط، مع التركيز على الإمارات العربية المتحدة وغيرها من دول الخليج حيث يعمل الخبراء الأجانب عن كثب مع الحكام في جميع جوانب الحكم تقريبا، قابلت العشرات من المستشارين من كبرى الشركات الاستشارية والجامعات وعشرات النخب الحاكمة (بما في ذلك أحد الحكام )”.

وأكدت جونز: “خلال حضوري في اجتماعات القصر، لاحظت كيف يتصرف الخبراء في تفاعلاتهم مع النخب الحاكمة الاستبدادية، حيث يهتم الكثير منهم – بغض النظر عن الصور النمطية الغربية – برفاهية مواطنيهم، لأسباب تتعلق بالمحافظة على الحكم. لقد جمعت أيضا بيانات نوعية وتجريبية حول رؤية المواطنين في هذه البلدان للخبراء والإصلاحات التي يشاركون فيها”.

ووجدت الكاتبة، أن الخبراء الاستشاريين يساعدون الأنظمة في بعض الأحيان على الحكم بشكل أفضل، لكن كفاءتها وتأثيرها يتضاءلان مع مرور الوقت، خاصة حين يكونون غير مستعدين للتحدث بصراحة عن عقبات التقدم. زد على ذلك، أن العمل مع الخبراء المستشارين عموما لا يعزز شرعية النظام الاستبدادي، بل في الواقع، العكس هو الصحيح.

وأعربت عن اعتقادها بأن “نتائج البحث مهمة للنقاشات حول السياسات الخارجية في العواصم الغربية حيث يتساءل صانعو القرار عن كيفية التعامل مع تضخم دور الحكومات الاستبدادية حول العالم. قد يجادل المرء بأن المساعدة التي يتلقاها المستبدون في أماكن مثل الصين والسعودية من الخبراء الغربيين تخفض المصالح الأمريكية – خاصة عندما تساعد تلك الاستشارات الأنظمة الاستبدادية على قمع المعارضة وانتهاك حقوق الإنسان”

وأردفت: “لكن هذه الأنظمة ظلت ثابتة بشكل ملحوظ على الرغم من التنبؤات بانهيارها الوشيك لأسباب شتى، منها وفرة الموارد والنمو الاقتصادي الناتج عن العولمة. كما أن مساعدة الخبراء لا تشكل أي أهمية أكبر من تلك العوامل الأساسية: إذا انسحب الخبراء الغربيون من الصين والمملكة العربية السعودية، فلن تنهار تلك الأنظمة فجأة”.

ونوهت إلى أن “الخبراء لا يساعدون في دعم الأنظمة الاستبدادية بقدر ما قد يعتقد منتقدوهم، وهذا لا يعني أن عملهم ليس له آثار استراتيجية. إذا كان من الممكن، كما يقترح بحثي، أن يقوض الخبراء الدوليون من شرعية الأنظمة الاستبدادية، فقد تنتهي مشورتهم إلى الإسهام في التطورات التي سيشجعها منتقدوها الأشد قسوة”.

 

قول الحقيقة للسلطة

وتطرقت الكاتبة في تقريره إلى أنه “قد يتوقع البعض من الخبراء الذين يقدمون استشارات للأنظمة الاستبدادية أن يكونوا تطبيليين، وأن يخبروا عملائهم بكل ما يرغبون في سماعه. لكن الحقيقة أكثر تعقيدا. تختلف أنواع الخبراء فليسوا مبدئيا متشابهين”.

وأوضحت: “في منطقة الخليج الغنية بالموارد، يمكن وصف الكثير من الاستشاريين بأنهم مسوقين شرسين، يروجون لحلول تناسب الجميع ساعين بذلك لتأمين المزيد من التعاقدات. وآخرون متخصصون في المجالات حساسة للحكم الاستبدادي، مثل الأمن والمراقبة، وهذا النوع الأكثر إثارة للجدل داخل البلدان التي يعملون فيها و على مستوى دولي”.

ورأت الكاتبة، أن “معظم الخبراء يبدو مهتمين حقا بإحداث فرق إيجابي في مجالات مثل التعليم والبنية التحتية والإدارة الاقتصادية. ولا يشعرون بتورطهم بشكل خاص في ارتكاب مخالفات استبدادية. بل يرون أنفسهم، في الواقع، يساعدون في إحداث تغيير قيّم من الداخل. وغالبًا ما يفعلون ذلك – على الأقل في البداية، عند دراسة التحديات السياسية، وجمع المعلومات، وتحديد الحلول المحتملة”.

