قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، إن ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” قدم “تنازلا ضروريا” عندما تصالح مع قطر، لمحاولة إرضاء الرئيس الأمريكي الجديد “جو بايدن” الذي جهر بانتقادات قاسية لـ”بن سلمان”، وأعلن أنه سينهي الدعم غير المحدود الذي حصل عليه الأمير الشاب من الرئيس الحالي “دونالد ترامب”.
وأضافت الصحيفة أن “قادة العالم يتدافعون لإعادة التموضع تحضيرا للإدارة المقبلة لبايدن وكامالا هاريس، وربما يكون ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أكثرهم”.
وتابعت أن “محمد بن سلمان” يشعر أنه في خطر مع الرئيس المنتخب “جو بايدن”، الذي تعهد بوقف “الصك الأبيض الخطير” الذي منحته له إدارة “ترامب”، وكانت النتيجة سلسلة من الأعمال التي تهدف لتهدئة الأجواء مع بايدن.
واعتبرت “واشنطن بوست” أن آخر عمل كان في هذا الأسبوع خلال قمة مجلس التعاون الخليجي التي وافقت فيها السعودية مع الإمارات والبحرين ومصر على وقف الحصار والمقاطعة الاقتصادية ضد قطر، الدولة الأخرى الحليفة للولايات المتحدة.
وعلى مدى 3 أعوام ونصف – والحديث للصحيفة – قامت الدول الخليجية مع مصر بمحاولة التنمر على قطر ودفعها للاستسلام وتنفيذ قائمة طويلة من المطالب السياسية، منها قطع علاقاتها مع جماعة “الإخوان المسلمون” وإسكات قناة “الجزيرة”.
وأضافت: “كانت الحملة فاشلة بشكل بائس، وكانت النتيجة الرئيسية لها دفع قطر لتقوية علاقاتها مع إيران وتركيا وتعقيد المبادرات الأمريكية بالمنطقة”.
ومضت الصحيفة بالقول: “بدا الاتفاق الذي وقعته دول الحصار كاستسلام بائس من ولي العهد محمد بن سلمان، فمقابل رفع الحصار وافقت قطر على وقف الدعاوى القضائية التي قدمتها ضد الدول المحاصرة لتعويضها عن الأضرار”.
وتوقعت الصحيفة أن تستمر قطر في علاقاتها مع جماعة الإخوان، لكن المصالحة ستجعل التنسيق الأمني الخليجي – الأمريكي ضد إيران أسهل، وهو أمر مهم لـ”بايدن” الذي سيحاول العودة للاتفاق النووي مع إيران وتوسيعه، ويجب أن يكون مؤمنا بجبهة خليجية موحدة في تحركه ذلك.
ولفتت الصحيفة إلى جهود الكويت الكبيرة للتوصل إلى المصالحة، بالاشتراك مع الإدارة الأمريكية الحالية، لكنها أشارت إلى مفارقة أن “جاريد كوشنر” كبير مستشاري “ترامب” كان أحد الأطراف الفاعلة في صناعة الأزمة الخليجية، وكذلك كان أحد أطراف حلها، بعدما قاد مفاوضات شاقة مع دول الحصار وضغط عليهم للقبول بها.
وحاولت “واشنطن بوست” تلخيص الصورة، قائلة: “ظل محمد بن سلمان يرفض طلبات وزارة الخارجية والدفاع لإصلاح الصدع، وكان يعتقد بلا شك أنه محمي من البيت الأبيض”.
وأضافت: “والآن جاء بايدن الذي وعد بإنهاء الدعم الأمريكي للتدخل السعودي الكارثي في اليمن والذي يحمل محمد بن سلمان مسؤولية جرائم حقوق الإنسان مثل مقتل صحفي واشنطن بوست جمال خاشقجي، وهما قضيتان تحظيان بدعم الحزبين في الكونجرس”.
واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول: “مثل تنازلاته الأخيرة بشأن الناشطات المعتقلات التي سيطلق سراح بعضهن بعد أسابيع من دخول بايدن البيت الأبيض، فتنازل محمد بن سلمان بشأن قطر هو أمر ضروري ولكنه ليس كافيا لصناعة علاقات طبيعية مع واشنطن بدون الإفراج عن الناشطات المعتقلات وبقية المعتقلين السياسيين ووقف قصف اليمن ومحاسبة كل قتلة خاشقجي بمن فيهم ولي العهد”.
يذكر أن وكالة “رويترز” نقلت عن مصادر، الخميس، أن مسارعة السعودية في التحرك نحو المصالحة، جاء لإثارة إعجاب الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة “جو بايدن”، عبر إنهاء ما تعتبره واشنطن خلافا يضر بجهودها المشتركة مع دول الخليج للجم إيران، علاوة على احتياج ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” الظهور بمظهر الحريص على الأمن الإقليمي أمام “بايدن”، لاسيما أن الأخير يمتلك تجاهه شعورا غير جيد.
وقالت الوكالة إن التقارب السعودي القطري والتوجه نحو إقرار مصالحة خليجية قد يقلل من نقاط الاحتكاك المحتملة بين الرياض والحكومة الأمريكية المقبلة التي من المؤكد أنها ستكون أقل تسامحا من إدارة الرئيس “دونالد ترامب”، والذي حمى المملكة بشكل مستمر من الانتقادات لسجلها في حقوق الإنسان.