كشفت صحيفة إسرائيلية الأحد عن ما قالت إنها تفاصيل مفاوضات أجرتها شركة إسرائيلية متخصصة في مجال التقنية، مع عناصر من المخابرات السعودية، لشراء برنامج تجسس يتيح اختراق أجهزة هواتف المعارضين في الداخل والخارج.
وأوضحت صحيفة “هآرتس” العبرية في تحقيق لها -ترجمته “عربي21”- أن هذه المفاوضات “عقدت في حزيران/يونيو من العام 2017، في أحد الفنادق الفخمة في العاصمة النمساوية فيينا تستخدم منذ سنوات؛ مركزا لأعمال التجسس، واتصالات الشراء الأمنية ولقاءات دبلوماسية غير رسمية”.
وذكرت الصحيفة أن اللقاء جمع بين “عبد الله المليحي، المقرب من رئيس المخابرات السعودية السابق، الأمير تركي الفيصل، وناصر القحطاني، وهو مسؤول سعودي رفيع، قدم نفسه كنائب لرئيس المخابرات الحالي، إضافة لرجال أعمال إسرائيليين؛ هم ممثلو شركة “إن.إس.أو – NSO” المتخصصة بتطوير وسائل تجسس على الهواتف المحمولة”.
وكشفت أن الوفد الإسرائيلي اقترح على السعوديين “تكنولوجيا مثيرة للخيال” حيث “طرحت الشركة في تلك الفترة، برنامج “بيغاسوس 3″ الجديد، وهو نظام تجسس دقيق جدا، قادر على اختراق الهواتف بدون أن يمس ضحية الاختراق أي طعم آخر”.
ونبهت أن اللقاء أجري “قبل بضعة أشهر من قيام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بحملة التطهير ضد معارضيه”، وفق تعبيرها.
ومن أجل إثبات قدرات البرنامج، “طلب ممثلو الشركة من القحطاني الذهاب لمجمع تجاري قريب، وشراء جهاز آيفون جديد ويعطيهم رقمه فقط، ومن ثم كشفوا للسعوديين كيف اخترقوا الجهاز وسجلوا المكالمات، وصوروا اللقاء نفسه”، وفق الصحيفة التي أكدت أن “هذا لم يكن اللقاء الأول بين الطرفين”.
وأشارت هآرتس إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، “يكثر من التفاخر بالقدرات التكنولوجية الإسرائيلية، والتي تعتبر الورقة الأقوى”، لافتة إلى أن “الرسالة الإسرائيلية واضحة؛ فإسرائيل توافق على بيع دول الخليج تكنولوجيا أمنية، وهي ستنضم إليها في الحرب الاستراتيجية ضد إيران”.
شهادات وصور
وركز تحقيق الصحيفة، “على شهادات وصور ووثائق سفر ووثائق قانونية، ويكشف ما خلف الستار من محاولات السعودية لشراء التكنولوجيا الإسرائيلية”، معتبرة أن “الثغرة الفريدة” التي كشفت عن تلك الاتصالات مع السعودية، جاءت بعد “رفع دعوى هذا العام للشرطة الإسرائيلية على خلفية نزاع تجاري”.
وأظهرت الدعوى، وجود “رجل أعمال؛ يوصف بأنه أوروبي له علاقات مع دول الخليج، وعلى اتصال مع إسرائيلي يعمل في مجال التكنولوجيا الأمنية بواسطة شركات في قبرص؛ التي يعتبر النظام الضريبي فيها أخف مما هو في إسرائيل، ولذا تجد شركات أمنية كثيرة مسجلة هناك”.
وبينت الصحيفة، أن رجل الأعمال الذي طلب منه “التسويق لبرنامج “سايبر هجومي وصل بداية عام 2017 إلى الإمارات لحضور معرض للوسائل القتالية، ومن هناك رتب له أحد أصدقائه لقاء مع المليحي، حيث عرض عليه مواد دعائية من شركة إسرائيلية”.
“لقاء ودي”
وضمن سلسلة اللقاءات بين الوفد السعودي والإسرائيلي، كشف الصحيفة، أنه “جرى أكثر من لقاء في جو ودي حيث التقطت الصور على ما يبدو خلال رحلة صيد بري”.
وفي لقاء جرى في نيسان/أبريل 2017، “عرض الوفد السعودي قائمة تشمل 23 وسيلة وجهازا أرادوا شراءها، علما بأن أساس اهتمامهم كان منصبا على أنظمة سايبر”، وفق الصحيفة التي قالت إن “عشرات ملايين الدولارات، كانت ستعطيهم القدرة على أن يخترقوا بسهولة هواتف معارضي النظام في السعودية والعالم، وجمع المعلومات عنهم، حيث أظهر الوفد اهتماما كبيرا بشراء النظام (برنامج التجسس)”.
وبينت الصحيفة، أن الشركة الإسرائيلية “عرضت خلال لقاء جديد بين الوفدين في تموز/يوليو 2017، جرى في بيت رجل الأعمال بقبرص، بيع برنامج بيغاسوس مقابل 208 ملايين دولار”، مضيفة أنه “بعد ذلك اتصل المليحي مع رجل الأعمال (و) ودعاه إلى الرياض لعرض البرنامج على رجال العائلة المالكة”.
إلا أن الصحيفة تقول إن “قسم الرقابة للتصدير الأمني في وزارة الأمن الإسرائيلية، وقسم المساعدة الأمنية المسؤولة عن تشجيع التصدير رفضا الموافقة على السفر”.
“حملة الصيد”
ورغم هذا الرفض، تقول هآرتس “استأجر رجل الأعمال (و) طائرة صغيرة، وأخذ معه مؤسس الشركة شليف خوليو، لإجراء مقابلات في الخليج وتم الاتفاق خلال اللقاء على صفقة لبيع “بيغاسوس 3″ للسعوديين مقابل 55 مليون دولار”.
وزعم رجل الأعمال، أن “تفاصيل تلك الصفقة علم بها أصدقاؤه فقط في قسم المساعدة الأمنية، حيث اتفق معه على نسبة 5 بالمئة (عمولة أو رشوة) إلا أن رجل الأعمال (و) تملص من الاتفاق الشفوي”.
وأكدت الصحيفة، أنه في الأشهر التالية للصفقة، “واصلت السعودية حملة الصيد ضد معارضي النظام في الخارج، والتي بدأت تثير الاهتمام الدولي فقط بعد الكشف عن عملية قتل الصحافي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول”، لافتة إلى أن “الشركة الإسرائيلية ساعدت النظام السعودي في ملاحقة معارضيه”.
ووفق ما أوردته “هآرتس” فمن بين الملاحقين؛ الكاتب غانم الدوسري، والناشط يحيى العسيري، وعمر عبد العزيز المنفي في كندا، موضحة أن الثلاثة كانوا على صلة مع بالصحفي خاشقجي”.