اعتبرت الصحفية المتخصصة بشؤون السياسة الخارجية والأمن القومي في وكالة أسوشيتد برس “نيك ماير”، السبت، أن مسؤولية تصاعد القمع بحق السعوديين المعارضين بالخارج تقع على عاتق الرئيس الأمريكي “جو بايدن” وبرنامج التجسس الإسرائيلي “بيجاسوس”.
جاء ذلك في إطار سرد تفاصيل جديدة، روتها “ماير” في مقابلة مع شبكة NPR الأمريكية، حول خلفيات أحكام بالسجن المشدد بحق معارضين سعوديين، بينهم أمير احتجزته السلطات بعد عودته لاستكمال دراسته بإحدى الجامعات الأمريكية عن بعد، مشيرة إلى أن سلطات المملكة استخدمت برنامج التجسس الإسرائيلي “بيجاسوس” لاختراق هواتف الضحايا.
وذكرت “ماير” أن قصة الأمير السعودي (عبدالله بن فيصل آل سعود) هي أحد ما وصلها من حالات القمع بحق المعارضين السعوديين بالخارج، مشيرة إلى أنه كان يدرس بجامعة “نورث إيسترن” في ولاية بوسطن الأمريكية، ووصل إلى مرحلة إعداد رسالة الماجستير، ثم عاد إلى المملكة في فترة جائحة كورونا، ليتم اعتقاله ومحاكمته.
وأوضحت أن الأمير حُكم عليه، في أغسطس/ آب الماضي، بالسجن 30 عامًا بسبب مكالمات هاتفية أجراها في بوسطن مع أسرته عبر تطبيق “سيجنال”، ودارت حول فرد آخر من العائلة (ابن عمه)، كان قد سُجن هو الآخر.
ونوهت “ماير” إلى حالة قمع أخرى لمواطن أمريكي سعودي (سعد إبراهيم الماضي)، يبلغ من العمر 72 عامًا، ويعيش في فلوريدا، احتجزته سلطات المملكة على خلفية تغريدات نشرها عبر تويتر، ليتم الحُكم عليه لاحقا بالسجن 16 عامًا.
وأشارت إلى أن السلطات السعودية تكثف، منذ سنوات، عقابها للمنتقدين علنًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إذ تعتبر ذلك تحد للوحدة الاجتماعية بالمملكة، وتستخدم في ذلك وسائل إلكترونية لمراقبة الحسابات، على رأسها برنامج “بيجاسوس” الإسرائيلي.
وذكرت “ماير” أن مجموعات إعلامية سعودية أبلغتها بأن السلطات السعودية استخدمت “بيجاسوس” لاختراق هواتف عديد المعارضين، وأن وثائق متزايدة باتت تدعم الشكوك بشأن تشكيل مسؤولي الحكومة السعودية شبكة مخبرين لتتبع السعوديين المعارضين داخل الولايات المتحدة.
ولفتت إلى أن هكذا ممارسات ازدادت منذ مقتل الكاتب الصحفي السعودي “جمال خاشقجي” داخل القنصلية السعودية بمدينة إسطنبول التركية عام 2018، إذ اعتبرت حكومة المملكة أن خطر انتقادات المعارضين بات مضاعفا.
وحول ردود الأفعال الرسمية، سواء في الولايات المتحدة أو السعودية، بشأن قصة الأمير السعودي المعتقل، أو التجسس على المنتقدين السعوديين في أمريكا، قالت “ماير” إن مسؤولي وزارة الخارجية الأمريكية لم يردوا بشكل محدد على أسئلة حول ما تفعله السعودية على أرض الولايات المتحدة، واكتفوا بالقول إن الوزارة أرسلت إلى سفارات الدول في واشنطن بشكل عام للتحذير من قمع مواطني هذه الدول على الأراضي الأمريكية.
أما مسؤولي المملكة العربية السعودية، فقالوا إن “أي مزاعم بشأن عمل الحكومة ضد مواطنيها في الولايات المتحدة هي ادعاءات غير معقولة”، وأكدوا أن السلطات “تساعد السعوديين في الولايات المتحدة فقط”.
وهنا أشارت “ماير” إلى أن كثير من المعارضين السعوديين يرون أن رخاوة الرئيس الأمريكي “جو بايدن” في التعامل مع ولي العهد السعودي، الحاكم الفعلي للمملكة، الأمير “محمد بن سلمان”، سبب رئيس في تصاعد القمع بحقهم، حتى خارج حدود المملكة.
وذكرت الصحفية الأمريكية أن عديد الناشطين السعوديين المنفيين انتقدوا زيارة “بايدن” الأخيرة إلى السعودية ومحاولته إصلاح العلاقات مع “بن سلمان”، قبل عودة العلاقات بين الرياض وواشنطن إلى التوتر بعد إصرار ولي العهد السعودي على دعم خفض كبير لإنتاج النفط.
ويقول الناشطون السعوديون إن محاولات “بايدن” استرضاء “بن سلمان” شجعت الأخير على مزيد من ممارسات القمع، وهو ما انعكس عمليا في حالات الاعتقال بحق من تربطهم صلات بالولايات المتحدة، كمقيمين أو حاملين للجنسية الأمريكية.
وفي السياق، نقلت “ماير” عن امرأة سعودية مقيمة بالولايات المتحدة تعبيرا عن قلقها بشأن التجسس على مكالماتها الهاتفية، مشيرة إلى أن المعارضين السعوديين في الولايات المتحدة “لا يعرفون من يمكنهم الوثوق به”.
وبلغ إحساس عدم الشعور بالأمان لدى بعض هؤلاء المعارضين إلى حد ترك جوازات سفرهم لتنتهي صلاحيتها دون الذهاب لتجديدها؛ خوفا من الذهاب إلى السفارة السعودية في واشنطن، بحسب “ماير”.
يشار إلى أن الأمير “عبد الله بن فيصل آل سعود”، البالغ 31 عامًا، ينتمي إلى أحد فروع العائلة السعودية الأكثر استهدافًا بالاعتقالات باعتبارهم منتقدين أو منافسين منذ أن عزز “بن سلمان” سلطته في عهد والده، الملك “سلمان”، وأصبح حاكما فعليا للمملكة.