مكتب حماس افتتح في السعودية عام 1988 في عهد الملك فهد وعُين محمد الخضري كممثّل رسمي عن الحركة
احتفى موقع عبري بما أسماه “صدمة” حركة المقاومة الإسلامية “حماس” من سجن السعودية العشرات من قياداتها وكوادرها وأنصارها بتهمة “دعم المقاومة”.
وفي 8 أغسطس/آب 2021، أعلن حساب “معتقلي الرأي” في السعودية عن الأحكام التي أصدرتها إحدى محاكم المملكة بحق عشرات المعتقلين الفلسطينيين والأردنيين في جلسة عقدت بنفس اليوم بالقضية المرتبطة بحركة حماس.
ووصلت الأحكام إلى سجن بعضهم مدة 22 سنة، مع البراءة لعدد قليل منهم.
ونشر الحساب أسماء المعتقلين الفلسطينيين والأردنيين الذين أصدرت “محكمة الإرهاب” السعودية أحكاما بالسجن بحقهم؛ بتهمة دعم المقاومة، وأبرزهم الحكم على ممثل حركة حماس السابق لدى المملكة محمد الخضري (15 سنة سجن).
وأوقفت السعودية أكثر من 60 أردنيا وفلسطينيا من المقيمين لديها في شباط/ فبراير 2019، بينهم الخضري الذي يبلغ من العمر 81 عاما، بتهمة ينفون صحتها، وهي تقديم الدعم المالي للمقاومة الفلسطينية.
“نجاح مشترك”
وقال موقع “نيوز ون” العبري: إن إسرائيل والولايات المتحدة نجحتا في الحرب ضد عمليات التهريب من السعودية إلى كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس في قطاع غزة.
وادعى الموقع أن هؤلاء “يشتبه بتورطهم في عمليات غسيل أموال وتهريبها إلى الجناح العسكري بمساعدة شركات صرافة في تركيا”.
وأدانت حركة حماس في بيان رسمي تلك الأحكام، وأكدت في بيان أن “هؤلاء الإخوة لم يقترفوا ما يستوجب هذه الأحكام القاسية وغير المبررة”.
وأضافت: “فضلا عن المحاكمة، فكل ما فعلوه هو نصرة قضيتهم وشعبهم الذي ينتمون إليه، دون أي إساءة للمملكة وشعبها”.
وأردفت حماس: “وفي الوقت الذي نرحب فيه بأحكام البراءة التي صدرت بحق بعض الإخوة، فإننا نستهجن الأحكام القاسية غير المستحقة بحق غالبيتهم”.
ودعت القيادة السعودية إلى سرعة الإفراج عنهم وإنهاء معاناتهم ومعاناة عائلاتهم التي مضى عليها ما يزيد على السنتين.
وقال القيادي في الحركة محمود الزهار: إن الحكم بمثابة استجابة سعودية لطلب الاحتلال وأن هذا قرار سياسي وليس قانونيا، مبينا أن حماس لا تغلق الباب أمام السعودية ومستعدة لإعادة بناء العلاقات معها إذا رغبت في ذلك.
وتصنف المملكة العربية السعودية حماس بأنها حركة إرهابية مثلها مثل جماعة الإخوان المسلمين.
ويرى الموقع العبري أن وراء النشاطات السعودية ضد حماس كانت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وإسرائيل، اللتان نجحتا في الفصل التام بين المملكة والحركة.
وقال القيادي الكبير في الحركة “مروان أبو راس” في 12 سبتمبر/أيلول 2019: إن السعودية تقترب من إسرائيل وتفتح معها أبواب التطبيع من خلال اعتقال قيادات حماس البارزة في المملكة .
ويعتبر اعتقال وإدانة ناشطي حماس نهاية “العصر الذهبي” بين النظام الملكي السعودي وقيادة الحركة.
شرخ في العلاقات
ولفت الموقع العبري الى أن مكتب حماس افتتح في السعودية عام 1988 في عهد الملك “فهد بن عبد العزيز” وعين “محمد الخضري” كممثل رسمي عن الحركة هناك.
وفي عام 1998 استضاف الملك فهد مؤسس حركة حماس الشيخ “أحمد ياسين” وأذن له بجمع التبرعات في المملكة لقطاع غزة.
ونقل عن الملك فهد حينها قوله في حفل الاستقبال الذي أقامه للشيخ ياسين: “أنتم في قلوبنا وسنقف معكم حتى تحرير القدس”.