واستطردت جونز قائلة: “في هذه المرحلة المبكرة، يكون الخبراء في وضع جيد لممارسة تأثير عقلاني على النخب الحاكمة الاستبدادية، التي قد تكون غير مدركة بشكل مدهش للمشاكل، بعد أن تم حمايتها من الواقع من قبل حاشيتها والمقربين منها. على سبيل المثال، في القطاع التعليمي، يجمع الخبراء بيانات قيمة، كالمستوى المحلي، وتبادل التقارير بشفافية مذهلة مع النخب الحاكمة”.

ونقلت الكاتبة عن مستشار أمضى العديد من سنوات الخبرة في العمل في البحرين وصفه لتقرير (McKinsey) عن النظام التعليمي هناك بأنه “شامل للغاية، يكشف عن أشياء كانت محرجة للغاية للنظام”.

وبيّنت الكاتبة أنه “غالبا ما يكون الخبراء مستعدين لتوضيح الحقيقة للسلطة في هذه المرحلة المبكرة. لكن المشاكل تتطور حين يتقدم صانع القرار بطلب تقييم مسارات العمل المختلفة المحتملة”.

وتابعت: “بمرور الوقت، يتعلم الخبراء ثم يتكيفون مع الحوافز المتجذرة في السياق السياسي الاستبدادي، فيغيرون أو يحدون من نصائحهم، وهذا لعدة أسباب: أولا، على الرغم من التطمينات الأولية، فهم يدركون أنه يمكن طردهم بسهولة، مع وجود فرصة ضئيلة للغاية للتعويض. يمكن ترحيل الخبراء الأجانب بسرعة أو طلب منهم بأدب المغادرة، ويمكن الإضرار بالمحليين عبر النقص من رتبهم الوظيفية دون تقديم أي تفسير”.

أما السبب الثاني، بحسب جونز: فقد يبدأ الخبراء في إدراك جو التنافس الشديد الذي يعملون فيه بشكل أكثر وضوحا ومؤامرات القصر. يصفها المستشار المقيم في البحرين بأنها لعبة من الكراسي الموسيقية. “يكون أولا، رئيس الوزراء، ثم ولي العهد، ثم وزير التعليم”، وكلهم يتنافسون في قطاع الإصلاح التعليمي، مع كل واحد فريق منافس من الخبراء. وفي نهاية الأمر، يجد الخبراء أنفسهم كبش فداء عندما تتعثر الإصلاحات.

وتنتقل الكاتبة إلى دولة قطر، فتقول إن خبيرا تعليميا رفيع المستوى في مؤسسة “راند” أكد، أنّه يكتفى بالرفض، وإن كان التقرير موافقا لاختيارات الأمير بحجة أن التقرير صادر من مؤسسة “راند” ويعبر عن رؤيتها الخاصة .

ولفتت جونز إلى أنه “بمرور الوقت، يصبح الخبراء أقل استعدادا للتعبير عن الحقيقة إلى السلطة، على الأقل بطريقة واضحة. إن جو عدم اليقين وانعدام الأمن الذي اعتادوا عليه في النهاية يؤدي بهم إلى القلق أكثر حول وضعهم. يقول الكثيرون إن إستراتيجية البقاء على قيد الحياة الذكية لا تكمن في الكذب، ولكن في قول القليل جدا”.

وتحدثت الكاتبة عن مطور الأعمال السعودي: “يقول (الخبراء) آرائهم في اليوم الأول، ثم يقال لهم لا، نريد أن نفعل ذلك بهذه الطريقة “، وبعد ذلك سوف يصمتون ويفعلون ما يقال لهم. إنهم يعلمون أن البديل دائما موجود إذا لم يستجيبوا”.

وبحسب الكاتبة، فإن النخب الحاكمة أصبحت تشعر بالثقة المفرطة، خاصة فيما يتعلق بقدرتهم على تتبع التغييرات التي يريدونها بأقل تكلفة ممكنة. إنهم يؤمنون ببناء الدولة على طريقة الطرق المختصرة، ويجد المستشارون أنفسهم يساومون على الأطر الزمنية”.

ولفتت جونز إلى أن أحد كبار مستشاري التعليم في دولة الإمارات، أوضح: “كانت الخطة التي كتبتها تتمثل في إصلاح جميع المدارس خلال سبع سنوات. لكن بحلول الوقت الذي عدت فيه من العطلة، وجدت أن وزير التعليم خفضها إلى خمس سنوات، وفي اليوم الثاني، قام الشيخ محمد بن راشد بتخفيض الإصلاح إلى ثلاث سنوات “. في النهاية، وافق مستشار التعليم على الجدول الزمني المنقح، على الرغم من الشكوك حول جدواه.

