جاءت مشاركة السعودية الساعية لتطبيق “مبادرة السلام العربية” في “مؤتمر البحرين” الرافض لهذه المبادرة والهادف لتمرير “صفقة القرن” التي تقوّض الحق الفلسطيني، مناقضاً لمواقفها وتصريحاتها.

وتناقش ورشة المنامة، المنعقدة اليوم الثلاثاء في العاصمة البحرينية لمدة يومين (25 و26 يونيو الجاري)، الجانب الاقتصادي من خطة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للسلام في الشرق الأوسط، والمعروفة إعلامياً باسم “صفقة القرن”.

وعلى الرغم من قول السعودية في إعلان مشاركتها بالورشة إنها تأتي في ظل دعم الفلسطينيين، فإن وجودها في هذا المؤتمر يجعلها شريكة في تصفية القضية الفلسطينية، ولا تلتزم بـ”مبادرة السلام العربية” التي أكدت عليها.

ويرى الفلسطينيون أنه كان جديراً بالسعودية ألا تشارك من البداية في هذه الورشة، ما دامت أنها تؤكد استمرارها بالوقوف مع الشعب الفلسطيني.

وأكدت السعودية، في بيان لها اليوم الثلاثاء، أنها تشارك في الورشة؛ وذلك “استمراراً لمواقفها الثابتة ودعمها المستمر للقضية الفلسطينية ومساندتها للشعب الفلسطيني الشقيق، لتحقيق ما يضمن له الاستقرار والنمو والعيش الكريم”.

وجددت تأكيدها “على موقفها الراسخ تجاه القضية الفلسطينية، وحلها وفق مبادرة السلام العربية؛ بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وتدعو لتتشارك الجهود الدولية لتحقيق السلام العادل والشامل”، وفق ما نشرت وكالة الأنباء السعودية (واس).

إلا أن هذه المشاركة قوبلت بالرفض الكبير من الفلسطينيين الذين اعتبروها خيانة للشعب الفلسطيني، وتماشياً مع الرؤية الأمريكية والإسرائيلية في تصفية القضية الفلسطينية، وتمرير “صفقة القرن” التي تقوض الحق الفلسطيني.

وفي مقابلة مع قناة “الجزيرة” قدم جاريد كوشنر، صهر ترامب وعرّاب صفقة القرن، لمحة نادرة عن الجوانب السياسية المحتملة لخطة صفقة القرن الأولى، قائلاً: إن “الصفقة لن تلتزم بمبادرة السلام العربية”، وهي مبادرة تقودها السعودية منذ عام 2002.

وأضاف كوشنر للجزيرة: “أعتقد أننا جميعاً علينا أن نعترف بأنه إن كان من الممكن التوصل لاتفاق فإنه لن يكون على غرار مبادرة السلام العربية، سيكون في منطقة وسط بين مبادرة السلام العربية وبين الموقف الإسرائيلي”.

وتدعو المبادرة العربية إلى إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، عاصمتها القدس الشرقية، وحق العودة للاجئين، وهو ما ترفضه “إسرائيل”. إلا أن الفلسطينيين يؤكدون حقهم الكامل في بلادهم، وأن القدس عاصمة الدولة الفلسطينية.

وعلى الرغم من تأكيدات السعودية مراراً وتكراراً حرصها على الشعب الفلسطيني فإنها بدت متناقضة في أقوالها وأفعالها.

وصرح وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير، الأحد الماضي، قائلاً: إن تحسين وضع الفلسطينيين يجب أن يكون محل ترحيب، لكن العملية السياسية المتعلقة بحل الصراع مع “إسرائيل” يعد “بالغ الأهمية”.

وتابع الجبير، في مقابلة مع صحيفة “لوموند” الفرنسية، أن “أي شيء يقبل به الفلسطينيون سيقبل به العرب”.

ففي الوقت التي تعلن فيه السعودية أنها تقف مع الفلسطينيين الذين قاطعوا هذه الورشة وحذروا منها، نجد وفدها ذهب للمشاركة في المؤتمر.

هذه المشاركة وجدت معارضة كبيرة من قبل العديد من الأطراف، وأعرب ناشطون عبر “تويتر”، عن رفضهم الكبير لهذا التناقض الذي بدت فيه السعودية.

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد انتقد بشدة عقد مؤتمر البحرين، وقال: “الأموال مهمة والاقتصاد مهم، لكن الحل السياسي أهم، وعندما يتم حل سياسي على أساس الشرعية الدولية ورؤية الدولتين، وقتها نقول مرحباً بكل من يريد أن يساعدنا”.

كذلك رفضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) المؤتمر، وقال مشير المصري، المسؤول في الحركة: “قضية فلسطين لا ينوب عنها ولا يمثلها سوى شعبها”، مضيفاً أن نهج ترامب “يؤسس لتحويل قضية شعبنا من سياسية إلى إنسانية، ودمج الاحتلال في نسيج المنطقة”.