د. عبد الله بن عبد الرحمن ال الشيخ

خاص: حتى نعود للجهل والخرافة والطيش والاحتراب فانبشوا قبور الأموات حتى يعتذروا لمريديهم، وللناس أجمعين، انبشوا قبر ابن باز، وابن عثيمين، وابن جبرين، والألباني، وعبد الرحمن الدوسري وأضرابهم، واحرقوا كتب ورسائل ومؤلفات الجميع.

حسنًا.. هل ترى جمعيات تحفيظ القرآن، والبر، ودور الأيتام، ومكاتب الجاليات، ومراكز الدعوة، وأشياء أخرى كثيرة في التلاحم الاجتماعي؟ هذه وأمثالها إنما نشأت مؤسساتها وبرامجها في حقبة (الصحوة)، وكان مؤسسوها وبُناتها هم من رواد ورموز تلك الحقبة.

إن من مفاخر (الصحوة) أنك لا تجد عائلة إلا وفيها عالم أو طالب علم، يتحرى الدليل ويدور معه حيث دار؛ وذلك أن الروح العلمية قد سرت في شرق البلاد وغربها، وشمالها وجنوبها لأسباب من أبرزها تلك العقلية (الصحوية) التي تكرست في روح ذلك الجيل، من خلال الدروس والجلسات والاجتماعات العلمية العامة والخاصة.

في (الصحوة) زاد الوعي، وعرف الناس حقوقهم وما لهم فيطالبون به، وما عليهم فيؤدونه، وجرى التأكيد على حقوق العمال لديهم، وكيف يكونون بعدًا استراتيجيًا للدولة وما تحمله من أفكار حينها، وماذا يُراد ويدار حولهم من مخططات ومؤتمرات، ونحو ذلك.

بقي أن يقال: إن المشايخ والدعاة في (الصحوة) كأي تيار يسري في أي شعب ومجتمع، فهناك الرمز العميق، وهناك الرمز الخطيب لا أكثر، فالرموز إما صانعة، وإما مؤدية للفكرة فقط، والإعلام ينجح أحيانًا كثيرة في التلبيس على مشاهديه بعدم التفرقة.

إن الحالة التي يتم فيها استدرار المراجعات من الشيوخ والدعاة والرموز ليست حالة طبيعية تمامًا، فكل متابع -بل كل مشاهد- يفهم ويدرك سطوة وصلف وعنترية المعارضين للمشروع الإسلامي، والمسارح الإعلامية لا تتاح لغيرهم في مثل هذه القضايا، وقد نسمع في قادم الأيام استجوابات علنية (باسم المراجعات زعموا).

بدون مقدمات كثيرة: في الحقيقة إن ما نراه ليس حربًا على (الصحوة)، وإنما على ما تبقى عند الناس من مظاهر التدين، ومعاني الإسلام الذي كان عليه السلف.

وأخيرًا حتى تكون مراجعات حقيقية فلتفتح موصدات الزنازين، ولتعم الوثوقية، ولتحدد نقاط النقاش، ولتحضر الأدلة، وما سوى هذا فهو طيش مأموني.