وأشارت إلى أن مطور الأعمال السعودي يصف النمط العام على نحو تحاول النخبة الحاكمة إيجاد حل معجزة. يجلسون ويقولون: “كيف يمكننا تقليل استهلاك (الطاقة) دون رفع الأسعار (التي قد تنطوي على تكاليف سياسية)؟” سيقول الخبير: “لا يمكن القيام بذلك”، ثم يقولون: “حسنا ، ما هو الحل الذي رأيته يتم تطبيقه في بلدان أخرى، ” فيقول ” رفع الأسعار “، فيقولون: “لكننا لا نستطيع “. وبعد ذلك يمكن أن تستمر هذه المحادثة لمدة ساعة، ثم يقول صاحب السعادة: “عليك أن تجد لي حلا. أنت خبير استشاري – لقد قمت بهذا من قبل”.

وأضافت: “بهذه النمط يتم العمل. عندما تشعر النخب الحاكمة بخيبة أمل بسبب قلة التقدم، فإنها تميل إلى إلقاء اللوم على الخبراء المعنيين. لذلك يقومون بتعيين فريق جديد من الخبراء، أو ينتقلون إلى مشروعات أخرى حيث تتولى النخب الحاكمة الجهود لمعالجة مشاكل الإصلاح نفسها، وغالبًا ما تكون النتائج نفسها مخيبة للآمال. لا يتم التعلم من الماضي إلا بأقل حد، بسبب ضعف عمليات المراجعة المؤسسية ونقص التواصل عبر جهود الإصلاح”.

 

الشياطين المعروفة

على الرغم من هذه النكسات الشائعة، تقول الكاتبة: لا يزال الاستبداديون يميلون إلى رؤية الخبراء على أنهم ضروريون لتقديم تفكير جديد بشأن الإصلاحات وبناء الدعم لهم. يرى الكثيرون أن بيروقراطيات دولتهم هي وجهات نظر عفا عليها الزمن ومسيّسة بشكل مفرط – وهو ما قد يكون صحيحًا، على الرغم من أن هذه الحالة نتيجة ما قامت به النخب الحاكمة بتوزعها الوظائف الحكومية الجيدة على الموالين للنظام دون إيلاء الكثير من الاعتبار للجدارة”.

واستطردت قائلة: “يدرك العديد من النخب الاستبدادية أن استقدام خبراء من الخارج يمكن أن يكون مزعجًا على المدى القصير، لكنهم يميلون إلى الاعتقاد بأنه يوضح للناس مدى جدية المشكلات التي يواجهونها. كما أوضح أحد الحكام في الإمارات العربية المتحدة، يجب على حكام الخليج أن يثبتوا أنهم (ليسوا مثل حسني مبارك)، الرئيس المصري الأسبق الذي اعتبره الكثير من المصريين غير مستجيب لاحتياجاتهم والذين أطيح به بعد الانتفاضة عام 2011”.

وواصلت الكاتبة حديثها: “ليس واضحا إلى الآن كيف يؤثر الخبراء على الدعم الشعبي في الأنظمة الاستبدادية. ولجمع أدلة أكثر انتظاما، قمت بإجراء ثلاث تجارب في الكويت لاختبار آثار مشاركة الخبراء والظروف التي من خلالها يحتمل أن يلقى الخبراء تشجيعا ومشاركة شعبية في مشاريع الإصلاح والتطوير”.

وبيّنت جونز: في التجربة الأولى، طُلب من 281 كويتي أن يتخيلوا أن قادة بلادهم بدأوا إصلاحا رئيسيا لتحسين التعليم أو البنية التحتية (عن طريق التعيين العشوائي). وعرضنا عليهم مقالا في جريدة وهمية يوضح الإصلاح والفوائد المحتملة القادمة، مثل الحد من حركة المرور. كما تم توزيع الموضوعات بشكل عشوائي “وجود الخبراء” أو “عدم وجود خبراء”.

وأردفت الكاتبة: “لذلك قرأ نصفهم تقريبا أن فريقا من كبار الخبراء الدوليين سيساعد في الإصلاح، وقد تم وصف أوراق اعتماد الخبراء وخبراتهم الواسعة في أماكن أخرى. بالنسبة لبقية المواضيع، لم يتم ذكر الخبراء على أنهم يلعبون أي دور في جهود الإصلاح”.

