شبهات تدور حول علاقات لولي العهد السعودي محمد بن سلمان طالت شخصيات داخل الدائرة الصغيرة المحيطة به داخل المملكة، وأبرزها علاقته بسعود القحطاني الذي يواجه اتهامات بالإشراف على عمليات تحرش بناشطات سعوديات معتقلات، كما طالت أيضا دائرة علاقاته الكبيرة التي ثبت احتواؤها على شخصيات متورطة بقضايا جنسية بينها “التحرش بأطفال وأخرى بممارسة الجنس مع قاصرات”.
علاقة بن سلمان مع جورج نادر مورّد مواد إباحية للأطفال كشفتها تقارير إعلامية غربية، نشرت بعدها صورة لبن سلمان داخل قصر تاجر الجنس الملياردير الأمريكي المنتحر جيفري إيبستين، المتهم بالاتجار في جنس القاصرات والأطفال.
حسب الموسوعة الحرة “ويكيبديا” فإن بيدوفيليا (باللاتينية: Pedophilia) التحرش الجنسي بالأطفال أو الغلمانية أو الوَلَعُ بالأطفال غير البالغين الذين تقل أعمارهم عن 13 سنة يعد من الاضطرابات الجنسية الشهيرة.
جورج نادر
المحققون الأمريكيون مع جورج نادر، مستشار ولي عهد أبو ظبي، المتهم بحيازة مواد إباحية للأطفال، عثروا على “اتصالات مباشرة” بين المتهم و”ممثل عن محمد بن سلمان، وأعضاء من العائلة الحاكمة بالسعودية، لكن لم يحددوا ما إذا كانت الاتصالات هاتفية أو رسائل نصية أو كليهما. وفق ما ذكرت وجد وقفي مراسلة قناة الجزيرة في واشنطن.
وعقب القبض على نادر، انفردت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية بنشر صورة تجمع بن سلمان وجورج نادر مؤكدة وجود علاقة ود حميمية بين نادر المولع بجنس الأطفال وبين الأمير السعودي الشاب، ، في حين لم يتضح متى تم التقاط هذه الصورة تحديدا.
“نادر” هو رجل أعمال لبناني أمريكي مقرّب من حملة الرئيس ترامب ويعمل مستشارا لولي عهد أبو ظبي وكان شاهدا في قضية المحقق الخاص مولر، اعتقلته السلطات الأمريكية في يونيو/حزيران الماضي، في مطار جون أف كينيدي الدولي بنيويورك وتم احتجازه بسبب تهمة “نقل صور مرئية لقصر تظهرهم في أعمال جنسية واضحة”، حسب ما ذكرت وزارة العدل الأمريكية.
وتعود التهمة عندما دخل نادر الولايات المتحدة في زيارة سابقة في 17 يناير/كانون الثاني 2018، ووجدت صور جنسية صريحة لأطفال في هاتفه الشخصي عند دخوله أمريكا.
“نادر” (60 عاما) عنده سوابق بشأن تهم تتعلق بصور إباحية للأطفال تعود إلى عام 1985، واتهم حينها باستيراد مواد إباحية لأطفال من هولندا، وبعدها أسقطت التهم عنه لأسباب فنية.
وفي عام 1991 تم الحكم عليه بالسجن 6 أشهر، وتم التكتم على هذا الموضوع بسبب خدمة نادر للحكومة الأمريكية في مجال الأمن والاستخبارات. وذُكر أيضا أن نادر قضى عاما في التوقيف في جمهورية التشيك أوائل العقد الأول من القرن الجاري بتهمة ارتكاب جرائم جنسية ضد قصّر.
ويواجه نادر عقوبة لا تقل عن 15 عاما بالسجن وقد تصل إلى 40 عاما إذا ثبتت التهم عليه.
