جاء تأكيد هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، الاثنين، أن ملف حقوق الإنسان في السعودية أصبح في مركز الضوء بعد تغير الإدارة الأمريكية ووصول فريق “جو بايدن” إلى البيت الأبيض، كبادرة أمل لدى كثير من الحقوقيين والسياسيين للعمل على وقف الانتهاكات بالمملكة.
وقال محرر الشؤون الأمنية في الهيئة “فرانك جاردنر” إن فريق حملة “بايدن” يرى أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب” منحت شيكا مفتوحا للسعودية، عبر غض النظر عن انتهاكات حقوق الإنسان، خاصة جريمة اغتيال الصحفي “جمال خاشقجي”، وإطالة أمد الحرب الكارثية في اليمن، التي قتلت عشرات الآلاف خلال السنوات الست الماضية.
وأضاف أن الفريق الجديد في البيت الأبيض وعد بإعادة ضبط كامل للعلاقات مع السعودية حيث ستكون فيها حقوق الإنسان بارزة.
وأشار “جاردنر” إلى قرار “بايدن” بتعليق صفقات بمليارات الأسلحة لكل من السعودية والإمارات العربية المتحدة لحين مراجعتها، وذلك بعد أسبوع واحد من بداية فترته الرئاسية.
وتساءل “جاردنر” إن كان هناك شيء سيتغير على المدى البعيد في علاقات السعودية والولايات المتحدة، خاصة أن السعودية تظل شريكا مهما لأمريكا في العالم العربي وحليفا في المواجهة الأمريكية لإيران وتوسع ميليشياتها بالمنطقة وزبونا مهما للسلاح الأمريكي؟
وفي معرض الإجابة ينقل “جاردنر” عن “أندرو سميث” من الحملة ضد تجارة الأسلحة أن “أي رئيس (للولايات المتحدة) لديه تأثير كبير”، مضيفا: “مكنهم استخدامه لدعم الديمقراطية، لكن ترامب لم يفعل”.
وفي السياق، اعتبر “دينس روس”، الذي قضى سنوات في السياسة الأمريكية المتعلقة بالشرق الأوسط، أن إدارة “ترامب” ارتكبت خطأ كبيرا عندما لم تضع ثمنا للعلاقات مع السعودية، لكنه أشار إلى أن الأصوات نفسها في وزارة الخارجية الأمريكية والمخابرات والبنتاجون ولوبي شركات السلاح ستطالب “بايدن” بالحذر بحجة مفادها أنه “لو فقدت عائلة مالكة موالية للغرب السلطة فستحل محلها بالتأكيد جماعة متشددة”.
وأضاف “روس”: “لا نستطيع الإملاء على السعوديين وإخبارهم ما يفعلون، ولا تضرب أحدا على رأسه أمام الناس أو تطلب منهم الحفر عميقا وأنت بحاجة لحوارات خاصة وعلى مستوى عال”.
ولفت إلى أن روسيا والصين بإمكانهما توسيع علاقاتهما التجارية مع السعودية بدون طرح أسئلة محرجة حول ملف حقوق الإنسان.
أول رد فعل
علقت إدارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن” مؤقتا بعض مبيعات الأسلحة لدول أجنبية بينها الإمارات والسعودية.
جاء ذلك، حسبما أفاد مراسل شؤون الدفاع في وكالة “بلومبرج”، “أنتوني كاباشيو” في تغريدة نشرها عبر “تويتر”، مساء الأربعاء.
ونقل المراسل عن مسؤول قوله إن مبيعات مقاتلات “إف-35” التي تصنعها شركة لوكهيد مارتن قيد المراجعة، مضيفا أن مبيعات ذخائر موجهة، للسعودية أيضا قيد المراجعة.
وفي ذات السياق؛ أكدت مصادر في الخارجية الأمريكية في تصريحات لوكالة “فرانس برس”، الأنباء الواردة بشأن التجميد المؤقت لمبيعات الأسلحة.
ونقلت الوكالة عن مسؤول في الخارجية الأمريكية تعليقه على الخطوة “إنه إجراء روتيني إداري تتخذه غالبية” الإدارات الجديدة.
وأوضح المسؤول أن الغاية منه “أن تلبي عمليات بيع الأسلحة التي تقوم بها الولايات المتحدة أهدافنا الاستراتيجية”.
وفى سابق الأربعاء، نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية عن مسؤولين أمريكيين، قوله إن الإدارة الجديدة بصدد مراجعة الصفقات التي تقدر بمليارات الدولارات مع الدولتين، والتي وافق عليها الرئيس الأميركي السابق “دونالد ترامب”.
ولطالما أعربت الإمارات، واحدة من أقرب حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط عن تطلعها للحصول على مقاتلات “إف-35”.
وفي 22 من الشهر الجاري، أكدت الإمارات، أنه تم الانتهاء من خطابات الاتفاق الخاصة بصفقة مع الولايات المتحدة بنحو 23 مليار دولار تشمل شراء 50 مقاتلة من طراز “إف-35” إضافة إلى أسلحة ومعدات عسكرية أخرى.
وقالت السفارة الإماراتية لدى واشنطن، في بيان الجمعة الماضي، إن الانتهاء من خطابات الاتفاق جرى في آخر أيام الرئيس السابق “دونالد ترامب” في السلطة قبل أن يتسلمها خليفته “جو بايدن” قبل أسبوع.
وأضاف البيان أن القيمة الإجمالية للصفقة تقدر بنحو 23 مليار دولار، وتشمل ما يصل إلى 50 مقاتلة من طراز F-35A بقيمة 10.4 مليارات دولار، و18 طائرة بدون طيار MQ-9B بقيمة 2.97 مليار دولار، وذخائر مختلفة بقيمة 10 مليارات دولار.
ووفق البيان، تشمل الخطابات، تأكيد شروط الشراء ومنها التكاليف والمواصفات الفنية وجداول التسليم المتوقعة.
وكان “بايدن”، الذي تسلم مهامه قبل أسبوع، قال في تصريح صحفي في وقت سابق، إنه يعتزم إعادة النظر في الاتفاقية، على خلفية تقارير تتعلق بأنشطة أبو ظبي العسكرية والحقوقية.
غير أن إعلام أمريكي رسمي أشار سابقا إلى أنه بمجرد توقيع خطابات الاتفاق في هذا الخصوص، يتم فرض غرامة مالية على أي طرف يتراجع عن الصفقة.
وتسعى الإمارات -وهي حليف مهم لواشنطن بالشرق الأوسط- إلى شراء مقاتلات من طراز “إف-35” منذ وقت طويل.
ووفق مراقبين، فتحت اتفاقية التطبيع مع إسرائيل الموقعة قبل أشهر، المجال أمام الإمارات للحصول على هذه المقاتلات.