مع بدء تطبيق قرار الحظر الأمريكي على شراء النفط الإيراني للدول التي كانت مشمولة سابقاً بالإعفاءات الأمريكية، فإن مواجهة سعودية أمريكية تلوح في الأفق حول الزيادة التي على السعودية أن تضخها من النفط، بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”.

وتنقل الصحيفة عن مصادر مطلعة قولها إن الولايات المتحدة تضغط من أجل إعادة الإنتاج في حقل مشترك بين السعودية والكويت، يمكن أن يسهم بإنتاج نصف مليون برميل وضخها للأسواق.

لكن بالمقابل فإن السعودية التي تحتاج إلى بقاء أسعار النفط مرتفعة للمحافظة على موازنة ميزانيتها العامة، تضغط داخل منظمة أوبك من أجل تغيير طريقة حساب الكارتل الذي يضمن ضبط الأسعار في حال كان السوق بحاجة لمزيد من النفط.

وسبق للسعودية أن تعهدت بزيادة إنتاج النفط إذا لزم الأمر، وذلك بعد دخول العقوبات على النفط الإيراني حيز التنفيذ، اعتباراً من اليوم الثاني من مايو.

هذه الخطوة تأتي بعد أن سجلت أسعار النفط أعلى سعر لها منذ ستة أشهر؛ فلقد ارتفعت بنحو 30%، بالتزامن مع حظر الولايات المتحدة شحنات النفط الفنزويلي، وهجوم الجنرال الليبي المتمرد خليفة حفتر على العاصمة طرابلس، ما هدد إنتاج البلاد من النفط.

تقول الصحيفة الأمريكية: إنه “من المقرر أن تناقش السعودية مع منتجين آخرين مقدار الزيادة الإضافية التي يجب ضخها للأسواق، وذلك في اجتماع تقني من المقرر أن يُعقد في جدة، في التاسع عشر من هذا الشهر”.

وتشير الصحيفة إلى أن مسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية حثوا السعودية والكويت من أجل حل النزاع بشأن حقل مشترك في المنطقة الحدودية بينهما، وهي منطقة تمتد على الحقول البرية والبحرية إلى الشمال من الخليج العربي، كوسيلة لزيادة الإمدادات النفطية للأسواق العالمية.

وكانت السعودية والكويت قد أغلقتا هذا الحقل قبل ثلاث سنوات؛ إثر خلاف بينهما حول تصاريح الأرض والبيئة.

ومن المتوقع أن تساعد عودة هذا الحقل للعمل والإنتاج في خفض أسعار النفط، حيث إنها ستزيد من إمكانات الإنتاج الحالية.

وقد سعى كل من السعودية والكويت للتفاهم حول هذا الحقل، وذلك في القمة التي عقدت في سبتمبر الماضي، بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، غير أنها لم تنجح في التوصل لاتفاق.

السعودية على المحك، كما تقول الصحيفة، فهل ستنفذ التزامها بزيادة إنتاج النفط عند حاجة الأسواق؟ فالرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قال في تغريدة له، الجمعة، إنه تحدث مع السعودية ودول نفطية أخرى من أجل زيادة الإنتاج.

وبحسب شخص مطلع على السياسة السعودية، فإن الرياض على استعداد لزيادة الإنتاج، لكنها ترفض تقديم أي وعود حول الكمية الإضافية التي ستضخها للأسواق أو متى.

وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، قال لوكالة أنباء “نوفوستي” الروسية، الأسبوع الماضي: إن “إنتاج السعودية سيظل أقل من 10 ملايين برميل يومياً حتى نهاية مايو على الأقل”.

وتابع: “أي قرار بشأن زيادة الإنتاج في المستقبل سيعتمد على مخزونات النفط، سواء كانت أعلى من المستويات العادية أو أقل”، وفي الوقت نفسه تقول “وول ستريت جورنال”: إن “وزير الطاقة السعودي يحاول تغيير قياس مستويات المخزون هذه لتبرير الحفاظ على معظم قيود الإنتاج الحالية لأوبك”، حسبما قال أشخاص مطلعون.

وقال أحد هؤلاء الأشخاص إن ممثلي السعودية في أوبك “عادوا إلى قواعدهم الغريبة بشأن مقاييس لتقييم توازن السوق”.

وتستخدم أوبك حالياً متوسط مخزون النفط في الدول الصناعية لمدة خمس سنوات، لتحديد ما إذا كانت تحتاج إلى خفض إنتاجها.

وفي نوفمبر 2016، قررت أوبك خفض الإنتاج بمقدار 1.2 مليون برميل في اليوم، بعد تقدير المخزونات التي تجاوزت مستواها الأمثل بمقدار 271 مليون برميل، ما أدى إلى تقلص الفائض الآن إلى 7.5 مليون برميل، ما جعل السوق في حالة توازن فعلي.

وتضيف الصحيفة: إن “السعوديين يترددون في زيادة الإنتاج مرة أخرى؛ حيث يبحثون عن أسعار أعلى، فهم بحاجة إلى الإيرادات لتغطية الإنفاق المحلي الذي يشمل دولة رفاهية سخية، وأيضاً حرباً في اليمن.

ومباشرة بعد أن أعلنت واشنطن أنها ستنهي الإعفاءات الخاصة بالنفط الإيراني ارتفعت الأسعار إلى 75 دولاراً للبرميل، ما يعني أن ذلك سيمنح السعودية الفرصة لتغطي معظم إنفاقها.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في أوبك قولهم: “إن الحاجة إلى ارتفاع الأسعار دفعت المملكة إلى إعادة إشعال جدال أوبك بشأن دقة قياسات السوق”.

وقال المسؤولون: إن “السعوديين كانوا يحاولون بشكل يائس التقليل أو حتى تشويه سمعة مقياس السنوات الخمس”.

وفي شهر يونيو الماضي، فشل وزير الطاقة السعودي في إقناع زملائه الأعضاء بتقصير متوسط الفترة المرجعية التي تستخدمها أوبك، حيث إن ذلك من شأنه أن يبرر خفض الإنتاج؛ لأن الإطار الزمني الجديد سيشمل انخفاض مخزونات النفط الآن، وبينما تطلب إدارة ترامب من السعودية تعويض النفط الإيراني، فإن الفالح يدفع باتجاه آخر، ويسعى لخفض العوائق أمام قياس تخمة أوبك.