ووفقًا للمدعين العامين، كما ورد في قرار قاضي محكمة المقاطعة الذي اقترح حجز الأدلة في قضية عام 1985، فإن نادر “تلقّى رزمة تحتوي تسجيلًا مصوّرًا لصبية صغار ينخرطون في أفعال جنسية”، إضافة إلى “صور أخرى تظهر صبية وهم عراة”، حسب موقع “ذا إنترسبت”.
ويضيف الموقع أن السلطات بدأت بحثا بناء على أمر الاعتقال، وتم العثور على مادة مشابهة في غرفة استأجرها نادر داخل أحد منازل واشنطن.
ووفقا لوثائق المحكمة، تم الحكم برفض الأدلة التي عثر عليها في المنزل عندما تم الطعن على مذكرة التوقيف، لكن المواد المقدمة في الحزمة الأصلية لم يتمّ الحكم برفضها في ذلك الوقت. وفي يوليو/تموز 1986، قبيل المحاكمة أمام هيئة المحلفين، تم رفض التهم، وفقا لورقة مجدولة من محكمة المقاطعة في واشنطن.
وينوّه الموقع إلى أن ملفّات المحاكمة لا تتوفّر كلها على الشبكة العنكبوتية، كما أن أسباب رفض التهم والأدلة لا تزال غير واضحة.
قمة سرية
موقع “ميدل إيست آي” سبق أن ذكر في مارس/آذار 2018، أن جورج نادر نظّم قمة سرية لزعماء عرب على يخت في البحر الأحمر أواخر 2015، جمعت كلا من محمد بن سلمان، ومحمد بن زايد، والسيسي، وولي عهد البحرين سلمان بن حمد آل خليفة، وملك الأردن عبد الله بن الحسين.
زعم نادر إن دولهم، بالإضافة إلى ليبيا التي لم تكن ممثلة في القمة السرية، ستشكل نواة الحلف المؤيد للولايات المتحدة وإسرائيل. واقترح على القادة الذين تجمعوا على اليخت، إنشاء مجموعة إقليمية نخبوية من 6 دول، من شأنها أن تحل محل مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية.
وفي يوليو/تموز الماضي وعقب القبض على نادر، ظهرت قضية القبض على رجل الأعمال الأمريكي الثري جيفري أيبستين المتهم بجرائم جنسية، أبرزها التحرش بالأطفال والمعروف عنه هوسه بالقاصرات، وفق ما ذكرت الصحفية الفرنسية التي تعمل في الشرق الأوسط كلوي بيونسيت في مقال بموقع ميدل إيست آي.
الصحفية نقلت عن تقارير إعلامية ووثائق المحكمة تفاصيل جديدة حول حياة أيبستين، بما في ذلك علاقاته بالشرق الأوسط، لا سيما شخصيات في السعودية وإسرائيل. وأشارت بيونسيت إلى ما يعرف الآن بـ”دفتر أيبستين الأسود”، الذي نسخه خادمه الشخصي ونشره عام 2015، لافتة أنه يضم العديد من جهات الاتصال التجارية البارزة.
وألمحت الصحفية الفرنسية إلى أسماء بارزة في دفتر العناوين شملت المستثمر الرأسمالي الإسرائيلي ياريف زغول، ورجل الأعمال السعودي عمرو الدباغ، والممول السوري السعودي وفيق سعيد، والرئيس التنفيذي البريطاني اللبناني أمادو فخري الذي قضى عامين في السجن في كوبا بسبب فساد مزعوم.
وأضافت أنه في تقرير كتبه صحفي نيويورك تايمز جيمس ستيوارت قال إن أيبستين أخبره أنه تحدث إلى السعوديين عن استثمار محتمل في شركة تيسلا التي يملكها الملياردير الأمريكي إلون ماسك، لكنه لم يفصح عن هوية هؤلاء السعوديين أو أي تفاصيل أخرى.
وحسب الصحيفة، تباهى أيبستين قبل عام من انتحاره “المشتبه فيه” بعلاقاته مع القادة السعوديين الأقوياء، بما في ذلك ولي العهد السعودي، وأظهر للصحفي صورة لبن سلمان معلقة في قصره بنيويورك في أغسطس/آب الماضي، وأخبر الصحفي أن “ولي العهد زاره مرات عدة وكانا يتحدثان كثيرا”.
