نشرت صحيفة “الكونفيدينسيال” الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن العزلة التي عاشها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في قمة مجموعة العشرين، حيث أنه لم يظهر له الود سوى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من خلال التحية التي أثارت الكثير من الجدل.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إن رحلة ابن سلمان إلى بوينس آيرس للمشاركة في قمة مجموعة العشرين تعد أول رحلة يؤديها بعد قضية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، لتلميع صورته في الخارج. لكن يبدو أن الأمور لم تسر على ما يرام، حيث حط ابن سلمان الرحال في العاصمة الأرجنتينية وسط إجراءات أمنية مكثفة، وتنديدات تتهمه بأنه المسؤول الأول عن الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية في اليمن.
وبينت الصحيفة أن القاضي الفيدرالي أرييل أليخو، هو الذي سيتولى التحقيق في مجريات القضية، ويمكن أن يصل إلى حل نظرا لأن الأرجنتين هي واحدة من الدول التي تعترف بمفهوم العدالة العالمية. ولكن لا أحد تقريبا يعتقد أن الوقت سيكون كافيا لوضع الآليات اللازمة لاحتجاز ولي العهد في الأيام القليلة التي سيظل فيها في البلاد.
وخلال اليوم الافتتاحي للقمة، من المؤكد أن ابن سلمان قد لاحظ كيف أن معظم الزعماء الدوليين، مثل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد تجاهله ومر بجانبه دون أن يتحدث إليه، كما هو الحال بالنسبة لترامب، الذي أظهر بالكاد اهتمامه به، من خلال إيماءة بسيطة.
وأوردت الصحيفة أن ابن سلمان قد تمكن من إجراء محادثات قصيرة مع عدد من زعماء الدول. لكن ذلك لن يكون كافيا للدبلوماسية السعودية حتى تتمكن من الدعوة إلى إجراء اجتماعات دولية لولي العهد في أروقة مجموعة العشرين.
وأبرزت الصحيفة أن هناك عددا قليلا من القادة الذين عبروا عن استعدادهم لأخذ صورة مع ولي العهد السعودي، على غرار رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ورئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، والرئيس الصيني شي جين بينغ. وقد فضل هؤلاء عدم إيلاء الكثير من الاهتمام لموجة الغضب التي اجتاحت العالم العربي ضد ابن سلمان، وهم يُعتبرون في كثير من الأحيان من القادة المنافقين.
ومن بين القادة الأوروبيين، مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي سبق له أن أبدى استعداده لعقد لقاء ثنائي مع ابن سلمان، الاستثناء الأبرز. وهو ما شاهدناه قبل بدء مراسم الافتتاح، حيث كان ماكرون جادا وغير متأثر بابتسامة الأمير السعودي، مشيرا إلى موقف فرنسا تجاه السعودية قبل مقتل خاشقجي .
وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثار الجدل خلال هذه القمة، خاصة بسبب وضعيته السيئة على الساحة الدولية بسبب الأزمة بين روسيا وأوكرانيا في بحر آزوف، ما دفع ترامب إلى رفض الاجتماع معه. في المقابل، كان اللقاء بين الرئيس الروسي وابن سلمان وديا جدا، حيث تصافحا بحرارة وربّت كل منهما على كتف الآخر، كما بدت علامات الارتياح واضحة عليهما إلى حد ما.
وأفادت الصحيفة بأنه في رقعة شطرنج الشرق الأوسط، من سوريا إلى إيران، تلعب كل من روسيا والمملكة العربية السعودية على جانبين متقابلين. لكن كما أشار بعض المراقبين، فإن العزلة المتنامية لولي العهد قد تدفع الرياض إلى التحالف مع موسكو. وفي خضم هذه المرحلة، من الواضح أن آل سعود ليسوا مستعدين للتضحية بابن سلمان لإنقاذ العلاقات مع الغرب، مثلما يتوقع العديد من القادة الأوروبيين.
وبالنسبة لبوتين، فإن العلاقة الودية مع المملكة العربية السعودية منطقية إلى حد كبير على عدة جبهات، مثل الأوبك أو دعم النظام العسكري في مصر، لا سيما في الوقت الذي تحتل فيه روسيا فراغ القيادة الذي خلفته الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.