نشرت صحيفة “الإسبانيول” الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن مخلفات أربع سنوات من الحرب اليمنية، التي نجمت عنها أخطر أزمة إنسانية في العالم.
وقالت الصحيفة، في تقريرها، إنه بالنظر إلى الملايين من المتضررين من الحرب وانتشار المجاعة وارتفاع معدل وفيات الرضع، يبدو أن البلاد تعيش على صفيح ساخن.
وفي هذا السياق، تسلط الصحيفة الضوء على مفاتيح الصراع الذي يغرق فيه ولي العهد السعودي تدريجيا، انطلاقا من بيع الأسلحة إلى البلدان المعنية بالحرب ووصولا إلى المصلحة الاستراتيجية من البلاد. ولفهم هذا الصراع، الذي تسبب في أضرار جسيمة، يتعين العودة بالوراء إلى عدة سنوات مضت.
وبينت الصحيفة أن أصل النزاع يعود إلى ما بين سنة 2010 و2012، حين مثّل الربيع العربي ضربة للتمرد وعدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي في العديد من بلدان شمال أفريقيا والشرق الأوسط، التي ثارت شعوبها ضد الأنظمة الاستبدادية. وفي اليمن تحديدا، أطاحت الاحتجاجات بالرئيس السابق، علي عبد الله صالح، الذي بدأ حكمه للبلاد في سنة 1990، ليحل محله عبد ربه منصور هادي، الذي حظي بالاعتراف الدولي، في سنة 2012.
لكن، لم يكن صالح يرغب في الاعتراف بسلطة هادي. وبمساعدة الحوثيين، سعى إلى استعادة السلطة واستولى الحوثيون على صنعاء في سنة 2015. لذلك، اضطر هادي إلى اللجوء إلى المنفى في المملكة العربية السعودية. في الأثناء، برز جانبان على الساحة اليمنية؛ الحوثيون وإيران الذين يدعمون صالح من جهة، والمملكة العربية السعودية والإمارات اللتين تدعمان هادي من جهة أخرى. وكانت النتيجة حربا تسببت في مقتل مئات الآلاف من اللاجئين، والمجاعة التي عصفت بالبلاد.
ونقلت الصحيفة عن رئيسة بعثة منظمة العمل ضد الجوع، فالنتينا فيرانتي، قولها إن “البلاد قد تشهد سيناريو حقيقيا للمجاعة إذا لم تصل المساعدات إلى جميع المناطق واستمر الصراع مع مرور الوقت. إن الأشخاص الأكثر ضعفا هم الأكثر تضررا من النزاع، كما أن الوصول إلى الأغذية محدود للغاية”.
وأضافت الصحيفة نقلا عن منظمة العفو الدولية، أن دولا أوروبية على غرار بلجيكا وهولندا واليونان، قد أوقفت بيع الأسلحة، إن كان ذلك كليا أو جزئيا، للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وغيرهما من الحلفاء الذين يشنون حملات قصف على اليمن. على صعيد آخر، وفي أعقاب اغتيال الصحفي جمال خاشقجي في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، الذي تبعه إلقاء المجتمع الدولي باللوم مباشرة على ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان في هذه القضية، توقفت دول أخرى، من قبيل النرويج وفنلندا والدنمارك، عن بيع الأسلحة للسعودية.
تجدر الإشارة إلى أن الحرب اليمنية تضع مصالح كل من المملكة العربية السعودية وإيران في مواجهة حاسمة، حيث أن كلا منهما تدعم طرفا مختلفا ومتورطا في الأعمال العسكرية العدوانية التي شهدتها البلاد. ومما لا شك فيه أن الأمير السعودي، محمد بن سلمان، يعتبر المسؤول “جنائيا” عن جرائم الحرب التي ارتكبها السعوديون في اليمن. في السياق ذاته، يلعب الصراع اليمني دورا أساسيا في تدهور علاقة الأمير بوالده الملك سلمان بن عبد العزيز، لدرجة أن سلمان كان سيحد من صلاحيات ولي العهد في السلطة ومسؤولياته داخل المملكة.
وأفادت الصحيفة أن اليمن تمثل “جوهرة” استراتيجية بالنسبة للعديد من الأطراف، بفضل مضيق باب المندب الواقع بين خليج عدن والبحر الأحمر والذي يربط بين المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط. وبحسب إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، مر حوالي 4.8 ملايين برميل من النفط الخام عبر المضيق بشكل يومي في سنة 2016. وتشير التقديرات إلى أن المملكة العربية السعودية تستخرج ما تصل نسبته إلى حدود 65 بالمئة من النفط اليمني بصفة غير قانونية.
وأشارت الصحيفة إلى أن كل المحاولات لإنهاء النزاع باتت بلا جدوى. ففي 13 كانون الأول/ديسمبر 2018، وقّعت الأطراف الموالية لكل من علي عبد االله صالح وعبد ربه منصور هادي اتفاقا في ستوكهولم يتضمن التزاما بوقف إطلاق النار وانسحاب القوات من مدينة الحديدة المحتلة، التي تمثل النقطة الأساسية لوصول المساعدات. وعلى الرغم من ذلك، لم تحقق هذه الهدنة نتائج ملموسة.
وفي الختام، ذكرت الصحيفة أن الخبراء يعتقدون أن الهدنة ستدوم طالما أن المملكة العربية السعودية تقع في دائرة الجدل الدولي الذي تسببت فيه قضية خاشقجي. كما يرى الخبراء أن الهدنة “رمزية” فحسب، وتخلو من أي معنى على أرض الواقع.