كما ورد في دفتر عناوين أيبستين إشارات باسم “سعود، الأمير سلمان” يعتقد على نطاق واسع أنها للملك سلمان بن عبدالعزيز والسفير السعودي لدى الولايات المتحدة الأمير بندر بن سلطان.
صورة بن سلمان
صحيفة نيويورك تايمز التي نقلت عنها الصحفية الفرنسية معلوماتها، تساءلت في تقرير لها في أغسطس/آب الجاري، عن سبب وجود صورة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، على أحد جدران قصر الملياردير الأمريكي المنتحر.
وقال الكاتب جيمس ستيورات، إن إيبستين الذي كان يحاكم في قضايا الاتجار بالجنس وصاحب العلاقات مع المشاهير والأثرياء، والساسة والزعماء ومنهم محمد بن سلمان، كان لديه الكثير من المعلومات التي جعلت الكثيرين يتنفسون الصعداء حينما ماتت معه، عقب انتحاره في زنزانته.
وواجه أيبستين الذي كان يشغل مدير صندوق التحوط السابق، اتهامات بأنه استغل أطفالا لا تتجاوز أعمارهم الـ14 سنة لممارسة الجنس، وأنه موّل شبكة من أجل إمداده بضحايا محتملين، ولتجنيد أطفال جدد لاستغلالهم جنسيا.
الملياردير الأمريكي عثر عليه ميتا في زنزانته بنيويورك، في 10 أغسطس/آب الجاري، حيث كان ينتظر المحاكمة على خلفية اتهامات بتهريب بشر لأغراض جنسية والاعتداء جنسيا على العديد من السيدات بينهم مراهقات قاصرات، بحسب وسائل إعلام أمريكية.
الملياردير الأمريكي الذي تكشفت علاقته بـ”بن سلمان” حاول تبسيط جرائم التحرش الجنسي بالقاصرات والاتجار بالجنس، حين أكد في عام 2011 لصحيفة “نيويورك بوست” أنه ليس “وحشا مفترسا يبحث عن طرائده لإشباع رغبته الجنسية، أنا مجرد مذنب. والفرق بين الأمرين مثل الفرق بين جريمة قتل وسرقة كعكة”.
وبعد عقد كامل من الزمن ذهب الملياردير الأمريكي إلى السجن بعد إعادة فتح التحقيق في القضية التي حوكم على إثرها عام 2008، لكن التهمة الجديدة ليست استغلال قاصر بغرض الدعارة بل تهريب بشر لأغراض الجنس وهذه التهمة أبعد ما تكون عن جنحة سرقة كعكة.
كانت المستهدفات من بنات الطبقات الفقيرة والأسر المفككة ونزيلات دور الإصلاح، وكان المال الذي يعرضه أيبستين مقابل “خدماتهن” مثل الحلم بالنسبة إليهن.
وتقول النساء اللواتي ادعين عليه (بعضهن قاصرات) إن “سمسارات” تحدثن إليهن عند خروجهن من مدارسهن أو في أماكن عملهن. وتقوم “السمسارات” باقناعهن بالقيام بتدليك غير جنسي لقاء بضع مئات من الدولارات لرجل نيويوركي يتمتع بنفوذ كبير ويمكن أن يساعدهن في إطلاق مستقبلهن المهني.
وبعد دخولهن إلى المقر الهائل لرجل المال بالقرب من حديقة “سنترال بارك” تتم قيادتهن إلى “غرفة التدليك” في الطوابق العليا. كانت هذه الغرف التي تزينها صور نساء عاريات هي المكان المخصص للاعتداءات التي تصل في بعض الأحيان إلى اغتصاب جنسي، كما قال عدد من النسوة الضحايا.
صحيفة الاستقلال