وكانت النتائج، بحسب الكاتبة، كاشفة بعيدا عن منح الشرعية، ارتبطت مشاركة الخبراء مع انخفاض كبير في الشرعية. كان الأشخاص الذين قرأوا مشاركة الخبراء أقل ميلًا لدعم الإصلاح، مقارنة بالموضوعات في حالة “عدم وجود خبراء”. كان تأثير نزع الشرعية عن الخبراء واضحًا أيضًا بغض النظر عن نوع الإصلاح.

وأشارت إلى أنه، قد يتوقع المرء أن يلهم الخبراء في المزيد من مجالات الحكم الفنية، مثل البنية التحتية، ثقة عامة أكبر، لكن النتائج لم تدعم تلك الفرضية. علاوة على ذلك، أظهر الأشخاص الذين تفاعلوا سلبًا مع الإصلاح الذي قاده الخبراء أيضًا شعورا عاما بعدم الارتياح تجاه بلدهم في صورة الوطنية المتضائلة.

وأضافت: اختبرت التجربة الثانية ما إذا كانت جنسية الخبراء تهم في مسألة الشرعية. تم تعيين الموضوعات بشكل عشوائي لقراءة القصص الإخبارية حول إصلاح البنية التحتية التي ينصح بها الخبراء؛ كانت القصص التي قرأتها كل مجموعة متطابقة فيما عدا أن الخبراء وصفوا بأنهم أمريكيون أو صينيون أو كويتيون.

ومن المثير للدهشة، بحسب جونز، فإنه عندما قيل إن الخبراء الأمريكيين يشاركون، تناقص دعم الإصلاحات بشكل واضح مقارنةً بوقت ذكر خبراء من الجنسيتين الأخريين – وهذا في الكويت، البلد الذي غالبا ما يُنظر إلى سكانه على أنهم أكثر تأييدا لأمريكا من الآخرين في تلك المنطقة، بسبب دور الولايات المتحدة في الرد على غزو العراق للبلاد في عام 1990.

ومع ذلك، “فإن دعم الإصلاح لا يختلف اختلافًا كبيرًا عما إذا كان هناك خبراء صينيون أو كويتيون، وقد أوضحت الموضوعات أنهم رأوا الخبراء الصينيين أكثر قدرة من الأميركيين والكويتيين. على الرغم من أن هذا الاستنتاج قد يكون مخيبا للآمال بالنسبة للمستشارين الأمريكيين، إلا أنه ليس بالضرورة دليلا على معاداة أمريكية قوية. ناهيك عن حب جديد للخبراء الصينيين. فهو يعكس على الأرجح تجربة الكويتيين الطويلة مع الخبراء الأمريكيين (والبريطانيين)، بما في ذلك إحباطهم من عدم إحراز تقدم في مختلف الإصلاحات”.

تباينت التجربة الثالثة، تقول جونز، في طول المدة التي تشير إلى إقامة الخبراء في البلاد. قرأت إحدى المجموعات في المقال أن الخبراء الدوليين “وصلوا بالأمس” ، وأخرى ، بأنهم “يعيشون ويعملون في الكويت منذ عشر سنوات”. وفيما عدا هذا كانت القصص الإخبارية متطابقة.

وبينت، أن النتائج كانت واضحة: ارتبط الخبراء على المدى الطويل بشرعية أكبر بكثير من تلك على المدى القصير. كانت الموضوعات أكثر دعما للإصلاح، وأكثر ثقة في أن الإصلاح سوف ينجح، وأكثر ثقة بشأن الخبراء أنفسهم عندما تم وصفهم على أنهم كانوا في البلاد لفترة طويلة.

ووفقا لقولها، فإن هذا من شأنه يثير معضلة، لأنه كلما ظل الخبراء على الساحة ، كلما زاد احتمال انجذابهم إلى هياكل الحوافز الاستبدادية التي تقوض قدرتهم على المساعدة في تحسين الحكم. لذا فإن أولئك الذين يمتلكون معظم المعرفة المحلية بعد سنوات في بلد والذين قد يكونون أكثر ملاءمة لتقديم المشورة للحكام قد يكونون الأقل فاعلية. وينبغي هنا أن نشير إلى أنه قد يأتي ترشيد السياسة على حساب الشرعية، والعكس صحيح.

واختتمت الكاتبة حديثها بالقول: “يثير هذا الدليل التجريبي شكوكا حول قدرة الخبراء على ترشيد الحكم الاستبدادي وإضفاء الشرعية عليه، كما أن التحديات أكثر أهمية مما قد يدركه الكثيرون، خاصة بالنسبة للمستشارين الذين يعملون مباشرة مع النخب الحاكمة على مستويات حكومية عالية”.