عقب الاعتراض الشعبي على زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للجزائر الشهر المقبل، الذي جاء على خلفية مقتل الصحفي جمال خاشقجي، خرجت الدبلوماسية الجزائرية عن صمتها ودانت الجريمة، معربة في الوقت نفسه عن ثقتها “بالعدالة السعودية، مما أثار استياء بعض السياسيين.
ودانت الجزائر بقوة جريمة اغتيال الصحفي السعودي على لسان الناطق باسم وزارة الخارجية عبد العزيز بن علي شريف، حيث قال إن “الجزائر تدين بقوة الاغتيال المريع الذي استهدف المواطن السعودي خاشقجي، قد سجلت النتائج التي توصلت إليها العدالة السعودية حول ملابسات ارتكاب الجريمة وهوية أولئك الذين أمروا بها وبتنفيذها”.
وأكد أن الجزائر التي تربطها بالسعودية “علاقات أخوة وتعاون متينة وتتقاسم معها مصيرا مشتركا” تعرب عن قناعتها بأن العدالة السعودية ستتمكن من تسليط الضوء على هذا الاغتيال، وأن الجزائر على علم بالتحقيق الذي تباشره السعودية وفقا لما أعلنه النائب العام السعودي قبل عشرة أيام.
وانتقد كثير من السياسيين بالجزائر تأخر صدور الموقف الرسمي من القضية التي امتدت تداعياتها إلى العلاقات الإقليمية والدولية وخلفت موجة استنكار عالمية.
موقف مهين
ومن جهته، اعتبر الناطق باسم الحزب المعارض طلائع الحريات أحمد عظيمي في حديث للجزيرة نت أن موقف الجزائر من قضية خاشقجي مهين لها وبمثابة اعتذار للسعودية عن “الموقف البطولي” للشعب الجزائري الرافض لزيارة محمد بن سلمان للجزائر.
وقال عظيمي “من المفروض أن تكون الجزائر سباقة للدفاع عن القضايا العادلة في العالم والتنديد بالجرائم المرتكبة من قبل الأنظمة، سواء العربية أو الأجنبية”.
ولم يكتف القيادي في حزب طلائع الحريات بانتقاد موقف الحكومة، وقال إن الدبلوماسية الجزائرية “فقدت خلال العقدين الأخيرين بريقها وشجاعتها ومواقفها ولم يعد لها أي وجود في المحيط العربي والأفريقي وحتى المغاربي”.
واعتبر عظيمي أن النظام الجزائري يخشى ردة فعل النظام السعودي بسبب صمته من تسبب السعودية في انهيار أسعار النفط، الذي يعتبر مصدر قوت الشعب الجزائري الوحيد.
وبدوره، أبدى رئيس الجبهة الجزائرية الوطنية الجديدة جمال عبد السلام أسفه إزاء موقف الجزائر، وقال إنه جاء متأخرا جدا ولا يتناسب مع خصوصيات القضية التي ألهبت الرأي العام العربي والعالمي.
وأضاف عبد السلام في حديثه للجزيرة نت “كنت أتطلع لموقف قوي من الخارجية الجزائرية يدعو السعودية لتقديم المزيد من التوضيحات والاعترافات في حادثة مقتل خاشقجي وعدم وضع الثقة في العدالة السعودية”.
ورأى رئيس الجبهة الجزائرية الجديدة أن موقف الجزائر غير مشرف باعتبار أن السعودية أسهمت في الإضرار بالاقتصاد الجزائري عبر خفض أسعار النفط.
استغفال العقول
من جهة أخرى، قال المحلل السياسي عدة فلاحي للجزيرة نت إن بيان وزارة الخارجية بخصوص مقتل خاشقجي جاء لحفظ ماء الوجه وتذليل العقبات أمام محمد بن سلمان الذي وجد نفسه غير مرحب به بالجزائر من قبل الناشطين السياسيين.
واعتبر فلاحي أن بيان الخارجية الجزائرية الذي تحدث عن المصير المشترك بين الجزائر والسعودية هو مغالطة ومحاولة لاستغفال العقول، متسائلا “متى كان المصير مشتركا والسعودية تعمل كل ما في وسعها لزيادة إنتاج النفط وخفض أسعاره بشكل يضر بالاقتصاد الجزائري؟”.
وطالب فلاحي السلطات الجزائرية بألا تتعاطف وتثق كثيرا في السعودية، التي وصفها بغير المؤتمنة في علاقاتها، مذكرا بأن “السعودية كانت تربطها بدولة قطر علاقة صداقة وتعاون تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي، وبمجرد أن أرادت قطر أن تستقل بقرارها قاطعتها وحاصرتها، ولو تمكنت لمسحتها من الخريطة”.