وبدأ الخلاف الأول في علاقات المملكة العربية السعودية مع حماس في عام 2007 بعد سيطرة الحركة على قطاع غزة بالقوة وطرد السلطة الفلسطينية منه.
والتقى زعيم حماس السابق خالد مشعل ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في مكة بعد بضعة أشهر ووقعا اتفاق مصالحة بالقرب من الكعبة.
وبحسب زعم السعوديين، فإن حماس هي التي انتهكت الاتفاق، ومنذ ذلك الحين استمرت العلاقات بين المملكة والحركة في التدهور.
واعتقلت بعدها أجهزة الأمن السعودية في 2015 القيادي في الحركة “ماهر صلاح” واتهمته بغسل الأموال، وقضى نحو عام في إحدى السجون السعودية ليجري ترحيله بعدها إلى تركيا.
وأشار المحلل الأمني في الموقع “يوني بن مناحيم” إلى أنه في أكتوبر/تشرين الأول 2016، اعتقلت قوات الأمن السعودية القيادي البارز في الحركة “نزار عوض الله” بعد أن أعلن ترامب أن حماس “منظمة إرهابية” وبعد تولي محمد بن سلمان ولاية العهد.
وفي عام 2017 سارع السعوديون إلى تبني موقف الرئيس الأميركي السابق ترامب.
وفي فبراير/شباط 2018، أعلنت الخارجية السعودية أن حركة حماس “منظمة إرهابية”، وتلتها موجة الاعتقالات الأخيرة التي بدأت في أبريل/نيسان 2019.
استجابة للضغط
وتتهم حركة حماس الولايات المتحدة وإسرائيل بالضغط على المملكة العربية السعودية لاعتقال ناشطيها وشل أنشطة جمع التبرعات لقطاع غزة.
وترى الحركة أن البيت الملكي السعودي طعن حماس من الخلف بسبب التقارب بين ولي العهد محمد بن سلمان و”جارد كوشنر” مستشار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وصهره ورغبته في الاقتراب من إسرائيل.
ولفت المحلل إلى أن حركة حماس التزمت الصمت لمدة خمسة أشهر بعد اعتقال حوالي 60 ناشطا في المملكة العربية السعودية، وتم الإعلان عن الاعتقالات في البداية عن طريق الصحافة القطرية.
لكن حماس رفضت تأكيد الخبر وحاولت حل القضية بوساطات دبلوماسية عن طريق عدة دول خليجية وشخصيات مرموقة تعمل من خلف الكواليس لتأمين إطلاق سراح المعتقلين.
وبعد أن وصلت حركة حماس إلى أن فرص إطلاق سراح المعتقلين أصبحت معدومة، أصدرت بيانا رسميا في 9 سبتمبر/أيلول 2019 بالمطالبة بالإفراج عن الخضري الذي اعتقل هو ونجله هاني.
وبحسب مصادر في حماس، فقد استعانت الحركة أيضا بمحمد دحلان القيادي المفصول من حركة التحرير الوطني “فتح” ومستشار ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد.
ويرى ابن مناحيم أن تجاهل المملكة التام طلبات حماس بالإفراج عن معتقليها في السجون السعودية يشير إلى تحالفها الكامل مع الولايات المتحدة وإسرائيل في قضية “محاربة الإرهاب”.
وأوضح أن “المملكة العربية السعودية بحاجة إلى مساعدة الولايات المتحدة وإسرائيل من الخطر الإيراني ولا تريد مساعدة حماس الحليفة لنظام طهران”.
وفي 10 سبتمبر/أيلول 2019، اتخذت الولايات المتحدة خطوة تكميلية وفرضت عقوبات على كبار الشخصيات في حركة حماس وعلى المؤسسات التابعة لها في الخارج التي شاركت في تحويل الأموال إلى التنظيم في قطاع غزة.
وأنهى المحلل ابن مناحيم مقالته بأن حركة حماس الآن تتحرك في العالم العربي والإسلامي لحمل النظام الملكي السعودي على العفو عن العشرات من ناشطيها الذين سجنوا.
وتقول الحركة: إن الخضري جمع تبرعات لها في السعودية بعلم السلطات هناك، ولم يعمل ضد إرادة البيت الملكي السعودي.
وبحسب المصادر فإن اعتقال الخضري كان يهدف إلى تحسين صورة ولي العهد محمد بن سلمان من ناحية أنه “يحارب الإرهاب”، وذلك بعد أن اتهمته إدارة بايدن بقتل الصحفي “جمال خاشقجي”.