تواجه رؤية ولي العهد محمد بن سلمان 2030 الهادفة إلى تنويع اقتصاد السعودية ووقف اعتماده على النفط تعثرات حادة لاسيما المتعلق بالرهان الأساسي القائم على جذب الاستثمارات الأجنبية.
وتبرز وسائل إعلام الدولية على العقبات الحادة أمام الرؤية الاقتصادية بفعل الفشل الحكومي والفساد الإداري فضلا عن امتناع الشركات الأجنبية عن العمل في المملكة لعدة أسباب منها واقع انتهاكات حقوق الإنسان.
دفع ذلك وكالة (Bloomberg) الأمريكية إلى اعتبار أن الرياض أمامها “طريق طويل ممتلئ بالعوائق كي تحل محل إمارة دبي”، بخطط جعل العاصمة السعودية واحدة من أكبر 10 مدن في العالم بموجب استراتيجيته للإصلاح الاقتصادي.
وذكرت الوكالة أن قرار السعودية تقييد ممارسة مؤسسات الدولة الأعمال مع الشركات الدولية التي ليس لها مقر إقليمي في المملكة بحلول يناير/ كانون الثاني 2024.
وأوضحت أن هذا الإجراء يهدف إلى جذب الاستثمار الأجنبي والعمال، ضمن طموح بن سلمان لفتح البلاد أمام الأسواق الدولية وجعل الرياض واحدة من أكبر 10 مدن في العالم ومضاعفة عدد سكانها إلى 15 مليونا على الأقل بحلول عام 2030، على الرغم من العديد من العوائق التقليدية المتعلقة بصرامة المملكة في تفسير الشريعة الإسلامية.
ومؤخرا، قال وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح، إنه اعتبارا من نهاية 2022، تقدمت نحو 80 شركة بطلبات للحصول على تراخيص لنقل مقرها الرئيسي إلى الرياض، مضيفا أن المدينة ستصبح “العاصمة الكبرى للشرق الأوسط سياسيا واقتصاديا”.
وتساءلت الوكالة ما “إذا كانت الرياض جاهزة من حيث البنية التحتية والإسكان ونمط الحياة وحتى وجهة النظر الإدارية لتدفق العمال الأجانب وعائلاتهم، وما إذا كان الناس سيكونون مستعدين للانتقال إلى السعودية والتخلي عن دبي الأكثر حرية وعالمية نسبيا وإن كانت أكثر تكلفة؟”.
وأوضحت “من المؤكد أن المملكة الغنية بالنفط لا تفتقر إلى المال لإجراء التغييرات اللازمة، لكن الأدلة حتى الآن تشير إلى أن هناك طريقا طويلا لتقطعه”.
وقالت إنه “على الرغم من التخفيف الأخير لبعض القواعد، فإن الكحول والعلاقات خارج نطاق الزواج والمثلية الجنسية هي “جرائم أخلاقية” يُعاقب عليها القانون (في المملكة)”.
وأضافت أنه “بينما سُمح لنجم كرة القدم كريستيانو رونالدو بالعيش مع صديقته جورجينا رودريغيز بعد انضمامه إلى فريق سعودي (النصر) العام الماضي، فإن عددا قليلا من الآخرين على الامتياز نفسه”.
وتابعت “كما يشكو الأجانب من طول الوقت الذي يستغرقه الحصول على تأشيرة عمل.. ونظام المترو، الذي كان مقررا أن يكتمل بحلول 2019، لم يُفتح بعد”.
وعلى أرض الواقع، أدى العجز السكني الذي يلوح في الأفق بالرياض إلى ارتفاع تكاليف الإيجار بشكل كبير، إذ ارتفع الإيجار السنوي لشقة من غرفتي نوم في أحد أفضل أحياء الرياض بنسبة 12% تقريبا خلال العام الماضي.
ليصل إلى حوالي 181 ألف ريال سعودي (48 ألفا و260 دولارا)، بحسب فيصل دوراني، الشريك ورئيس قسم أبحاث الشرق الأوسط في “Knight Frank” وهي شركة وساطة واستشارات عقارية عالمية.
دوراني أرجع ذلك إلى عوامل منها: انتقال المزيد من الأجانب إلى الرياض ومحدودية توفر المجمعات السكنية التي يفضلها الغربيون من حيث قواعد اللباس والصالات الرياضية وحمامات السباحة، كما أنه من الصعب على المرشحين للوظائف في السعودية أن يطالبوا برواتب باهظة مقابل الانتقال، مما يقلل من الحافز للذهاب.
ووفقا لكريس ريا، المدير المساعد في شركة “مايكل بيج” للتوظيف في السعودية، فإن تباطؤ الاقتصاد العالمي والتسريح الجماعي للعمال في بعض الشركات الدولية يمنح أرباب العمل السعوديين والمتعددي الجنسيات مزيدا من النفوذ.
وأضاف أن الموظفين الذين ينتقلون إلى الرياض من دبي لا يزال بإمكانهم الحصول على زيادات في الرواتب بين 20% و25%.
وقال أحد كبار المنتجين في مجموعة “أم بي سي” (MBC) الإعلامية السعودية، التي تخطط لنقل معظم موظفيها من دبي إلى مقرها الجديد في الرياض بحلول 2024، إنه وآخرون يحصلون على زيادات في الرواتب تتراوح بين 35% و40% على الأقل، وسيحتفظون بوظائفهم لمدة خمس سنوات، ومع ذلك لا يزال الكثيرون يخشون هذه الخطوة.
وتابع المنتج، الذي طلب عدم نشر اسمه للتحدث بحرية عن مخاوفه: “إنك في دبي مغترب مثل غالبية الناس، لكن في الرياض عليك التعامل مع عقلية محلية”.
ومع ذلك، “فقد تغير الكثير في السعودية، إذ انضمت النساء إلى القوى العاملة بأعداد كبيرة بعد أن ألغى ولي العهد قواعد اللباس الصارمة والفصل بين الجنسين وقيود القيادة والسفر وحد من سلطة المؤسسة الدينية”، وفقا للوكالة.
واستدركت: “لكن يجب على الأجانب القادمين إلى السعودية أن يتذكروا أن أي انتقاد للقيادة والنظام يمكن أن يؤدي إلى الطرد أو السجن أو ما هو أسوأ”.
وأشارت إلى أن “الإمارات تفرض قيودا مماثلة على حرية التعبير، لكنها ألغت تجريم المعاشرة (الجنسية خارج الزواج) وسمحت بالزواج المدني وألغت رسوم تراخيص المشروبات الكحولية”.
وختمت الوكالة بأنه “نظرا لأن دبي أصبحت مدينة أكثر تسامحا، فقد يبدو الانتقال إلى الرياض بمثابة تراجع.. وتوجد صعوبات من نوع آخر بالنسبة لآخرين، بينهم براون المدير التنفيذي لشركة “Control Risks” الذي يخطط للانتقال إلى هناك العام المقبل، حيث يحاول اكتشاف طريقة لأخذ كلابه معه”.