رسمت سيناريوهات واقعا مرعبا للمملكة السعودية في حال إقدام ولي العهد محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للمملكة على التطبيع مع إسرائيل على غرار الإمارات والبحرين.
ويتساءل الكثير لماذا تصر أمريكا وإسرائيل على السعودية تحديدا؟ وهل السعوديون سيتبعون ذلك أم لا؟.
ويلتزم والده الملك سلمان بمبادرة السلام العربية التي أطلقتها الرياض عام 2002، التي تعني سلاما عربيا إسرائيليا شاملا يضم الفلسطينيين، ودعت إلى انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي العربية التي احتلتها منذ عام 1967 مقابل اعتراف عربي بحق إسرائيل في الوجود وتطبيع العلاقات الدبلوماسية.
ثم هناك العناصر السلفية المتشددة في المؤسسة الدينية السعودية، الذين يتمتعون بثقل داخل مجتمع سعودي لا يزال محافظا إلى حد كبير.
وهم يعارضون بشدة السلام مع الدولة اليهودية التي تستثني الفلسطينيين وتستولي بشكل غير عادل على القدس، ثالث أقدس الأماكن الإسلامية.
وإذا تجاهلهم “بن سلمان” أو عزلهم، فيمكنهم جعل الأمور صعبة للغاية بالنسبة له من خلال تقويض ما يهتم به أكثر من غيره، وهي خطته لتحويل البلاد.
ويتعين على بن سلمان احتواء الشيوخ الأصوليين حتى يتمكن من المضي قدما في “رؤية 2030″، التي لم يكونوا متحمسين لها بسبب إصلاحاتها الاجتماعية. لذا فإن اختيار معركة ضخمة معهم بشأن (إسرائيل) قد لا يكون أذكى شيء يمكن القيام به الآن.
وهناك أيضا خلايا القاعدة النائمة في المملكة، والذين بمجرد سماعهم عن موافقة الرياض على التطبيع سوف ينتقدون آل سعود، كما فعلوا عام 1979 ثم مرة أخرى في 2003-2004. وبالتأكيد يجب أن يقلق “بن سلمان” بشدة بشأن هؤلاء أيضا.
وأخيرا وليس آخرا، هناك إيران وتركيا، اللتان ستتحدان بشراسة في المطالبة بالقيادة الإسلامية العالمية بديلا عن المملكة، مع تجدد المطالب بتدويل إدارة مكة والمدينة.
لكن ماذا لو اندلعت فجأة أخبار موافقة بن سلمان على التطبيع مع إسرائيل؟ فبعد كل شيء لقد تمكن من صدمة العالم عدة مرات من قبل.
على سبيل المثال، هل كان أحد يتوقع منه أن ينهي بمفرده سياسات الإجماع التي بنى عليها النظام السعودي منذ عقود؟، أم هل توقع أحد منه تهميش كل خصومه بمن فيهم رجل مكافحة الإرهاب لدى أمريكا محمد بن نايف؟.
أو حتى شن حرب على اليمن وحصار قطر؟، أم توقع أحد أن يأمر بالاغتيال المروع للمواطن السعودي وكاتب العمود في واشنطن بوست “جمال خاشقجي” في تركيا؟
بالنظر إلى سلوكه على مدى الأعوام الماضية، فإن جميع الاحتمالات والسيناريوهات تبقى قائمة. وبينما هناك تشكيك بأن يوقع “بن سلمان” على اتفاق تطبيع مع إسرائيل طالما والده على قيد الحياة.
أما إذا فعل ذلك في حياة والده، معلنا نفس الأسباب الأمنية والاقتصادية التي يتقاسمها الإماراتيون والبحرينيون؛ فسيكشف ذلك عن حقائق مهمة عنه وعن المملكة، ويمنحنا يقينا بأحد أمرين.
إما أن يكون هو المسؤول بالكامل في المملكة بالفعل، أو أنه اختار قمع جميع أشكال المعارضة المحلية بما في ذلك النخبة الدينية ذات النفوذ التقليدي، وقرر مرة أخرى أن يغتنم فرصه.
ويشير السيناريو الثاني إلى أنه بالرغم من جميع أخطائه؛ فإن “بن سلمان” هو الزعيم بلا منازع لأكبر شريك عربي للولايات المتحدة، وهو قادر ليس فقط على اتخاذ قرارات تاريخية في السياسة الخارجية، لكن أيضا على تنفيذ إصلاحات محلية كبيرة دون الاضطرار إلى الخوف من أي رد فعل محلي كبير.
وصحيح أن الملوك في السعودية كانوا يتمتعون دائما بالسلطة المطلقة، لكن كان عليهم أيضا تقاسم السلطة مع مجموعة قوية من العلماء الدينيين. وقد يكون “بن سلمان” أول ملك يقمعهم ويقلب ترتيب تقاسم السلطة التقليدي.
أما السيناريو الثالث فيعني منطقيا أن “بن سلمان” ليس كامل القدرة في الداخل، وأن العلماء السعوديين يظلون صوتا قويا ومنافسا في عهده. ويمكن أن تؤدي ديناميكية الدفع والجذب الأكثر عدوانية بين “بن سلمان” والعلماء إلى مشاكل لاستقرار المملكة.
إذن، هل يحافظ “بن سلمان” على الهدوء البارد مع رجال الدين، ويصد المتطرفين العنيفين، ويحافظ على مشروعه التحولي؟ أم يعانق (إسرائيل) قبل الأوان وربما يخسر العالم الإسلامي؟